نقص الغذاء العالمي
نقص الغذاء يشكل مشكلة خطيرة تواجه العالم بأسره، وتعود أسباب ندرة الغذاء إلى عوامل اقتصادية وبيئية واجتماعية، مثل فشل المحاصيل وزيادة السكان وسياسات سيئة للحكومات، وهي السبب الرئيسي لندرة الغذاء في معظم البلدان .
تحدد العوامل البيئية نوع المحاصيل التي ستنتج في مكان محدد، وتحدد العوامل الاقتصادية قدرة الشراء والإنتاج، وتحدد العوامل الاجتماعية والسياسية توزيع الأغذية على الجماهير. ونقص الغذاء يتسبب في آثار سلبية طويلة وقصيرة المدى، مثل الجوع وسوء التغذية وزيادة الوفيات والاضطرابات السياسية. وهناك حاجة للتعامل جماعيا مع قضية نقص الأمن الغذائي باستخدام التدابير الطارئة والتدابير طويلة الأجل .
أسباب نقص الغذاء العالمي
الزيادة السكانية أعلى من إنتاج الغذاء
يوجد عدد من العوامل الاجتماعية التي تسبب نقص الغذاء، حيث أن معدل زيادة السكان أعلى من زيادة إنتاج الغذاء، ويتم استهلاك العالم للغذاء بشكل أكبر مما يتم إنتاجه، مما يؤدي إلى نقص مخزون الأغذية وزيادة أسعارها بسبب الطلب المتزايد على الكميات المحدودة المتاحة، وتم تخصيب الأراضي الزراعية لصالح المستوطنات البشرية بسبب الزيادة في عدد السكان، مما يؤدي إلى تقليل الإنتاج الزراعي .
انحصار السكان في مكان معين
تؤدي زيادة كثافة السكان في منطقة معينة إلى التحضر في الحقول الزراعية الغنية التي كانت موجودة سابقا. تسبب تدمير الغابات، وخاصة الغابات المطيرة المدارية، من أجل استيطان البشر في تغيرات مناخية مثل الجفاف الطويل والتصحر. وزيادة السكان تعني زيادة التلوث، حيث يستخدم الناس مزيدا من الوقود في السيارات والصناعة والطهي المنزلي، والتأثير الناتج هو زيادة تلوث الهواء والماء الذي يؤثر على المناخ وإنتاج الغذاء .
التغير المناخي الشديد
ساهمت العوامل البيئية بشكل كبير في نقص الغذاء، حيث أدى التغير المناخي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي. والتغير في المناخ ينجم بشكل رئيسي عن الأنشطة البشرية، وإلى حد ما عن الأنشطة الطبيعية، وزاد احتراق الوقود الأحفوري بسبب زيادة عدد السكان واستخدام محطات توليد الكهرباء والنقل بالسيارات وتعدين الفحم والنفط، مما يؤدي إلى انبعاث غازات الدفيئة التي تستمر في التأثير على المناخ العالمي. وأدت إزالة الغابات المدارية بسبب الضغط البشري إلى تغيير الأنماط المناخية ومواسم سقوط الأمطار، مما أدى إلى التصحر الذي لا يمكن أن يدعم إنتاج المحاصيل .
تعدد أشكال التلوث
التلوث يظهر بأشكال متنوعة، وتشمل هذه الأشكال تلوث الهواء وتلوث المياه وتلوث التربة، وتسبب النمو السكاني في رعي غير مسؤول وإزالة الأشجار من الأراضي الزراعية، مما يؤدي إلى تقليل حجم وخصوبة الأراضي الزراعية بسبب تآكل التربة، وتسبب زيادة تراكم الملوثات الصناعية والجزيئات الصلبة والتربة في المسطحات المائية في تلوث المياه .
جفاف وتدهور الأراضي الزراعية
يؤثر تدهور الأراضي بسبب الأنشطة البشرية المتزايدة سلبا على الإنتاج الزراعي، وتتزايد الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والعواصف المدارية والجفاف الذي طال أمده، وله آثار مدمرة على الأمن الغذائي وخاصة في البلدان النامية، ويعد الجفاف السبب الرئيسي لندرة الغذاء في العالم، حيث أدت سنوات الجفاف المتتالية إلى فشل المحاصيل على نطاق واسع وفقدان الثروة الحيوانية في القرن الأفريقي وأمريكا الوسطى، كما تسببت الفيضانات الأخيرة في تشريد العديد من الأشخاص، مما أدى إلى تدمير المحاصيل والحيوانات في أجزاء من الهند وغيرها من دول العالم الثالث .
تأثير العوامل الاقتصادية على نقص الغذاء
هناك عدة عوامل اقتصادية تسهم في نقص المواد الغذائية، وتؤثر هذه العوامل على قدرة المزارعين على المشاركة في الإنتاج الزراعي. وقد أدى انخفاض مستوى الفقر في الدول النامية إلى تقليل قدرتها على إنتاج الغذاء، حيث لا يستطيع معظم المزارعين تحمل تكاليف البذور والأسمدة، ويعتمدون على أساليب زراعية فقيرة لا تحقق الإنتاجية المطلوبة. كما تسببت التكاليف المرتفعة للأرز والسلع الأساسية الأخرى في عدم قدرة الفقراء على تحمل تكاليف الغذاء حتى عند توفره. وتستثمر الدول النامية بشكل ضعيف في البحوث الزراعية والتنموية، وما زال المزارعون في هذه الدول يستخدمون ممارسات زراعية قديمة، ويعاني الإنتاج الزراعي من البذور ذات العائد المنخفض والبنية التحتية الفقيرة. وأدت الأزمة المالية العالمية الأخيرة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض الاستثمارات في الزراعة من قبل الأفراد والحكومات في الدول المتقدمة، مما أدى إلى انخفاض إنتاج الغذاء .
آثار نقص الغذاء العالمي
هناك عدد من الآثار القصيرة المدى لنقص الغذاء، وتكون تأثيره واضحا جدا على الأطفال والأمهات وكبار السن كما يتضح من الوفيات الناجمة عن سوء التغذية والجوع. يقلل من تركيز الأطفال في الفصول الدراسية ويقلل أيضا من فعالياتهم الاجتماعية والرياضية التي تعتبر ضرورية لنموهم .
لدى الأمهات طاقة أقل لرعاية أطفالهن الصغار وكذلك للتفاعل اللفظي، ويستسلم الأطفال للجوع خلال فترة قصيرة حيث لا يمكنهم تحمل فترة طويلة من الجوع، ويموتون حتى قبل وصول المساعدات الطارئة. وأدت سنوات عديدة من الجفاف المتزايد بسبب الحروب الأهلية في الصومال إلى نزوح اللاجئين الصوماليين في كينيا وإثيوبيا أثناء فرارهم من البلاد بحثا عن الغذاء والسلامة، ويعاني معظم الأطفال الصوماليين الفارين من سوء التغذية؛ لأن معظم الكبار والأطفال الفارين يستسلمون حتى الموت في الطريق، وبعد أيام قليلة من وصولهم إلى مخيم اللاجئين .
تؤثر نقص الغذاء على المدى الطويل بزيادة أسعار المواد الغذائية بسبب الطلب والعرض، وترتبط بزيادة تكلفة إنتاج الغذاء بسبب ارتفاع أسعار الوقود والجفاف في المناطق المنتجة للحبوب، مما يؤدي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية في العالم، كما يزيد ارتفاع أسعار النفط من أسعار الأسمدة وتكاليف نقل المواد الغذائية وزراعتها، ويزيد الطلب على نظام غذائي متنوع بين السكان الآسيويين من الطبقة المتوسطة المتنامية، مما يؤدي إلى نقص المخزون الغذائي وزيادة أسعار المواد الغذائية عالميا، وتتسبب زيادة أسعار المواد الغذائية في الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في العديد من دول العالم .
حل مشكلة نقص الغذاء
هناك حلول لمشكلة نقص الغذاء، منها تقليل انبعاثات الكربون والتلوث لتقليل التغير المناخي من خلال الجهود المتضافرة والفردية. كما يجب على الحكومات الاستثمار في الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والطاقة النووية والطاقة الحرارية الأرضية في المنازل والصناعات، لأنها لا تترك آثارا سلبية على البيئة. ويجب على الدول الأغنى مساعدة الدول الأفقر في تطوير واستخدام الطاقة النظيفة والمتجددة لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، وتحتاج الحكومات للتعاون مع الهيئات المناخية والبنك الدولي والأمم المتحدة لتحقيق الأهداف المشتركة في تعزيز البيئة الخضراء .