دراسات عن سوء التغذية عند الأطفال
دراسات عن سوء التغذية عند الأطفال
هناك العديد من الدراسات التي أجريت حول مسألة “سوء التغذية عند الأطفال”، وتتمثل أبرز المحاور التي تم مناقشتها في تلك الدراسات، تعريف سوء التغذية لدى الأطفال، والأمراض الناتجة عنها، وأهم الأسباب والأعراض وطرق العلاج، دعونا نلقي نظرة تفصيلية عن تلك المحاور من خلال ذلك المقال.
يؤدي سوء التغذية بشكل عام إلى زيادة حدوث التقزم (قصر القامة) وزيادة أو نقصان مفرط في وزن الطفل، حيث يمكن أن يكون الطفل سمينا جدا أو نحيفا جدا لدرجة الهزال بالنسبة لعمره. ومنذ عام 200، زادت نسبة الهزال لدى الأطفال بشكل كبير، ويعاني الأمهات في سن الإنجاب من السمنة المفرطة بنسبة تزيد عن 80٪، وفقا لتلك الدراسات.
تعريف سوء التغذية عند الأطفال
هو حالة مرضية تنجم عن خلل في نظام غذاء الطفل، مما يؤدي إلى تعرضه لمشاكل صحية مختلفة، وتشمل سوء التغذية لدى الأطفال في اتجاهين متعاكسين
الاتجاه الأول: نقص التغذية
يتمثل نقص التغذية في عدم توفر مصادر كافية من البروتين والطاقة والعناصر الغذائية الأخرى، مما يؤدي إلى فقدان الطاقة وحدوث حالة من الكسل والخمول، وفقدان الحيوية وبالتالي النحافة المرضية “الهزال”.
الاتجاه الثاني: الإفراط في التغذية
يتمثل هذا الاتجاه في الإفراط في تناول الطعام واستهلاك مصادر الطاقة والبروتين والعناصر الغذائية الأخرى بشكل كبير، وخاصة النشويات، مما يؤدي إلى الإصابة بأمراض السمنة في سن مبكرة.
يعاني الأطفال من سوء التغذية نتيجة تناولهم للوجبات الخفيفة التي تحتوي على مواد حافظة مثل الشيبسي والكعك والشوكولاتة التي يعتمدون عليها كثيرا في وجباتهم خلال اليوم، مما يؤدي إلى نقص شديد في الفيتامينات والمعادن.
يفتقد الأطفال تناول الطعام الصحي الذي يفيدهم أكثر من الوجبات السريعة أو السناكس المغلفة، والتي قد تؤدي إلى الإصابة بأمراض مثل السكري المبكر أو مقاومة الأنسولين في الدم. وبالطبع، ليس الأطفال هم المسؤولون، بل يعود الخطأ أساسا للآباء الذين لم يخططوا لنظام غذائي متكامل وزادوا من شراء الوجبات المغلفة ذات السكر العالي لأطفالهم.
تشخيص سوء التغذية عند الأطفال
ولكن لا يزال هناك فرصةٌ، فعلى الرغم من تقصير الآباء، يمكن اتباع بعض الطرق القياسية لتقييم مسألة سوء التغذية لدى الطفل ومن ثم السعي إلى علاجها، وتتمثل أبرز تلك الطرق في الآتي:
- اختبار Z-Score.
- مخططات النمو.
- مؤشر الوزن مقابل الطول (WLI).
- الوزن القياسي للارتفاع.
- مؤشر كتلة الجسم.
- وسمك طيات الجلد.
- معيار التشخيص السريري لسوء تغذية الأطفال.
ووفقا لنتائج تلك الاختبارات، تبين أن تحديد الحالة الغذائية للطفل باستخدام مؤشر أو مقياس واحد فقط أمر صعب جدا. يوصى باستخدام مقياس Z-Score لمراقبة الطول والوزن، ومعرفة الوزن بالنسبة للطول في نفس الوقت، وذلك للحصول على فهم أشمل.
أسباب سوء التغذية لدى الأطفال
هناك أربعة أسباب رئيسية لأزمة سوء التغذية لدى الأطفال، وتتمثل تلك الأسباب في ما يلي:
1- رداءة جودة النظام الغذائي للطفل
إن قلة جودة النظام الغذائي أحد الأسباب الأساسية لمشكلة سوء التغذية لدى الأطفال، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن مسألة سوء التغذية يهدد صحة وحياة الأطفال عالميًا، كما أن وفاة أكثر من 3 مليون طفل كل عام بالإضافة إلى حدوث أضرار صحية لملايين أخرى من الأطفال يرجع بصورة أساسية للنظام الغذائي السيء للطفل.
إن عدم حصول الأطفال على التغذية الجيدة يؤدي بدوره إلى إصابتهم بأمراض خطيرة، فعلى سبيل المثال يعتبر التقزم المزمن _ أي يكون الأطفال أقصر مما ينبغي بالنسبة لأعمارهم _ نتيجة لعدم حصول هؤلاء الأطفال على التغذية الصحية الكافية، بالإضافة إلى تدمير قدرات الطفل على المستوى البدني والإدراكي “المعرفي”.
2- صحة الأم السيئة
بالتأكيد، يعتبر سوء صحة الأم، سواء من الناحية النفسية أو الغذائية، سببا رئيسيا لسوء التغذية لدى الأطفال، حيث تبدأ البداية الأولى للصحة الغذائية للطفل منذ فترة الحمل وحتى عمر سنتين (فترة الرضاعة). فالأمهات اللاتي يعانين من سوء التغذية خلال فترة الحمل يواجهن مضاعفات خلال الولادة، وقد يولد الأطفال بحجم صغير جدا بسبب ذلك. بالإضافة إلى ذلك، فإنهن يواجهن صعوبة في إرضاع أطفالهن الرضع بطريقة طبيعية، حيث أن سوء الصحة النفسية والغذائية للأم يمكن أن يؤثر على كمية الحليب الطبيعي.
إذا لم يتلق الطفل الرضاعة الطبيعية خلال الأشهر الستة الأولى من عمره، فقد يعاني من سوء التغذية، خاصة في البلدان النامية التي تواجه مشاكل اقتصادية وعدم وعي بالنمط الغذائي الصحي المناسب للأطفال. لذلك، قامت منظمة Save the Children بمهمة نقل الوعي الغذائي للأطفال في تلك البلدان، وتشمل الدروس والأنشطة العملية وتعليم الأمهات عن أهمية النظام الغذائي الصحي خلال الحمل وفترة الرضاعة، وفوائد الرضاعة الطبيعية، وكيفية إعداد الوجبات الصحية.
تهدف منظمة `إنقاذ الأطفال` في هذا السياق إلى مساعدة الأمهات والرضع والأطفال في مختلف مراحل العمر، للقضاء على مشكلة سوء التغذية والوقاية منها، بالإضافة إلى تقليل حدة الجوع بين الأطفال.
3- الوضع الاجتماعي والاقتصادي
– تعد الفقر هو السبب الرئيس لمشكلة سوء التغذية للأطفال والكبار على حد سواء، حيث يعاني الأسر الفقيرة من عدم القدرة على الحصول على اللحوم والدواجن والفواكه والخضروات الطازجة بسبب نقص الموارد المادية، كما أنها غالبا ما تفتقر إلى المتاجر التي توفر جميع الخدمات والمنتجات الغذائية، وعند توفرها فإنها غالبا ما تكون باهظة الثمن، وبالتالي يتلقى الأهالي الفقراء طعاما غير صحي يؤثر على نمو الأطفال.
يتسبب ذلك في توقف نمو الأطفال، وفقًا لمجموعة من الدارسات في سوء التغذية للأطفال، حيث يعاني 9 من كل 10 أطفال من مشكلة التقزم، أي حوالي 139 مليون طفل في الدول ذات الدخل الاقتصادي المنخفض والمتوسط.
4- الحرب والصراع
تؤثر النزاعات والحروب على التغذية السليمة للأطفال، مما يؤدي إلى سوء التغذية وتوقف النمو وزيادة خطر الوفاة قبل سن الخامسة. ووفقا للأبحاث والدراسات العلمية، يتأثر أكثر من 240 مليون طفل غذائيا في البلدان التي تشهد صراعات وحروب، سواء كانت داخلية أو خارجية. على سبيل المثال، أدى الصراع في جنوب السودان إلى نقص الأمن الغذائي بشكل حاد، حيث عانى 61% من الأطفال من تلك الصراعات.
تدير منظمة إنقاذ الطفولة في جنوب السودان ما يقارب 58 موقعا لبرنامج تغذية للرضع والأطفال الصغار، وتقدم الدعم الصحي والغذائي في هذا الصدد.
بجانب السودان يوجد سوريا واليمن، حيث أن عدد الأطفال اللاجئين في سوريا معرضون لخطر سوء التغذية، حيث يشكلون أكثر من نصف الأطفال اللاجئين حول العالم، فلا يوجد دعم غذائي صحي، بينما ينشأ الأطفال في اليمن في صراعات مستمرة منذ سنوات عديدة مما تسبب هناك في تعرض كثير من الأطفال لخطر الوفاة نتيجة سوء التغذية.
أعراض سوء التغذية عند الأطفال
تشير الدراسات إلى أن أعراض سوء التغذية لدى الأطفال تشمل ما يلي:
- قلة أو توقف النمو.
- التعب والإرهاق وقلة الحيوية والنشاط.
- التهيج والقلق.
- انخفاض في معدل التطور السلوكي والفكري.
- صعوبات في التعلم أو تحقيق نتائج أقل في الدراسة.
- انخفاض في الشهية.
- قد يتعرض الطفل للاكتئاب.
- التقزم (قصار القامة بالنسبة لسنهم).
- النحافة أو الهزال.
- السمنة المفرطة.
- ضعف في الجهاز المناعي.
- الحواس مثل البصر والتذوق والشم قابلة للتأثر.
- تقلبات مزاجية.
أعراض أخرى
- شحوب وجفاف الجلد.
- التعرض للكدمات والطفح الجلدي.
- آلام في المفاصل.
- لين في العظام.
- نزيف اللثة.
- العشى الليلي.
- زيادة الحساسية للضوء.
علاج سوء التغذية عند الطفل والوقاية منه
في بعض الحالات الحادة لسوء التغذية عند الأطفال، وخاصةً الناتجة عن ظروف صحية أو اقتصادية طويلة الأمد، يتطلب العلاج تحت إشراف طبي أو في المستشفى.
أما العلاجات الأخرى تتمثل في الآتي:
- يتضمن التغيير الشامل في نظام غذاء الأطفال جميع العناصر الغذائية الصحية ومصادر الطاقة.
- يتم دعم الأسر الفقيرة أو المحرومة من خلال تقديم المساعدات الغذائية الشاملة.
- المكملات الغذائية من الفيتامينات والمعادن.
- مكملات غذائية لتزويد الأطفال بالطاقة والبروتين.
تتمثل الوقاية من سوء التغذية لدى الأطفال في اتباع أنظمة غذائية صحية تحتوي على العناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن اللازمة، وتناول وجبات صحية، والابتعاد عن تلك الوجبات السريعة أو الوجبات الخفيفة المغلفة والسكريات الصناعية.