نبذة عن حياةٌ الشاعر علي الحصري القيرواني
علي الحصري القيرواني
هو عبد الغني الفهري الحصري، الشاعر التونسي المعروف بلقب “القيرواني” نسبة إلى مدينة القيروان التونسية التي ولد فيها. يعرف أيضا بالفهري نسبة إلى حي الفهريين في مدينة القيروان، ويرتبط نسبه بعقبة بن نافع الفهري، الذي فتح تونس وأسس مدينة القيروان
يشير هذا المقطع إلى أن اسم “الحصري” كان يرتبط في السابق بصناعة الحصر، كما ذكرت بعض الروايات أن هناك مدينة تسمى “حصر” بالقرب من القيروان. وتدور بعض القصص والأساطير حول اسم “الحصري” أبو إسحاق، وتشير إلى وجود صلة قرابة بينه وبين مؤلف كتاب زهر الآداب أبي إسحاق الحصري
ولد أبو إسحاق الحصري في عام 420 هجري الموافق لعام 1029 ميلادي، وكان ضريرا، ورد أنه لم يولد ضريرا وإنما فقد بصره في الطفولة، وعاش في القيروان حتى توفي عام 488 هجري الموافق لعام 1095 ميلادي ودفن في مدينة طنجة
حياة علي الحصري القيرواني
حياته مليئة بالهموم والحزن، ويعود ذلك إلى العديد من المشاكل التي واجهها في حياته. عاش القيرواني في مدينة القيروان لمدة ثلاثين عاما، وتعلم القرآن الكريم وحفظه على يد مشايخ المدينة. كما تعلم اللغة العربية والبلاغة والأدب والشعر بشكل متقن. ساهم القيرواني بعلمه في نشر الثقافة والآداب إلى بلاد الأندلس بعد الدمار الذي حل بالقيروان. وقد شبه في علمه وشعره بالشاعر أبي العلاء المعري، الذي كان أيضا ضريرا
كان أبو إسحاق شاعرًا مشهورًا بعلمه وبلاغته في الشعر، وكان يفتخر به الحكام والأمراء الذين كانوا يصاحبونه في مجالسهم، وكان يصاحب المعتمد بن عباد لفترة طويلة في إشبيلية، وأصبح واحدًا من أهم الشعراء في بلاط الشعر عنده
شعر القيرواني اشتُهر بالهجاء اللاذع للملوك، ولهذا كان الحكام والأمراء يتسابقون لحضور مجالسه ويستخدمونه لإهانة خصومهم. وهذا الأمر زرع في قلوب العديد من الشعراء الضغينة من القيرواني، وظل القيرواني يتنقل بين حكام وأمراء الطوائف حتى انتقل إلى طنجة وتوفي فيها
تلقى العديد من الناس تعليمه منه وانتشروا عبر جميع أنحاء الأندلس، وكانت حياته الاجتماعية مليئة بالأحزان بسبب هجر زوجته له وفقدانه لابنه عبد الغني، الأمر الذي تأثر به حتى وفاته
مسيرة علي الحصري القيرواني الأدبية
أصبح القيرواني معروفا بشعره في جميع أنحاء الأندلس، حيث كان واحدا من أبرز الشعراء في عصره. لقد اهتم شعره بالعديد من طلاب العلم الذين تجمعوا حوله للاستفادة من تعليمه في الشعر والأدب. قد كتب القيرواني في مختلف أنواع الشعر، بما في ذلك الغزل والرثاء والمدح والهجاء.
قام القيرواني بتغيير كبير في الأدب عندما وصل إلى الأندلس، ما يدل على علمه وموسوعته الثقافية العظيمة، إذ قدم الكثير إلى الشعر وأضاف إليه، ومن أشهر قصائده “يا ليل الصب متى غده”، وكتب المعشرات، وألف كتابا يحمل عنوان “مستحسن الأشعار” وذلك أثناء حضوره جلسات الشعر في بلاط المعتمد بن عباد
وصف بقدرته على تنظيم الشعر في العديد من كتب التراجم بسبب علمه وبلاغته في هذا المجال، وما زالت له العديد من الدواوين المخطوطة حتى الآن، بمن فيها ديوان “اقتراح القريح واجتراح الجريح”، الذي كتب فيه حروف المعجم حتى رثاء ابنه عبد الغني الذي فقده
قد تم تشبيهه بأبي العلاء المعري، ولكنه مثله ضريرا، وكان منظما في شعره وملتزما بما كان يلتزم به أبو العلاء المعري في شعره أيضا. كانت شعرية القيرواني تعبر عن الحزن وفقدان الأحبة وتأثير ابتعاد زوجته عنه عندما كان في أشد الحاجة إلى وجودها بجانبه، وزاد حزنه بسبب فقدان ابنه، وتأثرت شعريته بهذه الأمور جميعا، مما جعل حياته وشعره يشبهان أبو العلاء المعري
دواوين علي الحصري القيرواني
لقد كتب الشاعر أبي إسحاق الحصري العديد من القصائد والدواوين الشعرية التي تغطي جميع أشكال الشعر، وقد كتب قصائد عن كل حدث وحالة عاشها، وتم تجميع كل قصائده في عدد قليل من الدواوين الشعرية المختلفة، ولكنها تحتوي على عدد كبير من القصائد الشعرية
مازالت جميع قصائد القيرواني معروفة حتَّى الأن ولكن أشهرها قصيدة يا ليل الصبّ متى غده، وتتميز هذه القصيدة بمفرداتها السهولة والواضحة التي عجز الكثير من الشعراء تنظيم قصيدة على نمطها وهذا يدل على إبداع القيرواني ومن الدواوين الشعرية التي تركها أبو إسحاق القيرواني ما يلي:
- اقتراح القريح واجتراح الجريح: قام بكتابة رثاء لابنه عبد الغني في هذا الديوان، وقام بترتيبه على حسب حروف المعجم.
- المعشرات: كتب قصائد شعرية عن الغزل والنسب، وكانت الكتابة على شكل عشرة أبيات، ووصل عدد أبيات الشعر في ديوانه إلى نحو 290 بيتا شعريا، والتزم في كتابته هذه الأبيات بترتيب حروف الهجاء
- القصيدة الحصرية: كتب أبو إسحاق القيرواني هذه القصيدة ونظمها عبر 213 بيتًا شعريًا، وكان موضوع القصيدة عن كل القراءات التي تعلمها وأتقنها في حفظ وتلاوة القرآن الكريم.
- كتاب مستحسن الأشعار: قام أبو إسحاق القيرواني بتأليف هذا الديوان لتمجيد المعتمد بن عباد، عندما كان يجلس في بلاطه مع الحكام والأمراء
- كتاب مستحسن الأشعار: خصص أبو إسحاق القيرواني هذا الديوان في مدح المعتمد بن عباد، وذلك عندما كان يجلس في بلاطه مع الحكام والأمراء.
اقتباسات من شعر الحصري القيرواني
لقد ذكرنا في موضوعنا كل المعلومات حول الشاعر التونسي القيرواني وأهم أعماله الشعرية وأهم وأشهر دواوين الشعر التي كتبها الذي جعلت الكثير من الطلاب يلتفون حوله لتتلقي علمه، وأمراء وحكام جميع الطوائف في عهده يتهافتون عليه لحضور مجالسهم الشعرية في بلاطهم وسوف نذكر فيما يلي أحدث الأمثلة على شعره ووحده من أهم قصائده الشعرية.
يقول علي الحصري القيرواني في قصيدته المشهورة:
يَا لَيْلَ الصَّبِّ مَتَى غَدُهُ
أَقِيَامُ السَّاعَةِ مَوْعِدُهُ
رَقَـدَ السُّمَّـارُ فَأَرَّقَـهُ
أَسَفٌ للبَيْنِ يُرَدِّدُهُ
فَبَكاهُ النَّجْمُ ورَقَّ لـهُ
ممّا يَرْعَاهُ ويَرْصُدُهُ
يقول علي الحصري القيرواني في قصيدة له:
أَما لَكَ يا داءَ المُحِبِّ دَواء
بَلى عِندَ بَعضِ الناسِ مِنكَ شِفاءُ
أَسيرُ العِدا بِالمالِ يَفديهِ أَهلُهُ
وَما لِأَسيرِ الغانِياتِ فِداءُ
أُسودُ الشَرى في الحَربِ تَحمي نُفوسها
بِنَجدَتِها ما لَم تعنَّ ظباءُ
يقول علي الحصري القيرواني في قصيدة أخرى له:
بكت رحمة للصب عين عدوه
فما لحبيب القلب لا يرحم الصبا
بخيل بأن يحيا القتيل بلحظة
وأن يرد الظمآن بارده العذبا
بعيد على أن الديار قريبة
فحتى متى بالبعد يمزج لي القربا
بنفسي حبيبًا خانني فهويته
فزاد قلى فازداد قلبي له حبا
ويقول علي الحصري القيرواني أيضًا:
ترى قبلتك الريح عني وبلغت
من السر ما استودعتها حين هبت
تحية مشتاق يعض بنانه
على قدم زلت ولم تتثبت
تركت التي من أجلها جد بي السرى
على أنني أحببتها وأحبت