انواع ” الادراك ” و العوامل المؤثرة فيه
دائما ما كان الإنسان وأفكاره وسلوكياته محط اهتمام العلماء والفلاسفة قديما وحديثا، حيث يركزون على أهمية فهم سلوكيات الأفراد ومواقفهم المختلفة في الحياة، بما في ذلك الانتباه والإدراك والتفكير والتذكر وغيرها من الأنشطة العقلية التي يقوم بها الإنسان
انفصل علم النفس في العصر الحديث عن العلوم الفلسفية ليتوسع ويتعمق في البحث عن البشر وأنشطتهم الفكرية والعقلية، ومن هنا ظهر علم النفس المعرفي الذي يهتم بدراسة وتحليل العملية العقلية والفكرية على جميع مستوياتها، والطريقة التي يمكننا استخدامها وتنظيمها
إن علم النفس المعرفي حسب تعريف البعض له فهو العلم المختص بعمليات الفرد العقلية والفكرية عندما يستقبل اي معلومة وهو أيضاً يعبر عن طرق معالجة هذه المعلومة وتخزينها واسترجاعها عند الحاجة لها، ويعد الإدراك من أهم هذه العمليات التي اهتم بها علم النفس المعرفي ودراستها ودراسة أنواعها وجميع جوانبها.
تعريف الإدراك
هناك العديد من التعريفات المختلفة التي ظهرت في علم النفس للإدراك، ومن أهمها : أنه عملية من العمليات العقلية التي يتعرف الفرد من خلالها على العالم الخارجي ،حيث انه يقوم باستقبال المنبهات الخارجية بحواسه ليقوم بتأويلها وتفسيرها على حسب إتجاهاته الذاتية.
يمكن وصف الإدراك بأنه عملية عقلية نفسية يستخدمها الإنسان لفهم دلالات الأشياء ومعانيها ولتعرف على العالم الخارجي، ويتم ذلك من خلال تنظيم وترتيب المحفزات الحسية وتفسيرها وصياغتها لتكون ذات معنى للفرد.
أنواع الإدراك
هناك نوعين من الإدراك وهم الإدراك الحسي والإدراك العقلي :
الادراك الحسي
يحدث الإدراك الحسي عندما يتم تنشيط أعضاء الحواس البشرية مثل العين أو الأنف أو الأذن بواسطة محفزات أو مثيرات موجودة في العالم الخارجي. يتم ترجمة هذه الإحساسات والمثيرات الخارجية إلى مفاهيم قابلة للتصور، وذلك يعتمد على المعرفة والتجارب السابقة للفرد. بمعنى آخر، عملية إدراك المحفزات والمثيرات الحسية تعتمد على المعرفة والمعلومات السابقة المخزنة في ذاكرة الشخص
بعض الناس يرون أن عملية الإدراك الحسي عملية معقدة للغاية، حيث تتم عن طريق دمج وتداخل بين خمس عمليات هي التذكر والشعور والانتباه والوعي واللغة
بشكل عام ، يمكن تعريف الإدراك الحسي بأنه يتم نقل العناصر الأولية للشعور عن طريق إيصال المنبهات الخارجية من الأعضاء الحسية في جسم الإنسان عبر الأعصاب الحسية إلى الدماغ
الإدراك العقلي
ما هو الإدراك العقلي وما هو الفرق بينه وبين الإدراك الحسي؟ سنشرح لكم هذا الأمر
يتميز الإدراك العقلي للإنسان بفهمه للحقائق والمفاهيم والمنطق والمسلمات ومعاني الحياة، وهو ما يميز الإنسان عن باقي المخلوقات الأخرى.
يتحمل الإدراك العقلي وحده مسؤولية فهم المفاهيم العامة التي تكون منفصلة عن أي مفهومة محسوس آخر، ويُطلق عليه أيضًا الحس الباطن والوجدانية الداخلية.
يعتمد الإدراك، سواء كان عقليًا أو حسيًا، على عمليات عقلية معقدة بسبب تداخل العوامل الداخلية والخارجية التي لها تأثير كبير على العملية الإدراكية.
العوامل المؤثرة في الإدراك
تعد العوامل التي تؤثر في الإدراك موضوعا يتحدث عنه علماء النفس بمختلف اتجاهاتهم. قد يرون البعض منهم أن هذه العوامل هي عوامل ذاتية فقط ويقتصرون على هذا الرأي، بينما يرون البعض الآخر أنها عوامل موضوعية فقط ويقتصرون على هذا الرأي أيضا، ويتجه بعض الأشخاص الآخرين إلى الجمع بين العوامل الذاتية والموضوعية، ويبررون ذلك بأن الذات المدركة تكمل الذات الموضوعية وينتج عنهما تأثيرات متبادلة
العوامل الذاتية المؤثرة في عملية الإدراك
–الذاكرة والخبرات والتجارب السابقة: تمنح التجارب التي يمر بها الإنسان خلال حياته الخبرة، حيث أن الشخص الذي لم يمر بتجربة ما فلن يكون لديه نفس الخبرة في التعامل معها أو في فهمها مثل من مر بها.
– الرغبة والميول: كلما كان شيء مرتبطًا بميول ورغبات وتخصصات الشخص، كان أقرب إلى فهمه. فعلى سبيل المثال، إذا رأى شخص مبنى معماريًا، فإن مهندس الديكور سينظر إلى الألوان والشكل الجمالي، بينما سينظر المهندس المعماري إلى التصميم وطريقة البناء والأساسيات، وهكذا.
– الشعور والحالة النفسية: يؤثر حالة الإنسان وشعوره على إدراكه للأشياء، فالحزن يجعله يرى العالم حوله بالظلام أحيانًا، في حين أن السعادة تجعله يراه بالعكس .
– العاطفة: قد تؤثر العواطف في بعض الأحيان على فهم الإنسان للأمور وتجعله يراها بشكل مختلف وأحيانا غير صحيح، مثلما يحدث مع الأم التي تتدخل عواطف الأمومة لديها في الحقائق المتعلقة بأبنائها
– الإرادة والتركيز: تتدخل إرادة الأفراد في مدى تركيزهم وقدرتهم على فهم الأشياء والوصول إلى النتائج المتوقعة، حيث يتم تحفيز الأفراد على بذل المزيد من الجهد لفهم الأشياء التي تهمهم.
– العادة: يؤدي الاعتياد البشري على شيء ما إلى تحسين إدراكه لهذا الأمر بشكل سريع، ومثال على ذلك هو عادة الآباء في تعليم أطفالهم الأكل باليد اليمنى والكتابة باليد اليمنى، مما يؤدي إلى تعويد الأطفال على استخدام اليد اليمنى في معظم الأمور.
العوامل الموضوعية المؤثرة في عملية الإدراك
تتعلق عوامل نظرية غشتالت بصفات الموضوع المدرك، ووضع أصحاب النظرية عدة قوانين لها
– قانون التقارب: ينص القانون على ضرورة تقارب الزمان والمكان لجعلها أقرب إلى الذاكرة، مما يسهل إدراك الأمور بدلاً من كونها متباعدة.
– قانون التشابه: أن التشابه في الأحجام و الألوان والأشكال والرائحة يجعل الأمور أسهل في الإدراك.
– قانون الاتصال: يكون إدراك الأمور والعناصر المتصلة أسهل من تلك التي لا ترتبط أو لا يوجد بينها علاقة.
-قانون الشمول:تجعل شمولية الأشياء إدراكها أسهل بكثير من غياب الروابط بين الأجزاء.
– قانون الغلق: يعني هذا القانون أننا نسعى للعثور على الحلول التي تغلق الفجوات في المسائل التي نريد فهمها.
– قانون البروز: تكون التعابير والصور البارزة أسهل في الفهم من التعابير والصور الغير بارزة.
-قانون الانتظام: يُسهِّل تنظيم الأمور فهمها بطريقة أفضل بالمقارنة بالأمور غير المنظمة.
– قانون الاستمرار الجيد: كلما استمرت الأمور مستمرة كلحظات المرح والسعادة، كلما كان من السهل إدراكها وتذكرها.
ومن هنا، يتعين علينا عدم الاكتفاء بالعوامل الذاتية أو الموضوعية فقط، بل يجب الجمع بين الرؤيتين لتحقيق الصواب .