نظريات العلاقات الدولية
تتضمن دراسة العلاقات الدولية والعلاقات بين الدول والمنظمات الدولية بعض المفاهيم والتي تشمل علوم سياسية وجغرافية وتاريخية واقتصادية وقانونية واجتماعية وفلسفية.
تطور نظريات العلاقات الدولية
ظهر مجال العلاقات الدولية في بداية القرن العشرين في الغرب، وتحديدًا في الولايات المتحدة التي بدأت قوتها ونفوذها في الزيادة.
النظرية الواقعية في العلاقات الدولية
في مجال العلاقات الدولية، هناك العديد من النظريات المتضاربة، بما في ذلك النظريات السياسية الواقعية، التي تؤكد على الجانب التنافسي بين الدول، وهذا يتعارض مع مفهوم المثالية والليبرالية التي تهدف إلى تعزيز التعاون. ترجح هذه النظرية أن الولايات هي العامل الفعال في العلاقات الدولية .
تُركز هذه الولايات على مصالحها الخاصة وتتصرف بما يخدم قوتها وسعيها نحو القوة، وتمثل النظرية الواقعية الجانب السلبي الذي يركز على مصالحها وقوتها ويثير الشك حول مدى أهمية الأخلاق في العلاقات بين الدول.
ومع ذلك، ليس كل الواقعيين ينكرون أهمية الأخلاق في العلاقات الدولية، فالواقعيون التقليديون لا ينكرون أهمية الأخلاق في صنع القرارات السياسية الدولية، ويقدرون أهمية اختيار الحل الأخلاقي في ظل توافر حلول أخرى، نظرًا لتأثيره السياسي على المنطقة.
الواقعية تشمل العديد من الأفكار وهنا يجب ذكر اسم هوبز لأنه ساهم بالكثير في هذه النظرية، الواقعية التقليدية تم استبدالها في القرن العشرين بالواقعية الحديثة التي تعتمد الأسلوب العلمي في فهمها للعلاقات الدولية ، كلا الواقعية الحديثة والتقليدية تعرضوا للنقد اللاذع من المفكرين الليبراليين ومن حاملي الأفكار الحديثة.
الواقعيون يرون أن الإنسان بطبعه أناني ومتمركز باهتمامه حول نفسه الأمر الذي يدفعه إلى تجاهل النقاط الأخلاقية في سبيل الوصول إلى مبتغاه والواقعية ترى أيضا أن مسؤولية كل ولاية الحفاظ على سلامتها والسعي نحو القوة وبهذا يروون أن القوة لها الدور الأكبر في صياغة العلاقات الدولية.
النظرية الليبرالية في العلاقات الدولية
تعد الليبرالية اليوم من ملامح الديمقراطية الحديثة، حيث يصف مصطلح الديمقراطية البلدان التي تمتلك انتخابات عادلة وتحمي حقوق المدنيين، وتحتوي الليبرالية على العديد من النظريات والنقاشات حول العلاقات الاقتصادية وكيفية تصرف المؤسسات .
إذا ما قورنت بالنظرية الواقعية، فإننا نجد أن النظرية النيووسطية تضيف نقاطًا إيجابية أكثر على العلاقات الدولية، وخاصةً أنها تأخذ بعين الاعتبار المدنيين والمؤسسات الدولية، وتحمل رؤية مشرقة للعالم. ويعتقد الخبراء أن هذه النظرية قد تطورت في ظروف مختلفة عن ظروف النظرية الواقعية.
النظرية الليبرالية تركز على الحق الأخلاقي الذي يضمن للإنسان حقا في الحياة والملكية وامتلاك حقوقه المدنية، وبناء على ذلك، يرون الليبراليون أن المجتمع البشري هو الأساس في بناء النظام السياسي. ولا يمكن للنظام السياسي الديكتاتوري ضمان حقوق مواطنيه، ولذلك، الهدف الأساسي لليبراليين هو إنشاء مؤسسات تضمن حقوق الأفراد. يقلل النظام السياسي من الجانب العسكري ويفضل سيطرة المدنيين على القوة العسكرية.
نظرية السلام الديمقراطي هي ربما النظرية الأساسية التي يعترف بها الليبراليون عن أنفسهم، وتقول إن الدول الديمقراطية لا تشن الحروب ضد بعضها البعض، لأنها لا ترى في الدولة الأخرى مصدرًا للتهديد، وبالتالي فإنها تميل إلى التعاون مع غيرها من الدول .
العناصر المرتبطة بالديمقراطية مرتبطة أيضا بالسلام، مثل الثقافة والاقتصاد والتعاون. النظرية الرئيسية المناقشة بواسطة الليبراليين هي أن العنف غير مجد وأنه يشكل تهديدا للحرية الشخصية، ويجب ضبطه. يضع الليبراليون حدا للقوة عن طريق فهم العلاقات المناسبة بشكل صحيح، ومن المهم أيضا أن ندرك أن هذه النظرية لا توفر عالما يوتوبيا، بل تشبه إلى حد بعيد النظرية الواقعية، ولكنها تعتمد بشكل أكبر على البراهين وتدعم بالحجج المنطقية.
النظرية البنائية في العلاقات الدولية
ظهور النظرية البنائية كان مرتبطا بنهاية الحرب الباردة، وهذا الحدث لا يمكن ربطه بالنظرية الواقعية أو الليبرالية. كما ركزت الولايات المتحدة بشكل كبير على الأفراد، وليس على التقليدية النظريات الدولية، ويجب الإشارة إلى أن نهاية الحرب الباردة كانت بسبب الأفعال العادية للأفراد، وليس بسبب المنظمات الدولية أو الدول.
ظهرت نظرية البناء الاجتماعي التي ترى أن المجتمع هو نتاج صنعنا وأفعالنا، وعادة ما يمثل هذا المفهوم الأشخاص المؤثرين أو القواد الذين يقومون بتشكيل وإعادة بناء هيئة المجتمع.
النظرية البنائية ترى العالم بكل مما نعرفه حوله بأنه شيد من قبل البشرية هذا يعني أن الواقع دائما قيد البناء وفي عبارات أخرى المعاني يمكنها أن تتغير عبر الزمن بالاعتماد على أفكار ومعتقدات حامليها، فيجادلون بأنه إذا تغيرت الأفكار تتغير العلاقات وأن الفوضى يمكن أن تفسر بعدة طرق استنادا إلى ما يؤمن به كل شخص على حدة.
يتضمن موضوعات أخرى مثل الهويات والاهتمامات في هذه النظرية، حيث يعتقد أن الهويات هي تعكس اهتماماتنا وفهمنا لأنفسنا.
أيضا تناقش هذه النظرية النمط الاجتماعي بأنه مجموعة من السلوكيات المقبولة التي يمارسها الفرد في إطار هويته بمعنى أن الأشخاص يتصرفون بما يتوافق مع الشكل المرسوم لشخصياتهم، هذه الفكرة أتاحت لنا تفسير لم بعض التصرفات مقبولة عند بعض الشعوب أكثر من الأخرى وهذا يعني أن الناس يتصرفون بشكل صحيح لإيمانهم بأن هذه هي الطريقة المثلى للتصرف. حيث أن السلوك يصبح فقط مقبولا عندما يعتنقه الأشخاص الذين يملكون السلطة ويتصرفون على أساسه.
تشير النظرية البنائية إلى أنها تصوغ الواقع الواضح، ولكن الجميع يعرف أن العلاقات والأفعال والأفكار هي التي تشكل الواقع، وترى هذه النظرية أن أفعالنا هي التي تشكل واقعنا ويمكنها تغيير شكل العالم، وأن الواقع ليس ثابتًا بل معرض للتغيير المستمر.
النظرية المثالية في العلاقات الدولية
دائمًا ما تتنافس النظرية المثالية مع النظرية الواقعية في الحصول على مكانة القيادة في مجال العلاقات الدولية، وكل منهما يقدم وجهة نظر متعارضة، ولكن يأمل كل منهما أن تكون النظرية التي يتم استخدامها لتفسير مجريات الأحداث حولنا هي النظرية السائدة.
تتضمن النظرية التقليدية الأفكار التي تقول إنه يجب التخلي عن الحروب واستخدام القوة لصالح العلم وضبط النفس والتعاطف، بينما يرفض الواقعيون العالم المثالي الذي صاغه المثاليون ويرون ضرورة استخدام الحرب والقوة في بعض الأحيان.
تهدف النظرية المثالية إلى تحسين العلاقات الدولية من خلال تقليل المجاعات وتقليل الحروب والفرص غير المتكافئة. يجب على الإنسان التخلص من العنف عن طريق التعليم والمنطق والعلوم المختلفة.
تعتمد النظرية المثالية بشكل أساسي على معارضة الحروب وإعادة هيكلة العلاقات الدولية على أساس الحكم الأخلاقي، وخلق مجتمع يتمتع بسعادة الإنسان.
يروي المثاليون أن الأخلاق هي ضمان لبناء مجتمع آمن ومتطور، ويمكن استخدامها في العلاقات المحلية والدولية لتخفيف العنف والألم في العالم
الخصائص الرئيسية هي أن طبيعة الإنسان جيدة وهو قادر على الأفعال الجيدة، وأن السلوك السيئ هو نتيجة لظروف سيئة، وبإعادة تشكيل الظروف يتم إعادة تشكيل الإنسان.
النظرية الخضراء في العلاقات الدولية
في عام 1960 ، زاد الوعي بالأزمة البيئية بسبب استهلاك الإنسان المفرط للمياه والأراضي والأسماك. أقروا الخبراء بأن أفعال الإنسان مسؤولة عن الاحتباس الحراري والمشاكل المتعلقة بذلك. يرون حاملو هذه النظرية أنه من واجبنا الاهتمام بمتطلبات الطبيعة بعد التركيز طويلا على اهتمامات الإنسان. قد تكون لهذه الآراء تأثيرا بعض الشيء ولكنها ليست مثل غيرها من النظريات الأخرى.
تؤكد هذه النظرية أنه إذا لم يتم التحرك بجدية والنظر بوضوح إلى هذه المسألة، فسيؤثر الأمر بشكل كامل على مستقبل الإنسان.