بماذا عاقب الله قارون
عندما تقرأ كتاب الله، فأنت تتعلم الكثير من الدروس والعبر المستمدة من عظمة الله جل وعلا على عباده، ومن خلال القراءة، نتعلم أن الله غفر لفلان وبعث فلان وعاقب فلان، وكل شخص بحسب أفعاله، ومن القصص الهامة التي نقرأها هي قصة قارون وعقاب الله له، وسنتحدث اليوم عن قريب من قارون ونعرف لماذا عاقبه الله تعالى.
كيف عاقب الله تعالى قارون
المال هو إحدى نعم الحياة الدنيا التي جعلها الله تعالى زينة، وبالإضافة إلى الأطفال. جعل الله المال محببا في نفوس الناس، مما جعله فتنة كبيرة بينهم، ويسعى كل شخص لجمع المال. ومع ذلك، يجب على الإنسان أن يدرك أن المال هو ملكية الله، وأن الشخص هو مجرد خليفة على الأرض يتولى هذا المال. ويجب أن يكون حذرا جدا في إنفاق المال.
وقارون كان واحدا من تلك العبيد الذين كانوا يشتملون على زينة الحياة، وهي زينة المال. فقد كان قارون واحدا من قوم سيدنا موسى عليه السلام، الذي أعطاه الله جل وعلا الكثير من المال والكنوز، وكان يضعها في العديد من الخزائن ويغلقها بمفاتيح. وذكر أن حجم المفتاح الواحد للخزائن لا يمكن حمله من قبل شخص واحد فحسب، بل يمكن حمله من قبل عدة رجال أقوياء، ويعود ذلك إلى أن المفتاح ثقيل الوزن والحجم.
وفي كتابه الكريم في سورة القصص، قال الله تعالى، بسم الله الرحمن الرحيم، (إن قارون كان من قوم موسى، فعصى عليهم وآتيناه من الكنوز ما لا يقدر عليه أحد غيره، وكانت مفاتيحه تثقل الكراهية والعداوة لدى الأشخاص القوياء الذين يدعمونه، حيث قال قومه له: لا تبتهج وتفرح، فإن الله لا يحب المتبتهجين)، بالتأكيد، قصة قارون جاءت بعد قصة فرعون مع موسى، وذلك يؤكد على عظمة وقوة الله الجبار في إدارة الأمور بين عباده ومعاقبة كل ظالم متكبر.
كان قارون شخصا متكبرا وظالما بشدة بسبب ثروته الوفيرة التي كانت بحوزته. حتى أن العديد من أتباع موسى قدموا له النصيحة وذكروه بالله العظيم، وحذروه من أن يفسد في الأرض وأن يستخدم ثروته في الظلم والاستبداد والقمع للناس. ولكن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل، حيث تباهى بثروته وزعم أنه جاء بها بجهوده وعلمه، وأن هذه الثروة هي نتيجة المنزلة العظيمة التي يحظى بها عند الله.
وقد عرف أن قارون استخدم ذلك المال للبطش بالناس، ولكن لم نعرف نوع البطش وكيفية استخدامه، ولكن من المؤكد أنه كان ظالما بين الناس، حتى أن الكثير من أقرانه حاولوا تقويمه وتوجيهه، ونصحوه بالترشد والتوبة، وأن يتقنع ويصرف المال بحكمة، حتى لا ينسى فضل الله عليه ويتذكر أن هناك يوما سيحاسب على ما صرفه من المال، ولكن قوم موسى كانوا يواجهون قارون بغرور كبير، حيث أنكر عليهم هذا الحديث بكل غرور وتكبر، وستظل كلماته تردد حتى يوم القيامة، حيث قال: “إنما أوتيته علما عندي”، ونسى قارون فضل الله عليه وأنه هو من رزقه تلك الثروة وأن الله قادر على أن يأخذها منه مرة أخرى.
وفي يوم من الأيام خرج قارون بشكله المعتاد في كامل زينته يستعرض ماله وقوته بين الناس، ولكن أراد الله تعالى ان يعطينا جميعا درسا كبيرة، فبينما يمشي قارون فرحا متباهي بين الناس يأمر الجبار الأرض فتبتلع قارون ويخسف به الارض، ذلك الجبار والمتكبر الذي كان يستند على ماله وقوته لم يستطع ان ينقذ نفسه من الهلاك، وقد جاءت نهاية قارون درس وعبرة لكل جبار في الأرض متكبر ينسى فضل الله عليه.