نظرية مسح المخ والأساليب المتبعة فيها
عملية مسح المخ، أو ما يعرف بـ (Brainwashing) بالإنجليزية، هي عملية أو نظرية يتم فيها تحويل أفكار وقيم وآراء ومعتقدات الفرد، وفرض قيم أخرى عليه، سواء كان ذلك من قبل دولة أو مؤسسة أو فرد. وتشمل عملية مسح المخ أيضا العديد من الأسماء الأخرى مثل إعادة التقويم وبناء الأفكار والإقناع الخفي والتلقين المذهبي وتغيير الاتجاهات وغيرها، وقد استخدمت عملية مسح المخ عبر التاريخ كأداة في الحروب للسيطرة على العقل البشري وإعادة توجيهه وفقا لمتطلبات النظام .
عملية مسح المخ
مسح المخ هي حيلة الغرض منها محو أفكار شخص ما، وإدخال أفكار جديدة، وأول من استخدم مصطلح مسح المخ هو الصحفي الأمريكي إدوارد هنتر، في منتصف القرن العشرين بعد الحرب الكورية، حينما كان يؤلف كتابا، ووجد كلمة صينية وترجمها وهي كلمة ( هسي ناو )، فكانت ترجمتها إصلاح الفكر، أو إعادة التشكيل الإيدولوجي، وهو برنامج يقوم على أن كل الناس الذين لم يثقفوا في المجتمع الشيوعي، يجب إعادة تثقيفهم وتأهيلهم ليصبح لديهم اتجاهات برجوازية .
– لاحظ إدوارد هنتر أن 33% من أسرى الولايات المتحدة الأمريكية يتبنون اتجاها جديدا ضد بلدهم، ويعزى ذلك إلى عملية ممنهجة ومنظمة لغسيل أدمغتهم وزرع الأفكار الشيوعية فيها ومحو الأفكار المعادية لها، ولذلك اهتم هذا الصحفي بالظاهرة الفريدة وكتب كتابا حولها ليعرض للعالم المخططات التي وضعها الشيوعيون لنشر مبادئهم وأفكارهم وتعاليمهم .
الأساليب المتبعة في عملية مسح المخ
1- العزل
من أول الأساليب التي تتبع في عملية مسح المخ هو عزل الفرد اجتماعيا، حيث يزج الشخص في زنزانة ذات جدران سوداء وأبواب حديدية، بمعزل عن الحياة العامة كلها ومعارفه وأصدقائه، ويترك هناك فترة من الزمن لا يتم فيها استجوابه أو توجيه أي تهمة إليه ، وبعد ذلك يتم إيهامه بأن بلده لم تسأل عنه، وأن كل عائلته وأصدقائه ومحبيه قد تخلوا عنه، فيشعر بالوحدة ويصبح حقلا مناسبا وتربة خصبة لتصديق التعليقات والتحذيرات المفزعة والمفجعة، وبعد فترة من الزمن بعد أن يصل الأسير إلى مرحلة شديدة من اليأس والوحدة والخوف، يبدأ استجوابه .
ومع ذلك، يكون عقل الأسير ضعيفا في ذلك الوقت بسبب الضغط النفسي الكبير الذي يتعرض له. ولا يستطيع اتخاذ القرارات الصحيحة في تلك الفترة، مما يجعله سهل الانقياد والإجبار عليه. وقد وصف الصحفي إدوارد هنتر هذه المرحلة قائلا: “لا يهم أن يكون الأشخاص الذين قابلهم قد جاءوا من دولة في أوروبا أو من الصين الحمراء، لأنهم تم غسل أدمغتهم وأخبروا أن بلادهم وكنيستهم وأصدقائهم تخلوا عنهم وخانوهم، وبالتالي يشعرون أنهم أصبحوا تماما وحدهم”. وقد استخدمت هذه الطريقة في أيام محاكم التفتيش التي كانت نشطة خاصة في القرن الخامس عشر والسادس عشر، واستخدمها النازيون مع الأسرى في معسكرات الاعتقال .
2- الضغط الجسمي
في هذا الأسلوب يبدأ هؤلاء الأشخاص بعملية ضغط نفسي على الفرد، من أجل أن يصل إلى مرحلة من الإعياء والانهيار، فيتبعوا مخططات مثل : حرمانه من الطعام والشراب، تكبيله بالأصفاد لعدم تعاونه معهم، استخدام بعض العقاقير المخدرة، وضعه في العراء في وقت شديد البرودة، حتى ينهار السجين، ويصبح عقله مهيئ للتنازل عن كل معتقداته، وتنفيذ كل ما يطلب منه، كما أنهم يحرمونهم من النوم الكافي، فيصبح ذهن الفرد مشوش، وهذا قد يدفعه إلى الانتحار للتخلص من وضعه، وهدفهم من هذا هو أن يصل الفرد لمرحلة الانهيار الكامل حتى يكون عقله على استعداد لتقبل أفكارهم .
3- التهديد وأعمال العنف
تتم هذه العملية بطريقتين، الطريقة الأولى : هي الطريقة المباشرة التي يتم فيها استخدام العنف ضد الشخص من ضرب وركل، وربطه إلى أسفل ووضع أحجار ضخمة فوقه، إلى غير ذلك من أشكال التعذيب الجسمي، أو بالطريقة الثانية : وهي طريقة غير مباشرة، يتم فيها التحدث مع السجين أو الأسير بكل هدوء، مع جعله يكتشف عن طريق شخص ما أن صديقه الذي لم يتعاون معهم أعدم أو تم تعذيبه جسمانيا، وأثناء الحديث يسمع صديقه في الغرفة المجاورة يصرخ من الألم .
4- الضغط والإذلال
تعتمد هذه الطريقة على الضغط على الأسير وإذلاله، وحرمانه من كل نشاط يرغب أن يقوم به حتى لو كان الاغتسال، كما يمنع من القيام بأي فعل حتى لو كان قضاء الحاجة دون أن يستأذن من الحارس، وفي بعض الأحيان يتم إجباره إلى الحديث مع الحارس وعينيه في الأرض ورأسه منحني إلى أسفل، كما يلجأوا إلى استجوابه لفترة زمنية طويلة من أجل إزعاجه ومضايقته وإذلاله .
5- الدروس الجماعية
تستخدم هذه الطريقة في الصين، حيث كان يتم دراسة العقيدة من خلال محاضرات جماعية، من أجل إثبات كل فرد للمعلومات التي تلقاها، مع عمل مناقشات يتم فيها سؤال المتعلم عن الأهداف التي استخلصها من الدراسات الشيوعية، وكيف يمكن أن يطبقها على نفسه، وكانت هذه المناقشات تدور في السجون، حيث يضغط الموظفون في السجن على الأسير أو السجين لكي يقيم ماضيه من وجهة النظر الشيوعية، حتى يعترف بإثمه وجريمته، وبذلك يتقبل الأسير وجهة النظر الشيوعية، فيتم الحكم عليه من قبل المحكمة حكم هين، من نصف عام إلى أربع أعوام، لأنه قد اعترف بخطئه وتقبل الأفكار الشيوعية .