من هو المسؤول عن النوم ؟.. والغرض من النوم وحكمته
فسيولوجية النوم
يعتبر النوم جزءا هاما من روتيننا اليومي، حيث نقضي حوالي ثلث الوقت في النوم. والحصول على كمية كافية من النوم في الأوقات المناسبة ضروري للبقاء على قيد الحياة مثل تناول الطعام والشرب. فبدون النوم، لا يمكنك تكوين أو الحفاظ على المسارات العصبية في دماغك التي تساعدك على التعلم وتكوين ذكريات جديدة، ويصعب التركيز والاستجابة بسرعة.
يعد النوم أمرا مهما لعدد من وظائف الدماغ، بما في ذلك طريقة تواصل الخلايا العصبية مع بعضها البعض، حيث يبقى دماغك وجسمك نشطين بشكل ملحوظ أثناء النوم. في الواقع، تشير النتائج الحديثة إلى أن النوم يلعب دورا مهما في إزالة السموم الموجودة في عقلك والتي تتراكم أثناء استيقاظك.
يحتاج كل شخص إلى النوم، ولكن الغرض البيولوجي لا يزال غامضا، ويؤثر النوم على جميع أنسجة وأنظمة الجسم تقريبا، بما في ذلك المخ والقلب والرئتين والتمثيل الغذائي والمناعة والمزاج ومقاومة الأمراض، وتشير الأبحاث إلى أن قلة النوم المزمنة أو النوم القليل بشكل عام يزيد من خطر الإصابة بالعديد من الاضطرابات، مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والاكتئاب والسمنة.
النوم عملية معقدة وديناميكية تؤثر على طريقة أدائك بطرق بدأ العلماء الآن في فهمها، ومنها
ما هو الجزء المسؤول عن النوم
تشارك العديد من الهياكل داخل الدماغ في عملية النوم، حيث تحتوي منطقة تحت المهاد، وهي بنية صغيرة في عمق الدماغ بحجم حبة الفول السوداني، على مجموعات من الخلايا العصبية التي تعمل كمراكز تحكم تؤثر على النوم والاستيقاظ. داخل منطقة تحت المهاد، توجد النواة فوق التصالبية (SCN) التي تتألف من آلاف الخلايا، وتستقبل معلومات حول التعرض للضوء مباشرة من العين وتؤثر في إيقاع السلوك اليومي. يعاني بعض الأشخاص الذين يعانون من تلف في SCN من اضطرابات النوم المتقطعة طوال اليوم، حيث لا يستطيعون مطابقة دوراتهم اليومية مع دورة الضوء والظلام. وعلى الرغم من ذلك، يحتفظ معظم المكفوفين ببعض القدرة على استشعار الضوء وقادرين على تعديل دورات النوم والاستيقاظ.
يتواصل جذع الدماغ، الذي يوجد في قاعدة الدماغ، مع منطقة تحت المهاد للسيطرة على التحولات بين الاستيقاظ والنوم. يحتوي جذع الدماغ على هياكل مثل الجسر والنخاع والدماغ المتوسط. تنتج خلايا المنام المحفزة داخل منطقة تحت المهاد وجذع الدماغ مادة كيميائية تسمى GABA، والتي تقلل من نشاط مراكز الإثارة في المنطقة تحت المهاد وجذع الدماغ. يلعب جذع الدماغ، وخاصة الجسر والنخاع، أيضا دورا مهما في الحركة السريعة للعين أثناء النوم، حيث يرسل إشارات لاسترخاء العضلات اللازمة لوضعية الجسم وحركة الأطراف، لكي لا نحقق أحلامنا.
يقوم المهاد بدور مرحل للمعلومات من الحواس إلى القشرة الدماغية، وهي الغطاء الذي يفسر ويعالج المعلومات من الذاكرة القصيرة المدى إلى الذاكرة الطويلة المدى، وخلال معظم مراحل النوم، يكون المهاد هادئا ما يتيح للفرد ضبط العالم الخارجي، ولكن أثناء حركة العين السريعة خلال النوم، يصبح المهاد نشطا حيث يرسل الصور والأصوات والأحاسيس الأخرى التي تملأ أحلامنا.
بعد ذلك، تتلقَّى الغدة الصنوبرية، الموجودة داخل نصفي الكرة المخية، إشارات من الشبكة العصبية المركزية وتزيد من إنتاج هرمون الميلاتونين، مما يساعد على النوم بمجرد إطفاء الأضواء.
الغرض والحكمة من النوم
لمعظم البالغين، يتطلب الأمر سبع ساعات على الأقل من النوم كل ليلة لتحقيق الوظائف الإدراكية والسلوكية الصحيحة، حيث يمكن أن يؤدي عدم الحصول على كافة ساعات النوم إلى تداعيات خطيرة. وأظهرت بعض الدراسات أن النوم غير الكافي يجعل الأشخاص أكثر عرضة للانتباه الضعيف والإدراك المنخفض والردود المتأخرة وتقلبات المزاج.
لذا، تم اقتراح أنه يمكن للأشخاص تطوير نوع من التسامح مع الحرمان المزمن من النوم، على الرغم من أن أدمغتهم وأجسادهم تكافح بسبب قلة النوم. فقد لا يكونوا على دراية بنواقصهم لأن قلة النوم تبدو طبيعية بالنسبة لهم. بالإضافة إلى ذلك، وكما ذكرنا، تم ربط قلة النوم بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض وحالات طبية معينة، وتشمل هذه الأمراض السمنة ومرض السكري من النوع 2 وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتة الدماغية وسوء الصحة العقلية والموت المبكر.
نصائح للحصول على نوم صحي
يمكن للأشخاص البالغين الذين لا يحصلون على قدر كاف من النوم كل ليلة، تطبيق بعض النماذج الحياتية الإيجابية والعادات النوم لتسجيل ساعات النوم اللازمة التي تتراوح بين سبعة إلى تسع ساعات، وتشمل هذه النماذج الحياتية والعادات النوم ما يلي:
- يجب تحديد موعد واقعي للنوم والالتزام به كل ليلة، حتى خلال عطلات نهاية الأسبوع.
- ينبغي مراقبة إعدادات درجات الحرارة المناسبة ومستويات الإضاءة المنخفضة في غرفة النوم.
- – “يجب التأكد من وجود بيئة نوم مريحة، بما في ذلك المرتبة والوسائد والملاءات.
- ضع في اعتبارك حظر استخدام الأجهزة الإلكترونية في غرفة النوم، مثل التلفزيون والحاسوب والأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة وغيرها.
- محاولة تجنب شرب الكافيين والكحول أو تناول الوجبات السريعة في الساعات التي تسبق موعد النوم.
- يجب تجنب تدخين السجائر في أي وقت من النهار أو الليل.
مدة النوم المناسبة التي نحتاج إليها
النوم ضروري ولكن ما هو المقدار اللازم من النوم في اليوم؟ للإجابة على هذا السؤال، أجرى الباحثون في جامعة بنسلفانيا وجامعة ولاية واشنطن تجربةً.
بدأ الفريق البحثي التجربة عن طريق جمع 48 رجلا وامرأة صحيحين كانوا ينامون لمدة سبعة إلى ثماني ساعات كل ليلة، ثم قسموا هؤلاء المشاركين إلى أربع مجموعات. فقد طلب من المجموعة الأولى البقاء مستيقظة لمدة 3 أيام متواصلة من دون النوم، وطلب من المجموعة الثانية النوم لمدة 4 ساعات في الليل، ونامت المجموعة الثالثة لمدة 6 ساعات في الليل، ونامت المجموعة الرابعة لمدة 8 ساعات في الليل. وفي هذه المجموعات الثلاث الأخيرة (4 و 6 و 8 ساعات)، تم مراقبة أنماط النوم لمدة أسبوعين متتاليين، وتم اختبار الأداء الجسدي والعقلي للمشاركين خلال التجربة.
لم يلاحظ أي تأثير سلبي على القدرات الإدراكية أو الانتباه أو المهارات الحركية للأشخاص الذين ناموا لمدة 8 ساعات كاملة خلال الدراسة التي استمرت 14 يوما. ومع ذلك، لوحظ تراجع التركيز وظهور ثغرات في مستوى التفكير بشكل مستمر في المجموعات التي نامت لمدة 4 ساعات و 6 ساعات يوميا. وكان أداء المجموعة التي نامت لمدة 4 ساعات أسوأ بكثير، بينما لم يكن أداء المجموعة التي نامت لمدة 6 ساعات أفضل بكثير. وبالتالي، يعتبر النوم لمدة 8 ساعات متواصلة يوميا هو الفترة المثلى التي يحتاجها الجسم.