قصة إسلام الصحابية هند بنت عتبة
: “هند بنت عتبة بن ربيعة القرشية، التي اشتهرت بقوت شخصيتها وجرأتها، تزوجت من أبي سفيان وأنجبت منه أربعة أبناء، وشاركت معه في غزوة أحد إلى جانب المشركين ثأرا لأخويها اللذين قتلا في بدر، وأغرت عبدا يسمى وحشيا بالمال حتى يقتل حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله، وأكلت قطعة من كبده، ثم أسلمت في اليوم الثاني لفتح مكة وحسن إسلامها، وشاركت في غزوة اليرموك مع زوجها إلى جانب المسلمين وظلت وفية بإسلامها حتى وفاتها في عام 13 هـ.
هند بنت عتبة بريئة:
هند بنت عتبة كانت من النساء المشهورات بقوة الشخصية والرأي، ولم تتعرض لمعاملة كنساء عصرها في بيت والدها، بل كان يؤخذ برأيها، وتزوجت من الفاكة بن المغيرة وأنجبت منه ابنها أبان بن حفص، وكان الفاكة يتميز بكرمه ولديه بيت يستضيف فيه الناس بدون موعد أو تقديم طلب استئذان.
وفي أحد الأيام جاء أحد الضيوف وكانت هند نائمة فلما دخل الرجل ووجدها نائمة انصرف على الفور فقابله ابن المغيرة في الخارج، فدخل على هند وأيقظها قائلًا : من الخارج، قالت : ما رأيت أحدًا قط، فقال لها : الحقي بأبيك، وخاض الناس في أمرهم حتى آتاها أبوها، فقال لها: أي بنية أنبئيني شأنك، فإنك صادقًا قتلته وانتهى الأمر وإن كان كاذبًا حاكمته إلى بعض كهان اليمن، قالت: والله يا أبت لكاذب فخرج عتبة قائلًا: إنك قد رميت ابنتي بعظيم، فإن تبين ما قلت وإلا فحاكمني إلى كهان اليمن، وبالفعل توجه الفاكة ومن معه وربيعة ومن معه على إلى كاهن اليمن، فلما شارفوا على الوصول، تغير وجه هند، فقال لها أبوها أي بنية، ألا كان هذا قبل ان يشتهر في الناس خروجنا، قالت : يا أبت والله ما ذلك لمكروه قبلي، ولكنكم تأتون بشر قد يصيبون وقد يخطئون، فقال لها أبوها : صدقت، ونادى على فرسه فأتاه فأدخل حبة بر في إحليل الفرس، فلما نزلوا إلى الكاهن فقال له عتبة : إنا أتيناك في أمر قد خبأنا لك فيه خبيبة، فقال الكاهن، حبة بر في إحليل فرس، فعرض عليه جميع النساء وجعل الكاهن يمسح راس كل واحدة منهم ويقول: قومي لشأنك، حتى أتى هند قال لها قومي غير رسحاء ولا زانية، وستلدين ملكاً يسمى معاوية، فلما خرجت أراد الفاكة مصالحتها، فقالت والله لأحرصن أن يكون ذلك الولد من غيرك، وبالفعل تزوجت من أبو سفيان وأنجبت من معاوية، عتبة، أم الحكم، جويرية.
هند بنت عتيبة وقتل حمزة بن عبد المطلب :
ويروي لنا التاريخ أن أخويها عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وابن اخوها الوليد بن عتبة تم قتلهم في موقعة بدر التي انتصر فيها المسلمون على كفار مكة، وحينما وصلها الخبر الذي فجعت له قالت : “أنا اعظم من الخنساء مصيبة” تعني مصيبتها في فقد أخويها، حتى يروى أنها قابلت الخنساء في سوق عكاظ وهو سوق سنوي كان يقام للشعراء، وجلست كل منهما ترثي أخويها وقالت هند :
أبكي عميد الأبطحين كليهما |
وحاميها من كل باغ يريدها |
أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي | وشيبة والحامي الذمار وليدها |
أولئك آل المجد من آل طالب | وفي العز منها حين ينمى عديدها |
علمت هند أن هناك غلاما يدعى وحشي بن حرب لديه مهارات جيدة في الرماية، فوعدته بمكافأة كبيرة إذا قتل حمزة بن عبد المطلب. وفعلا، شاركت هند في موقعة أحد، حيث دعت المشركين للقتال وحرضتهم، وفي تلك المواجهة قتل وحشي حمزة بن عبد المطلب. وبعد قتله، استدعت هند وأخرجت كبده وأكلت منه، وهذه العملية كانت جزءا من عادات الانتقام في الجاهلية، ولكن هند ندمت على ذلك بعد أن أسلمت.
إسلام هند بنت عتبة :
أسلمت هند وحسن إسلامها فقد أتت رسول الله في اليوم التالي لفتح مكة لمبايعته، ودخلت عليه وكان قد أهدر دمها يوم فتح مكة، إلا أن الله هداها للإسلام فأتت بين يدي رسول الله لنطق الشهادة ومبايعته، وشهدت مع رسول الله معركة اليرموك مع زوجها، وظلت تحرض المسلمين على القتال وتشجعهم عليه وتذكرهم بوعد الله والجنة، حتى يقبلوا على الجهاد.
يقال إنه عندما غادر عمر ولدها معاوية إلى الشام بعد وفاة أخيه يزيد بن أبي سفيان، قالت له هند: `والله يا بني، إنه نادر أن ألد حرة مثلك، وقد حثك هذا الرجل، فاعمل بموافقته. هل تحب ذلك أم تكرهه؟` وقال له أبو سفيان: `يا بني، إن هؤلاء المهاجرون سبقونا وتفوقوا علينا، فرفعهم سبقهم وتأخرنا. صاروا قادة وصرنا أتباعا. وقد تولاهم أمورا هامة. لذا فلا تختلف عنهم، فإنك تسعى إلى مصير طويل فتنافس فيه. إذا وصلت إلى هذا المصير، ستورثه بعدك.` استمرت هند في تحمل البلاء الحسن في إسلامها حتى وفاتها في عهد عمر بن الخطاب، في العام 13 هـ الموافق 636 م. رضي الله عنها وأرضاه.