اسلاميات

فضل رد الإساءة بالإحسان

رد الإساءة في الإسلام

غالبا ما يتعرض الإنسان للإيذاء من قريبيه وأشخاص بعيدين، ويشعر بالظلم والعداء، وأحيانا قد يغمره الغضب حتى يشعر بالعجز عن العفو والصفح والابتعاد عن الانتقام، وبالتالي ينشأ تبادل الإساءة والعداوة بين الأفراد، مما يؤدي إلى فساد وتدهور المجتمع وتعاظم الكراهية بين الناس.

في الدين الإسلامي، يعتبر العفو والتسامح وتنظيم الحياة المجتمعية أساسا. إنه دين يهدي الناس ويوجههم إلى النهج الذي يجب عليهم اتباعه. يدعو الدين الإسلامي إلى الاستجابة للإساءة بالإحسان بطريقة كريمة.

في كتابه العزيز، يقول الله عز وجل في سورة فصلت الآية 34: `ولا تستوي الحسنة ولا السيئة. ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم`. صدق الله العظيم. أمرنا الله تعالى بالرد الدائم بالحسنى وبالخلق الرفيع الذي يليق بخلق المسلم وتدينه، والتمسك بمكارم الأخلاق. فالبغض والكراهية من الشياطين وسبب لمفاسد الحياة والمجتمع. لذا أمرنا الله بالمحبة والرد بالحسنى والابتعاد عن الفاحشة والكراهية والعداوة. فالدين الإسلامي هو دين السماحة والهدى الذي جاء ليهدي الناس للحق والخير والعدل، ويبعد الظلم والأذى، وينير كل عتمة.

أول شرط في إسلام المرء وإيمانه هو المحبة، فإن الله تعالى يحب الذين يعفون ويصفحون ولا يردون الأذى بالمثل، فإذا رد الجميع كل أذى بالمثل، سيكون المجتمع كله فاسدا وسينتشر الفجور والفساد، والقرآن الكريم يدعو في العديد من الآيات إلى عدم الرد على الإساءة حتى لمن أساء إليك، وذلك تحريا للأخلاق الحميدة التي تبعد المرء عن الإيمان.

كما دعانا الرسول الكريم إلى المحبة، حيث قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، فأفشوا السلام بينكم”. وهذا يدل على أن المحبة والرحمة والإحسان هي شروط لدخول الجنة، وأن الله تعالى يحب المحسنين. ولذلك، فقد أمرنا الدين الإسلامي برد الإساءة بالإحسان.

كيف ترد الإساءة بالإحسان

الرد على الإساءة بالإحسان هو جهاد عظيم، إنه أمر عظيم لا يمكنه الكثير من الناس تحقيقه، فعادة ما يميل الناس إلى الانتقام والرد على الإساءة بنفس السوء، ومع ذلك، فإن الإسلام وضع قواعد للتعامل بين البشر، والرسول الكريم كان قدوة حسنة في جميع أفعاله وأقواله، حيث تعرض الرسول للظلم كثيرا ولكنه لم يرد بالمثل أبدا، ومن تعاليم الرسول في الرد بالإحسان على الإساءة:

  • عندما عاد إلى مكة بعدما طرده أهلها منها، وهي بلاده وبلاد أبيه، قال لهم `اذهبوا وأنتم الطلقاء` بعد أن ظنوا أنه سينتقم منهم عن إساءتهم السابقة بأضعاف.
  • كان هناك رجل يهودي يلقي القمامة والقاذورات أمام بيت الرسول، وعندما غاب يوماً ما، ذهب الرسول للاطمئنان عليه، وهذا يدل على أنه كان قدوة حسنة للمسلمين.
  • كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم”، فإن الشخص القوي ليس الذي يظهر عنفه بسرعة، بل القوي هو الذي يسيطر على غضبه، وهذا هو ما قصده الرسول الكريم في هذا الحديث، حيث يعني أن الشخص القوي هو من يتحكم في نفسه عند الغضب.

يجب على العبد المسلم أن يدرك في كل وقت أن الإساءة ترد لنفسه فتفسده، وذلك وضحه الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة فصلت آية 46: `من عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعليها، وما ربك بظلام للعبيد`، كما يقول في سورة الجاثية 15: `من عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعليها، ثم إلى ربكم ترجعون`.

من السبل التي يمكن استخدامها في التعامل مع المسيء هو تجاهل الإساءة وعدم الدخول في مواجهات عدائية، والابتعاد قدر الإمكان عن الأساليب العدائية. فالدين الإسلامي يأمرنا بطاعة الله والابتعاد عن كل ما يبعدنا عن ذكر الله وعبادته.

فضل الرد بالإحسان عن الإساءة في الإسلام

يمنح الدين الإسلامي دائما الأجر للصابرين ولا يظلم أحدا، ومن أشكال الصبر الصبر على الإساءة وعدم ردها، حيث يكون من السهل على الإنسان رد الإساءة بمثلها أو أكثر، ولكن من الصعب أن يكتم حزنه وغيظه في صدره ولا يرد الإساءة، ويقول الله تعالى في كتابه العزيز: “الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين”، ويتميز فضل رد الإساءة بالإحسان

من صبر على تحمل الإساءة وأعاد دفعها بإحسان، فإن الله تعالى سيكرمه بمكافأة المحسنين وسيمنحه نعمه وعطفه. يقول الله عز وجل في سورة الرعد، الآية 22: “والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة، أولئك لهم نهاية حسنة وسعادة في الدار الآخرونة.

الله يكافئ الصابرين على الإيذاء بالإحسان ويمنحهم السكينة وراحة العيش وصحة القلب والمحبة. والثواب يمتد للحياة الدنيا والآخرة، والعبد المحسن يحظى بمكافأة عظيمة من الله عز وجل، والمسيء يتعرض للعقاب. فعند الله تعالى، لا تتساوى الأعمال الحسنة والسيئة. قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشتكي من قطع الصلة مع أهله: “إذا كنت كما قلت، فإنك تسحقهم المل، وسوف يكون لك الله تعالى دعما مستمرا عليهم طالما أنت على هذا النه.

إن الله تعالى يكافئ العبد على نياته، فكلما كان العبد صابرا، ومتحسبا، ومحسنا لكل من حوله، ولا يكره أحدا، يحصل على أجر عظيم وبركة ومحبة من الله عز وجل، فإن الله تعالى يحب المحسنين، وبالإضافة إلى ذلك، فإن العبد المحسن يحارب دائما ما في نفسه من الأذى، ويحارب أهوائه ضد العاصين الذين يتعمدون الأذى، ويقابلون الإحسان بالسوء، ولذلك يعلم الله تعالى أنه يجاهد نفسه، فيجازيه بما يستحق.

قد يحصل العبد على أجر مضاعف حين يكون بخلقه وأحسانه خير داع للدين الإسلامي وللخلق القويم، فعندما يراه المسيء محسن له ويزيده إحسان فيتوب ويستغفر ويعود إلى الله عز وجل، فيصلح الحال وينصلح المجتمع كله، لذلك فالمسلم المحسن هو خير مثال للعبد الصالح الذي يدعوا لله والدين الإسلامي.

وفي كتاب الله العزيز في سورة الرعد آية23 يقول (جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)، صدق الله العظيم. فهذا الجزاء هو نعم الجزاء، فإن الله تعالى يكافئ الناس دائما بالخير.

من يعفو عن الناس يحصل على مغفرة من الله وأجرا عظيما، حيث يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة النور الآية 22: `ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا. ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟ والله غفور رحيم`.

حديث شريف عن الإساءة

يا رسول الله، لدي قرابة أصلهم يقطعونني وأنا أحسن إليهم ويسيئون إلي، وأتسامح معهم ويظلمونني، فرد الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا كنت تعاملهم بالإحسان وهم يردون بالإساءة، فإنهم يزيدون شرا على نفوسهم، وستجد دائما الله ينصرك عليهم طالما تستمر في هذا السلوك الحسن.” فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعني ذلك أنه إذا كان الشخص يتعامل مع أقاربه بالإحسان وهم يردون بالإساءة، فإنهم يزيدون من خسارتهم وتقصيرهم، ولكن الله تعالى سيعين الشخص وسيجازيه على حسن تعامله وسيقصر على أقاربهم في إساءتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى