عقوبة حلف اليمين الكاذب في المحكمة
الحلف باليمين ليس أمرا سهلا؛ لأنه عندما يحلف الإنسان، يهتز عرش الرحمن، لذلك يجب أن يتم الحلف في الحالات الضرورية فقط، ويجب أن يكون الحلف بالصدق، لأن حلف اليمين بالكذب يعاقب الإنسان بعقوبة شديدة عند الله، لذلك سنستعرض لكم عقوبة حلف اليمين الكاذب في المحكمة.
عقوبة حلف اليمين الكاذب في المحكمة
يمنع حلف الكذب في أي حال من الأحوال أمام القاضي، حتى إذا حدث خيانة من شريكك وكان الهدف هو الحصول على حقك، لا يمكن اللجوء إلى التورية أو التأويل في مثل هذه الحالة.
ذكر الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يمينك على ما يصدقك به صاحبك))، وفي رواية أخرى: ((تحلف باليمين عندما تنوي القسم)).
– قال الإمام النووي: يتعين على الحالف أن يقسم بالله في جميع الأحوال، ما لم يستحلفه القاضي أو نائبه في دعوى توجهت ضده، في هذه الحالة يجب عليه اليمين بنية الاستحلاف وفقًا لما يتم الاتفاق عليه، أما إذا حلف بدون استحلاف القاضي أو نائبه في دعوى توجهت ضده، فعليه أن يقسم بالله بنية اليمين.
– وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: إذا استدعاه الحاكم لفصل نزاع، فإن يمينك يجب أن تعتمد على الحقيقة التي يؤكدها صاحبك، وعند استدعاء الحاكم في هذه الحالة، فالنية المتفق عليها بين المسلمين هي الأساس، ولا ينفع التأويل.
– وقال فضيلة الشيخ وهبة الزحيلي في الفقه الإسلامي وأدلته: اتفق الفقهاء على أن اليمين في الدعاوى تكون بناء على نية المستحلف في حالة التحليف.
حلف اليمين في حالة الاضطرار
– في حالة ما إذا كان الإنسان مضطر إلى الحلف باليمين في هذه الحالة يسمى يمين الغموس إذا كان الإنسان ليس مضطراً لها، فإذا اضطر إليها فلا حرج في ذلك، مثل أن يطلب منه أن يقر بشيء وهو بريء منه فيحلف أنه لم يفعله وهو يعتقد أنه فعله، لكن لو أقر به لأقيم عليه الحد، فلا حرج أن يحلف ويستر على نفسه.
المقصود هو أنه إذا اضطر الشخص إلى أداء اليمين ولم يتسبب ذلك في أي ضرر ولم يكن للمسلم حق في هذا الأمر، فلا يوجد أي مانع عندما يدفع الشخص عن نفسه ضررًا.
– مثال: إذا طلب من الشخص الحلف بالأمور مثل عدم الزنا أو عدم تناول الكحول، فإنه يمكنه الحلف لتجنب تطبيق العقوبات الشرعية، ولا يوجد أي مانع شرعي في ذلك، ويجب عليه التوبة إلى الله فيما يتعلق بينه وبين الله سبحانه وتعالى، وإذا تاب صدق الله توبته.
يعني يمين الغموس اليمين الذي يكون ملكاً للمسلم، ومثال ذلك لو كان لشخص حق دين لفلان أو حق مادي لفلان وحلف بالله وهو يكذب، في هذه الحالة يكون عليه إثمٌ عظيمٌ ولا يبرأ ذمته.
موقف الشرع من اليمين الكذب
يُطلق على اليمين الكاذب في الشريعة اسم اليمين الغموس، وهو اليمين الذي يجعل الشخص يحلف بشيء ما، وهو ينفي صحته أو وقوعه، مثل قول الحالف: والله لقد حصل كذا وهو يعلم أن ذلك غير صحيح، أو قوله: والله لقد قال فلان كذا وهو يعلم أنه كاذب في ما يدّعيه.
يقول علماء الفقه إن يمين الغموس هي اليمين الكاذبة التي تحتوي على المكر والخداع، وقد سُميت يمين الغموس لأن صاحبها يغمس يده في النار وهذا من الكبائر الذنوب.
– قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: من حلف بيمينه يقطع بها مالا وهو فيها كاذب، فلقاء الله وهو عليها غضبان.
لذا، إذا كان الشخص يملك الغموض الأيمن أمام القاضي وتسبب في خسارة حقوق الآخرين، فإن الذنب يكون أكبر وأشد بموجب الله تعالى.
قال الله تعالى عن الذين يحلفون بالكذب ويستخفون باليمين الكاذبة: `الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا، فأولئك لا خلق لهم في الآخرة`.
– الحقّ الذي حصل عليه الحالف يميناً غموساً حقّ مغتصَب، ويعدّ مالاً حراماً، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِى لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ).
ما يلزم اليمين الغموس
يقول بعض فقهاء أهل العلم إن عقوبة الحلف باليمين هي الكفارة.
هناك بعض الآراء التي تقول أن الكفارة غير مطلوبة في حالة الحلف الكاذب، وإنما يجب على الشخص الذي أقسم بالكذب أن يتوب بإخلاص أو يصلح ما تسبب به من ضرر، ويستند هذا الرأي إلى قول ابن مسعود رضي الله عنه: “كنا نحسب الذنب الذي لا يوجد له كفارة هو اليمين الكاذب.
على من يحلف بالزور ويكذب أن يسارع بالتوبة الصادقة ويشعر بحرمة ما فعل، وأن يصدق الله حين يقول: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً).