اسلامياتالقران الكريم

تفسير قول الله تعالى” ويحذركم الله نفسه “

في سورة آل عمران، الله تعالى يقول: `يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا. ويحذركم الله نفسه. والله رءوف بالعباد.` وفيما يلي تفسير الآية الكريمة.

جدول المحتويات

تفسير قول الله تعالى” ويحذركم الله نفسه “

تفسير بن كثير

فسر ابن كثير قوله تعالى (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا)، أي أنه في يوم القيامة، سيعرض على كل شخص أفعاله كلها من الخير والشر، وعندما يرى أفعال الخير، يفرح، وعندما يرى أفعال السوء، يحزن ويزداد غيظه، ويرغب في الابتعاد عن تلك الأفعال السيئة، ويقول لشيطانه إنه هو الذي أغواه لفعل تلك الأفعال السيئة

يفسر الله تعالى قوله “وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ” بأنه يتوعدكم ويخوفكم من شدة عقابه، ويفسر قوله تعالى “وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ”بأن الله يتعامل مع عباده بالرفق واللطف، ويوجههم إلى عدم اليأس من رحمته وعدم الاستسلام لشدة عقابه.

وقد قال الحسن البصري في هذه الاية : من رأف بالناس حذر نفسه، وقال آخر: إن الله رحيم بخلقه، ويريد أن يهتدوا على صراطه المستقيم ويعيشوا حياة دينية صحيحة ويتبعوا رسوله الكريم .

تفسير الطبري

فسر الطبري قوله تعالى : (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا)”، وقد قال أبو جعفر: بهذا يعني الله تعالى أنه ينبغي عليكم أنفسكم أن تحترسوا من ذنوبكم في ذلك اليوم الذي تجدون فيه كل نفس ما قدمته من أعمال صالحة جاهزا ومتوفرا، وما قدمته من أعمال سيئة تتمنون لو كان بينكم وبينها مسافة بعيدة، فإن مصيركم في ذلك اليوم، أيها القوم، سيكون لهذا الأمر، فاحذروا أنفسكم من ذنوبكم.

وقد قال قتادة يقول في  قوله ” يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا ” : موفَّرًا، وقال أبو جعفر: وقد زعم [بعض] أهل العربية أنّ معنى ذلك: واذكر يوم تجد، وقال: إن ذلك إنما جاء كذلك، لأن القرآن إنما نـزل للأمر والذكر، كأنه قيل لهم: اذكروا كذا وكذا، لأنه في القرآن في غير موضع : ” واتقوا يوم كذا، وحين كذا “، وأما ” ما ” التي مع ” عملت “، فبمعنى ” الذي”، ولا يجوز أن تكون جزاءً، لوقوع ” تجد ” عليه.

يعتبر قوله تعالى “وما عملت من سوء” معطوفًا على قوله “ما” الأولى، و”عملت” صلة بمعنى الرفع، وذلك نابعًا من القول: “تود”، وتفسير هذا الكلام هو أنه في يوم تجد كل نفس ما عملت من خير موضوعًا للحساب، وما عملت من سوء تتمنى لو كان بينها وبينه مسافة بعيدة

وقد قال أسباط فيما يتعلق بقول الله تعالى “وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا”: مكانا بعيدا، وقيل عن ابن جريج في قوله تعالى “أمدا بعيدا”: لفترة طويلة، وقيل عن الحسن في قوله تعالى “وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا”: يفضل أحدهم عدم مواجهة عواقب أعماله تلك أبدا، وأما في الحياة الدنيا فإنها كانت خطيئة يستمتع بها.

قال أبو جعفر في قوله تعالى “ويحذركم الله نفسه” : إذا سخطتم عليها بما يسخطها عليكم، فستلقى عقابًا أليمًا يوم تلتقون به، حيث يجد كل شخص ما قدمه من خير وشر محضرًا، وسيتمنى لو كان بينه وبين هذا اليوم فاصلًا زمنيًا بعيدًا، وسيكون غضبه عليكم، وستتعرضون لعقابٍ قاسٍ لا يمكن لكم تجنبه.

وفسر قوله تعالى “والله رءوف بالعباد” : أعلن الله سبحانه وتعالى أنه رحيم بعباده ورؤوف بهم، وأن من يرحمهم ينبغي عليه تحذيرهم وتخويفهم من عقوبته، وينبغي له أن ينهاهم عن معاصيه، وعلى سبيل المثال، يقول تعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)، وهذا يعني أن من يرحم عباده ويحبهم، فسيحذرهم نفسه من الأخطار والمخاطر، وهو رحيم ورؤوف بهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى