تعرف على فتوحات المسلمين
تمثل الفتوحات الإسلامية سلسلة من الحروب العسكرية التي قادها المسلمون ضد الفرس والفيزيجوث والإمبراطورية البيزنطية، وقد بدأت هذه الحروب منذ عام 632 واستمرت حتى عام 732 في عهد الخلفاء الراشدين والخلافة الأموية. وقد أسفرت نتائج هذه الحروب عن انتشار الإسلام على نطاق واسع خارج شبه الجزيرة العربية، وانتشار اللغة العربية في أماكن مثل الشام ومصر وشمال إفريقيا، بالإضافة إلى سقوط إمبراطورية الفرس وتفكك جزء كبير من الإمبراطورية البيزنطية. وجعلت هذه الحروب الجيش الإسلامي قوة عسكرية عظيمة، وأدت إلى ظهور الحضارة الإسلامية.
الفتوحات بعد وفاة الرسول
بعد وفاة الرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، اختار المسلمون أبو بكر الصديق كخليفة للمسلمين بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وتولى قيادة حروب الردة ضد القبائل العربية المتمردة، وتوحدت أجزاء من شبه الجزيرة العربية، وتصدى المسلمون في عهده للفرس والبيزنطيين، واستولوا على العراق ومصر وفارس والشام في عهد عمر بن الخطاب، وتأسست عدة مدن في عهده مثل الكوفة والفسطاط، واستمرت الخلافة الراشدة لمدة ثلاثين عاما من عام 632 إلى عام 661، وانتهت بظهور الدولة الأموية.
تأسست الدولة الأموية في عام 661 بعد الأحداث المعروفة بالفتنة الكبرى، وحكمت لمدة تقارب 100 سنة قبل أن تنهار في عام 750. اعتبرت دمشق عاصمة لها، وامتدت سلطتها حتى استولت على كل شمال إفريقيا من ليبيا إلى المغرب، والأندلس في شبه الجزيرة الإيبيرية (المعروفة الآن بالبرتغال وأسبانيا). وتوسعت حدود الدولة الأموية حتى غرب الصين وجزء من الهند وجنوب فرنسا. بعد حروب الاسترداد، استعاد الأيبيريون شبه الجزيرة الإيبيرية وطردوا المسلمين منها.
معركة اليرموك
عندما تولى عمر بن الخطاب الخلافة، كان هناك قتال في منطقة اليرموك، وتجمع المسلمون أمام جموع كبيرة من الجيش الروماني. كان عدد المسلمين حوالي 36 ألف فرد، بينما بلغ عدد الروم أكثر من 250 ألف فرد. استمر القتال لمدة خمسة أيام، حيث هاجم الروم المسلمين بقيادة خالد بن الوليد، وتصدى المسلمون للهجوم. في اليوم السادس، استخدم المسلمون تكتيك الكماشة وحققوا النصر على الروم، وقتلوا حوالي 50 ألف جندي روماني. توفي أيضا عدد من الصحابة المسلمين مثل عكرمة بن أبي جهل، وفقد العديد من المسلمين أعينهم، مثل أبو سفيان الذي فقد عينه الثانية بعد أن فقد الأولى في غزوة حنين.
فتوحات الشام
كانت سوريا من أبرز المناطق التي كانت تتبع الدولة البيزنطية قبل أن تفتح بواسطة المسلمين. كانت تعد مركزا للإمبراطورية البيزنطية. عندما تولى أبو بكر الصديق الخلافة، أرسل جيشا بقيادة أسامة بن زيد، وكان هذا الجيش قد تم تجهيزه من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته. وأوصى الجنود بعدة توجيهات، وهي: “لا تخونوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا ولا امرأة ولا تقعروا نخلا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بعيرا..
– نجح جيش المسلمين في مهمته وعاد إلى المدينة، ثم طلب أبو بكر الصديق من خالد بن الوليد الذهاب لمساعدة المسلمين وقيادة الأربعة جيوش التي تم إرسالها لمحاربة الروم. وبعد انسحاب المسلمين من المناطق التي تم فتحها، تمكنوا من الانتصار على الروم في معركة اليرموك، ثم تفرقوا مرة أخرى، حيث ذهب جيش أبو عبيدة بن جراح إلى حمص وجيش شرحبيل بن حسنة إلى دمشق لمساعدة عبيدة، وذهب عمرو بن العاص إلى فلسطين لفتح دمشق.
– أرسل أبو عبيدة بن الجراح أبو الأعور السلمي لفتح طبرية، حتى لا يتم إمداد الروم بالمؤن ويظلوا محاصرين، ولكن قوات الروم قامت بتجهيز قوة ضخمة لحماية المدينة التي تعد مركزا للشام، لأن فتح طبرية يعني فتح الشام بأكملها، لذا ذهب أبو عبيدة بن الجراح لفتح دمشق وترك خالد بن الوليد في قلب الجيش، وظل هو في الشمال بينما عمرو بن العاص في اليمين وأرسل فريقا لتثبيت موقعهم بين دمشق وحمص لمنع وصول المؤونة إلى جيش الروم.
– ووقف كل قائد من قادة جيش المسلمين عند إحدى أبواب مدينة دمشق لحصارها، واستمر الحصار لأكثر من شهر، وكان من الصعب على المسلمين فتح تلك المدينة بسبب قوة أسوارها وبسبب معرفة أهل دمشق بأنهم لا يمكنهم الحصول على أي إمدادات. وبالتالي، أصبحت المعركة صعبة للغاية. في يوم ما، ولد طفل جديد للبطريرك، ودعا جميع سكان المدينة وجنودها للاحتفال. وأثناء الاحتفال، تأثروا بالخمر، وشعر خالد بن الوليد بذلك، بالإضافة إلى المعلومات التي وصلت إليه. وأبلغ جنوده بأنه، إذا قام بالتكبير، يجب عليهم اقتحام أسوار المدينة فورا، وفعلوا ذلك بالفعل. فكبر خالد بن الوليد واقتحم السور، وفتحوا دمشق وأبرموا صلحا مع سكان المدينة. وبذلك تم فتح دمشق وأصبحت عاصمة بلاد الشام.