القدس في العصر الأموي و مكانته المقدسة
للقدس أهمية كبيرة عبر العصور التاريخية المختلفة، حيث تعاقبعليها الغازيون عبر العصور بسبب أهميتها الكبيرة. كما أنها لها أهمية كبيرة في الدين الإسلامي وتحتل مكانة خاصة فيه .
القدس في العصر الأموي
كانت القدس محط اهتمام كبير للأمراء والخلفاء في العصر الأموي، حيث تم إعادة بناء المسجد في تلك الحقبة الزمنية، وكان ذلك في عام 644 م، بعد تشييده بالأخشاب وجذوع النخيل، وكان يتسع لحوالي 1000 مصلٍ، وكان من أكبر المساجد في ذلك الوقت .
تم بناء المسجد خلال عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، وتم إنشاؤه بعد الانتهاء من بناء قبة الصخرة، وفي هذا الوقت كان المسجد يمثل إنجازا في فنون الطراز المعماري .
في ذلك الوقت، عمل الخليفة على تمهيد الطرق التي تؤدي إليه من مكة المكرمة ومصر والشام، وبذلك كان هذا المسجد هو أول مسجد يتم بناؤه في الشام .
كان المسجد يضم في ذلك الوقت 16 رواقًا حجريًا، وكان الوصول إليه يكون عن طريق سلم حجري .
أهمية القدس في التاريخ الإسلامي
القبلة الأولى
– يذكر أن القدس كان فيه قبلة المسلمين في الصلاة ، و ذلك كان لفترة امتدت لما يزيد عن ستة عشر شهرا ، و قد كان ذلك بإمامة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و بعد ذلك تم نقل القبلة إلى بيت الله الحرام ، قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (سورة البقرة – 144) .
إلى جانب أن هذا المسجد هو ثالث الحرمين الشريفين، وقد أمرنا بأنه لا ينبغي لنا أن نشد الرحال إلى أي مكان إلا بعد زيارة المسجد الحرام والمسجد النبوي .
الإسراء و المعراج
من أهم الأمور التي تزيد من مكانة القدس عند المسلمين ، أنها هي المكان الذي أسري لرسول الله إليه من مكة المكرمة ، و منها اجتمع بروح الأنبياء و المرسلين ، و صلى إماما بهم جميعا ، و بعد ذلك عرج من هذه المنطقة المقدسة إلى السماوات العلى ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الإسراء – 1) .
الأرض المباركة
تم ذكر القدس الشريف في العديد من المواضع في القرآن الكريم باسم الأرض المباركة، ومن بين هذه المواضع تلك التي وصفت قدسية وبركة هذا المكان الذي شهد وجود عدد كبير من الأنبياء، بما في ذلك إبراهيم ولوط عليهما السلام. يعتمد ذلك على قوله تعالى في سورة الأنبياء الآية 7: `ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين` .
وأيضا، سيدنا عيسى الذي شهدت هذه الأرض ولادته وحياته، وذلك كما قال تعالى في قوله: `وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين` في سورة المؤمنون الآية 50، وكذلك سيدنا سليمان وغيرهم الكثيرين، وذلك استنادا إلى قوله تعالى: `ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين` في سورة الأنبياء الآية 81 .
– و كثرة تكرار اسم هذه المنطقة سواء عن طريق العلن بالأسم أو التورية بصفة من صفاته ، يبين بشكل واضح مدى قدسيتها ، و كان من بين الأوقات التي ذكر فيها اسم القدس بطريقة متوارية ، أنها قد ذكرت على شكل نوع من القسم ، و ذلك في قوله تعالى (والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين) التين، الآية 1 ، تلك الأية التي ذكرت قسم بثلاثة أماكن و هي الشام و في أرض التين ، و كذلك الزيتون و هي أرض فلسطين ، و طور سينين ، و هي المنطقة التي يوجد بها جبل الطور في سيناء .
ثاني المساجد في الأرض
– من بين المواضع التي زادت من أهمية هذه المنطقة ، أن بها ثاني مسجد وجد على الأرض ، و هو المسجد الأقصى ، و قد قيل أن هذا المسجد العظيم قد بني على يد أدم عليه السلام ، و قيل أن من بناه هو سام بن نوح عليه السلام ، و قيل أنه يعقوب ، و لكن الأمر المؤكد أنه اقدم مسجد على الأرض بعد بيت الله الحرام .
يذكر أن إبراهيم عليه السلام قام ببناء بيت الله الحرام، وقام سيدنا سليمان ببناء المسجد الأقصى، حسب ما ذكره العسقلاني في كتابه .