أهمية العمل التطوعي في الإسلام
ماهو العمل التطوعي في الإسلام
إن العمل التطوعي من الأمور التي حث عليها الدين الإسلام في العديد من المواضع، سواء في القرآن الكريم أو في السنة النبوية. ويمكن تعريف التطوع لغويا بأنه القيام بالطاعة تطوعا، أي أن الشخص يؤدي العبادة طواعية دون أن يكون ملزما بها، استنادا إلى قوله تعالى في كتابه الكريم: `فمن تطوع خيرا فهو خير له` من سورة البقرة. ويمكن تعريف التطوع في المصطلح العلمي بأنه العمل الذي يقوم به شخص أو مجموعة سواء كان ذلك العمل بدنيا أو عقليا أو اجتماعيا أو ماديا أو دينيا، والدافع خلف ذلك هو الاستحقاق للأجر والثواب من الكريم الوهاب
أهمية العمل التطوعي في الدين الإسلامي
يحث الدين الإسلامي على التطوع ويذكر أهميته في العديد من المواضع في القرآن والسنة، وذلك بسبب فوائد التطوع والأجر العظيم الذي يحصل عليه المتطوع. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي موسى – رضي الله عنه – قائلا: (على كل مسلم صدقة)، فقالوا: يا رسول الله، وإن لم يجد؟ فأجاب: (فليعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق)، فقالوا: وإن لم يستطع أو لم يفعل؟ فأجاب: (فليعين ذا الحاجة الملهوف)، فقالوا: وإن لم يفعل؟ فأجاب: (فليأمر بالمعروف أو بالخير)، فقالوا: وإن لم يفعل؟ فأجاب: (فليمسك عن الشر؛ فإنها له صدقة)
يعتبر فعل الخير والامتناع عن الشر صدقة من الشخص، ويحث هذا الحديث على العمل التطوعي وتذكيرنا بأجره العظيم حتى في بساطة فعله. وتظهر قصة الرجل الذي دخل الجنة لأنه نزع فرع شجرة عن الطريق في الحديث الصحيح عن أبي هريرة، وهي مثال على عظمة العمل التطوعي
كما يجب علينا أن ندرك أن عمل الخير الذي نقوم به يحظى بمكافأة عظيمة عند الله. يتضح ذلك من قوله تعالى في سورة البقرة: `وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير`. بناء على ذلك، يتضح أن الإسلام أكد على أهمية العمل التطوعي في حياة الفرد. لذا، يجب أن لا تخلو حياة الإنسان من القيام بالأعمال التطوعية بشكل مستمر، وإخراج الصدقات، ومنع إيذاء الآخرين، وتجنب فعل الشر. كما يمكن أيضا أن تكون الصدقة عملا تطوعيا. فإذا لم يستطع الشخص القيام بجهود بدنية، فيمكنه التطوع بتقديم المساعدة لأولئك الذين يحتاجون إليها
أهمية العمل التطوعي في المجتمع
يتفق العلماء الإسلاميون على أهمية التطوع، ويعتبر التطوع تراثا إسلاميا موجودا في القرآن والسنة وقصص الأنبياء، ويقول الفيلسوف الإسلامي د. محمد عمارة إن العمل التطوعي في المجتمعات الإسلامية يلعب دورا مهما في هذا الوقت الذي تسير فيه النظم الاقتصادية نحو الخصخصة، وأن منظمات العمل الخيري التطوعي يمكن أن تكون بديلا شعبيا لخدمة الفقراء ورعاية المحتاجين، ويمكن لهذه المنظمات أيضا مساندة الدولة في هذا المجال، ويجب التركيز على خدمة المجتمع الإسلامي، وعلى الرغم من أهمية العمل التطوعي الفردي، إلا أن العمل الخيري الجماعي يعتبر أكثر شمولا وأعم فائدة على قطاعات كبيرة من الفقراء والمحتاجين
دليل جيد على ذلك هو ما قاله عبد الرحمن الكواكبي في الماضي: `الجمعيات تلبي ما لا يمكن لأفراد العمر تحقيقه. ينتهي دور المحسن وصاحب الخير بعد وفاته. ولكن إذا تم تضمين هذه الجهود في إطار عمل مؤسسي اجتماعي، فإن العمل الخيري سيستمر دائما وأبدا. يمنح العمل الخيري هذا الجانب التواصلي، ليس فقط للمستفيدين منه في وقته، بل لفائدة صاحبه بعد وفاته.` قد قامت السنة النبوية المطهرة بتوجيه التنبيه وجذب الانتباه وتشجيع العمل الخيري التطوعي في أكثر من مجال.
أهمية العمل التطوعي في حياة الشباب
إن العمل التطوعي فرصة هامة جدا يمكن المجتمع من استغلال طاقات الشباب المكنونة في العمل التطوعي، وإفادة المجتمع بشكل إيجابي، كما يتيح فرصة لجميع أبناء المجتمع باستغلال مهاراتهم وتنمية الإحساس بالمسؤولية لديهم، ويشعر هؤلاء الشباب المفعمين بالطاقة والحيوية بأنهم قادرون على العطاء والمساعدة فيما يتميزون به، وإليك بعض أمثلة العمل التطوعي لدى شباب الصحابة
- سيدنا الأرقم بن أبي الأرقم قدم بيته ليصبح مأوىً لأول دعوة إلى الإسلام.
- في يوم الهجرة، وهو عندما قرر سيدنا علي بن أبي طالب تسليم أمانات قريش، وهب نفسه.
- سيدنا جعفر بن أبي طالب هو الرجل الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي المساكين، وكان صديقًا وقريبًا من النبي.
- رفيدة الصحابية هي مؤسسة أول مستشفى ميداني في الإسلام، وهي أول طبيبة في الإسلام.
- السيدة أم كلثوم بنت علي، زوجة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قدمت مساعدة لامرأة في الولادة.
ثمرة العمل التطوعي
يمكن أن يعود العمل التطوعي بالنفع على الشخص في حياته وآخرته، ويمكن تلخيص فوائده في النقاط التالية:
- الفلاح: وذلك لقوله تعالى في سورة الحج: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.
- مثواه الجنة وما فيها من نعيم: وذلك لأنه جاء في سورة الإنسان: “إنما نمنحكم الطعام لوجه الله، لا نطلب منكم أجرا ولا شكرا. إننا نخشى ربنا يوما عابسا قمطريرا. الله سيكفيهم شر ذلك اليوم، وسيرزقهم نظرة سعيدة وفرحة. وسيجازيهم بجنة وحرير بما صبروا عليه. سيكونون فيها مترفين على الأرائك، لا يرون فيها شمسا ولا برقا. ستكون ظلالهم مرتفعة عليهم، وستذلل لهم قطوفها تذليلا. وسيطوف عليهم خدم بآنية من فضة وأكواب كأسها مثل قوارير العطور. قوارير من فضة قدرت قيمتها. وسيسقون فيها كأسا طعمه زنجبيل. ستكون فيها عين تسمى سلسبيلا. وسيطوف عليهم فتيان دائمو الشباب، عندما ترونهم ستحسبونهم لآلئ منثورة. وعندما ترونهم مرة أخرى، سترونهم في نعيم وسلطان كبير. سيكونون يرتدون ثيابا من سندس أخضر وإستبرق، ويحملون أساورا من فضة. وسيرسم لهم ربهم شرابا طاهرا. إن هذا هو جزاءكم، وستكون مجهوداتكم محمودة
- الحصول على المعونة من الله تعالى: ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: `المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه كربةمن كُرُبِ يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.` وذلك وفقًا للرواية التي نقلها سالم عن أبيه.
- الحصول على أجر المجاهد في سبيل الله: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: `الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار`، ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم: `مثل المؤمنين في محبتهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى`. المغزى هنا هو أن جميع أفراد المجتمع يجب أن يساعدوا بعضهم البعض ويتطوعوا لمساعدة الآخرين حتى تصبحوا كالبنيان الواحد