حكم الكلب من حيث النجاسة وعدمها
“وصل جمهور العلماء إلى إثبات نجاسة الكلب، وقالت الحنفية إن نجاسة الكلب في فمه، أما بدنه فليس نجسًا، وجاء رأي المالكية بأن الكلب طاهر في فمه وبدنه، ولكن الرأي الأكثر احتمالًا هو مذهب جمهور العلماء بنجاسة الكلب
وقد ذكر من قول الإمام النووي أن مذهبنا يعتبر جميع الكلاب نجسة، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، وهذا رأي الأوزاعي وأبو حنيفة وأحمد وإسحق وأبو ثور وأبو عبيد. أما الزهري ومالك وداود، فهم يرون أن الكلاب طاهرة، ولكن يجب غسل الأواني التي يلمسها اللعاب الكلب تعبدا. وقد نقل الحسن البصري وعروة بن الزبير هذا القول، واستدلوا بقول الله تعالى: `فكلوا مما أمسكن عليكم`، ولم يذكروا غسل الموضع الذي يمسك فيه الكلب. وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: `كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك`
الأدلة من السنة
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أو لاهن بِالتُّرَابِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ (طُهْرُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يُغْسَلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ)، وقد جاء أيضًا عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: إنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا شَرِب الكلبُ في إناءِ أحَدِكم؛ فلْيَغسِلْه سَبعًا)
وجه الدلالة من هذين الحديثين
كل ما جاء في الأحاديث السابقة من الغسل وعدد مرات الغسل والتأكد من الغسل والطهارة باستخدام التراب كل هذه الأمور تدل وتأكد نجاسة الكلب، وقد ورد عن ميمونة رضى الله عنها: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصبح يومًا واجمًا، فقالت ميمونةُ: يا رسولَ الله، لقدِ استنكرتُ هيئتَكَ منذُ اليوم! قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ جِبريلَ كان وَعَدني أنْ يلقاني اللَّيلةَ فلمْ يَلْقَني، أمَ واللهه ما أخلَفَني
قال: فظلَّ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومَه ذلك على ذلك، ثم وقَع في نفْسِه جِرْوُ كَلبٍ تحت فُسطاطٍ لنا، فأمَر به فأُخرِج، ثمَّ أَخَذ بِيَدِه ماءً فنَضَحَ مكانَه، فلمَّا أمسى لقِيَه جبريلُ، فقال له: قد كنتَ وعَدتَني أنْ تلقاني البارحةَ، قال: أجَلْ، ولكنَّا لا ندخُل بيتًا فيه كلبٌ ولا صُورةٌ.
وجه الدلالة
إن الرسول صلى الله عليه وسلم رشح مكان الكلب، وهذا يدل على نجاسته، ولو لم يكن نجسا لم يرشح، لأنه يعتبر إسرافا في المال
كيفية تطهير الإناء من نجاسة الكلب
يتطلب مذهب الحنابلة وجهة نظر ابن حجر وابن عثيمين غسل الإناء بالماء الجاري سبع مرات، ويجب أن يبدأ الغسل الأول بالتراب. ويوافق الجميع على ضرورة تطهير وغسل الإناء
الدلالة من السنة
عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: طُهورُ إناءِ أحَدِكم، إذا وَلَغ فيه الكَلبُ: أنْ يَغسِلَه سَبْعَ مراتٍ، أُولاهنَّ بالتُّراب
كما ورد عن شرح وتأكيد الحديث من المالكية قال مالك هَذَا الْأَمْرَ عَلَى التَّعَبُّدِ، لِاعْتِقَادِهِ طَهَارَةَ الْمَاءِ وَالْإِنَاءِ. وَرُبَّمَا رَجَّحَهُ أَصْحَابُهُ بِذِكْرِ هَذَا الْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ، وَهُوَ السَّبْعُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلنَّجَاسَةِ: لَاكْتَفَى بِمَا دُونَ السَّبْعِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ أَغْلَظَ مِنْ نَجَاسَةِ الْعَذِرَةِ. وَقَدْ اكْتَفَى فِيهَا بِمَا دُونَ السَّبْعِ. وَالْحَمْلُ عَلَى التَّنْجِيسِ
أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَتَى دَارَ الْحُكْمُ بَيْنَ كَوْنِهِ تَعَبُّدًا، أَوْ مَعْقُولَ الْمَعْنَى، كَانَ حَمْلُهُ عَلَى كَوْنِهِ مَعْقُولَ الْمَعْنَى أَوْلَى. لِنُدْرَةِ التَّعَبُّدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَحْكَامِ الْمَعْقُولَةِ الْمَعْنَى. وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا يَكُونُ أَغْلَظَ مِنْ نَجَاسَةِ الْعَذِرَةِ، فَمَمْنُوعٌ عِنْدَ الْقَائِلِ بِنَجَاسَتِهِ، نَعَمْ لَيْسَ بِأَقْذَرَ مِنْ الْعَذِرَةِ، وَلَكِنْ لَا يَتَوَقَّفُ التَّغْلِيظُ عَلَى زِيَادَةِ الِاسْتِقْذَارِ. وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَ أَصْلُ الْمَعْنَى مَعْقُولًا قُلْنَا بِهِ، وَإِذَا وَقَعَ فِي التَّفَاصِيلِ مَا لَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ فِي التَّفْصِيلِ، لَمْ يَنْقُصْ لِأَجْلِهِ التَّأْصِيلُ. وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ فِي الشَّرِيعَةِ، فَلَوْ لَمْ تَظْهَرْ زِيَادَةُ التَّغْلِيظِ فِي النَّجَاسَةِ لَكُنَّا نَقْتَصِرُ فِي التَّعَبُّدِ عَلَى الْعَدَدِ، وَنَمْشِي فِي أَصْلِ الْمَعْنَى عَلَى مَعْقُولِيَّةِ الْمَعْنَى.“
ما هو الإناء الذي يراق ما فيه من ولوغ الكلب
قال ابن القيم:
وإذا كان لابد لهم مِن تقييد الحديث وتخصيصه ومخالفة ظاهره: كان أسعد الناس به: شخص حمل على القيام بالفعل المعتاد في الأواني المعتادة التي يمكن إفراغها – قلت: وهذا يشبه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: إذا سقطت ذبابة في إناء أحدكم، فليغمسها كلها ثم ليطرحها. رواه البخاري [10/306]. والمقصود هنا هو الإناء العادي. والله أعلم. وهذا الفعل هو فعل متكرر في أوان صغيرة، يتحلل من فم الكلب في كل مرة، وهو ريق ولعاب نجس يختلط بالماء
ولا يخالف لونُه لونَه فيظهر فيه التغير، فتكون أعيان النجاسة قائمة بالماء وإن لم تُر. فأمر بإراقته وغسل الإناء، فهذا المعنى أقـرب إلى الحديث وألصـق به، وليس في حمله عليه ما يخالف ظاهره، بل الظاهر أنَّه أراد الآنية المعتادة التي تتخذ للاستعمال فيلغ فيها الكلاب.ا.هـ (تهذيب سنن أبي داود [1/69]).
مخالطة الكلاب تؤدي إلى كثير من الأضرار
يتسبب ولغ الكلب في نقل العديد من الأمراض للإنسان، فإذا ولغ الكلب أي إناء بطرف لسانه عرض الإنسان للإصابة بأمراض غاية في الخطورة، حيث يوجد في أمعاء الكلب دودة تعرف باسم المكورة تخرج بيض هذه الدودة مع برازه و عندما يلحس الكلب دبره بلسانه تعوده هذه البيوض مرة ثانية إلى جسمه، وعند ملامسة الأواني بطرف لسانه تنتقل بيض هذه الدودة إلى الأواني ومنها إلى الإنسان عندما يقوم الإنسان لمس أو حمل هذه الأواني أو الأطباق.
هذه البيوض تدخل جسم الإنسان عند لمس الفم وتنمو وتفقس داخل الأمعاء وتنتشر في الدم وجميع أعضاء الجسم، وتسبب مرض داء الكيسة المائية الذي تنقله الكلاب وهذا المرض يسبب العديد من الأعراض حسب العضو المصاب به، والأعضاء الخطرة التي تنمو فيها هذه الدودة هي القلب والدماغ، وفي هذه الحالة لا يستجيب المرض للعلاج ويتطلب التدخل الجراحي
من بين الأمراض الخطيرة التي ينقلها الكلب للإنسان هو داء الكلب، حيث يصاب الكب في هذه الحالة بالحمى، ثم تنتقل العدوى من الكلب إلى الإنسان من خلال لحس الكلب لجرح في جسم الإنسان أو عضه
وبذلك فإن بعض الناس تستفيد من الكلاب في الصيد والعديد من الأمور الأخرى، وأضرار الكلاب تصيب كافة البشر، لذا أمرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، كما رخص وجود الكلاب في الحراسة، ثم أن داء الكيسة لم يكن معروف في زمن الرسول بل كان ما يُعرف هو داء الكلب حيثُ كانوا يطلقون اسم الكلب العقور على الكلب المصاب، بالإضافة إلى ذلك يوجد العديد من الأضرار الأخرى التي تصيب الإنسان من مخالطة الكلاب منها ما هو معروف ومنها لم يُعرف بعد.