معركة موهاكس تعتبر من أسرع المعارك في التاريخ، وذلك بسبب سرعة انتهائها. إنها معركة جرت بين الدولة العثمانية (دولة الخلافة) وأوروبا، وحدثت في اليوم الحادي والعشرين من ذي القعدة لعام 932 هـ الموافق لعام 1526 م .
ووقعت المعركة بين جيش الخلافة العثمانية بقيادة السلطان سليمان القانوني، وجيش مملكة المجر بقيادة ملكها فيلاديسلاف الثاني، حيث تمكن المسلمون في ذلك الوقت من تحقيق انتصار ساحق ومؤثر على جيش مملكة المجر في زمن قصير جدا، حيث استغرقت المعركة ساعتين فقط، وكانت أحد النتائج الرئيسية للمعركة ضم مملكة المجر إلى الدولة العثمانية .
أسباب اندلاع معركة موهاكس :سبب اندلاع معركة موهاكس يعود إلى الفترة الزمنية التي سبقت اندلاعها، والتي شهدت ظهور قوة مملكة أسبانيا بشكل واضح، مما أثار قلق الدولة العثمانية. وقتها، كانت مملكة أسبانيا تخضع لسيطرة شارل الخامس، الذي كان معروفا ومشهورا في أوروبا، وتمكن من بسط نفوذه على البرتغال وألمانيا وهولندا والنمسا، وأسس إمبراطورية قوية وضخمة.
بل حاول أيضاً أن يفرض سيطرته على مملكة المجر من أجل أن تكون بمثابة الحاجز أمام الدولة العثمانية ، و المسلمين بشكل عام فأنتبه لهذا السلطان العثماني سليمان القانوني ، و من هنا كانت بداية اتخاذ القرار بالتحرك من جانبه لغزو مملكة المجر ، و من ثم ضمها للدولة العثمانية الإسلامية هذا بالعلاوة إلى ما قام به ملك المجر فيلاديسلاف الثاني من عمل متهور .
إذ قام بذبح رسول السلطان سليمان القانوني بايعاز من البابا في الفاتيكان عندما بعثه سليمان القانوني لأخذ الجزية من ملك المجر، و جدير بالذكر أن أوروبا ، و الكنيسة قد استعدت جيداً قبل المعركة تحسباً لمواجهة المسلمين من أجل القضاء على الفترة العسكرية لهم ممثلة في الجيش العثماني .
بداية أحداث المعركة :-
1- أعد السلطان سليمان القانوني جيشا مكونا من 100 ألف مقاتل، مع 350 مدفعا و800 سفينة، استعدادا لمواجهة جيش أوروبا الممثل بمملكة المجر. بينما قامت أوروبا، الممثلة بالجيش المجري، بتجميع 200 ألف فارس، بما في ذلك حوالي 35 ألف فارس مكتملة التجهيز بالحديد.
قطع السلطان سليمان القانوني مسافة تقدر بحوالي 100 كيلومتر، وتمكن من فتح معظم القلاع العسكرية في طريقه بهدف تأمين خطوط انسحابه في حالة الهزيمة. نجح بقواته في عبور نهر الطولة الشهير وانتظر في وادي موهاكس، الواقع في جنوب المجر وشرق رومانيا، استعدادا لمواجهة جيوش أوروبا المتحدة بقيادة فيلاديسلاف والبابا بنفسه .
كان التحدي الأكبر الذي واجه السلطان سليمان القانوني هو وجود عدد كبير من الفرسان الأوروبيين والمجريين والمقنعين بالحديد، حيث لا يمكن إصابتهم بالسهام أو الرصاص أو حتى بالسيوف بسبب تدريعهم الكامل، ولكن السلطان سليمان القانوني لم يستسلم لهذا التحدي .
بل قام بصلاة الفجر ، ووقف هاتفاً في قواته ، و هم ينظرون إلى جيوش أوروبا المتراصة ، و التي لا يرى الناظر أخرها قائلاً لهم بصوت باك (إن روح النبي محمد تنظر إليهم بشوق ومحبة) فبكى على إثر تلك الكلمات الجنود جميعاً ، و زادت روحهم المعنوية ثباتاً ، و بأساً ، و كانت قد اعتمدت الخطة العسكرية لسليمان القانوني على التالي :-
– قام بوضع تشكيل جيشه بطريقة 3 صفوف ، و ذلك على طول بلغ مقداره 10 كم ثم وضع قواته الانكشارية في مقدمة القوات ، و هم الصفوة ثم كان الفرسان الخفيفة في الصف الثاني ، و معهم كل من المتطوعين ، و قوات المشاة بينما كان هو ، و قوات المدفعية في مؤخرة القوات ، و بالفعل هجم المجريون على الجيش العثماني في عقب صلاة العصر .
في حين ، أمر سليمان القانوني قوات الانكشارية بالصمود والثبات لمدة ساعة واحدة فقط ، ثم الفرار ، بينما أمر الصف الثاني من الفرسان الخفيفة بالالتحاق بقوات المشاة لفتح الخطوط والفرار من المعركة على الأجناب ، وليس الانسحاب إلى الخلف ، ونجحت قوات الانكشارية في الصمود .
تم إبادة القوات الأوروبية بالكامل خلال هجومين قتاليين فقط بقوات صليبية بعددها حوالي عشرين ألفاً في الهجوم الواحد، مما أدى إلى القضاء على القوة الرئيسية للأوروبيين (قوات الفرسان المقنعة) ومعها ما يقرب من 60 ألف فارس خفيف.
وفقاً للخطة الموضوعة، قامت قوات الانكشارية بالانسحاب إلى الأجناب، وتبعتها قوات المشاة، مما أدى إلى فتح قلب الجيش العثماني بشكل كامل، وتمكَّن الأوروبيون من استغلال هذه الحيلة العسكرية والاندفاع بقوة تصل إلى 100 ألف فارس مرة واحدة نحو قلب القوات العثمانية .
وانتهت حرب الجيش الأوروبي بشكل نهائي عندما واجهوا المدافع العثمانية وتعرضوا لهجوم مباشر، وفي الوقت نفسه فتحت القوات المدفعية نيران مدافعها عليهم بشدة من كل الجهات، واستمر ذلك لمدة تقريبا ساعة حتى انتهى الجيش الأوروبي بالكامل .
نهاية أحداث معركة موهاكس :- استمرت المعركة لمدة ساعة ونصف الساعة تقريبا، وفي نهايتها هلك الجيش المجري بعد أن غرق أغلب جنوده في مستنقعات وادي موهاكس عند محاولاتهم الفرار، ومعهم الملك فيلاديسلاف نفسه بالإضافة إلى 7 من الأساقفة، وجميع القادة العسكريين الكبار .
بينما وقع في الأسر ما قدر عدده بحوالي 25 ألف جندي أوروبي، تم تسجيل خسائر جيش المسلمين بحوالي 150 شهيد فقط، بالإضافة إلى بضعة آلاف من الجرحى. ونتيجة لهذا الانتصار الساحق، تم ضم مملكة المجر إلى الدولة العثمانية، وأقيم عرض عسكري في العاصمة المجرية للاحتفال بالانتصار. وبذلك، انتهت أسطورة أوروبا ومملكة المجر في ذلك الوقت .