هل التأخر في إجابة الدعاء يدل على عدم حب الله لك
الإستعجال في إجابة الدعاء
الدعاء هو الرابط الذي يربط بين العبد وربه، ففي الدعاء يستمع الله سبحانه وتعالى إلى الشكوى والقهر والتمني والرجاء، ويعد من فضل الله ونعمته علينا أنه لم يحدد وقتا محددا في اليوم أو يوما محددا في السنة للدعاء، بحيث يمكن للشخص التحدث مع الله عز وجل في أي وقت وشعوره أن الله محاط به في كل حين.
ويعتقد الإنسان بأنه بمجرد ما يدعي الله بما في قلبه، فسوف يتحقق له في اليوم التالي. فقد يجهل الانسان معرفة الغيب، ولو علم الغيب لأختار واقعه، ولكن الإنسان قد خُلق عجولا، كما قال الله تعالى في الآية الكريمة “وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا “
يدعو الإنسان إلى الشر على الآخرين ويدعو أيضا إلى الخير، ويتوقع الإجابة على دعائه في وقت قريب من الدعاء، والإسراع في إجابة الدعاء هو من أسوأ الأمور، لأنه قد يؤدي إلى فقدان الإيمان بأن الدعاء سيجاب، وفي هذا الصدد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إنه لا ييأس من روح الله إلا الكافرون
لا يدرك أن الإسراع سيجعله يفقد شغف الانتظار للأمور، وأن الله سبحانه وتعالى يتدبر أموره. فالله عز وجل يقول: `يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ`
فهل تعتقد أن الله عز وجل يجد صعوبة في تأخير طلبك، وهو العلي القدير الذي يعلم ما تشعر به من هموم وأوجاع في قلبك، فقد قال الله عز وجل “ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد”، لذلك يجب عدم الإسراع في أي شيء، فالعجلة والاستعجال في أي شيء لا يؤدي إلا إلى الضرر، وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم “التأني من الله والعجلة من الشيطان
هل التأخر في إجابة الدعاء يدل على عدم محبة الله لكَ
لقد وعدنا الله سبحانه وتعالى بإجابة الدعاء حتى ولو طال الإنتظار فيقول الله سبحانه وتعالى ” إن سألتك عبادي عني، فإني قريبٌ، أُجيب دعوة المدعو إليَّ، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يهتدون ﴾ [البقرة: 186].
ويجب على من لديه دعوة وتأخر الإجابة عنها أن يدرك أن تلك الدعوة قد تحمل العديد من الأقدار إذا تحققت، فالله سبحانه هو مالك الملك، لا يمكن لأحد أن يمنع فضله أو يعرقل حكمه، ولا يمكن الاعتراض على عطائه ومنعه، ولله سبحانه الحكمة العظيمة التي لا يعلمها إلا هو، وقد يظهر للإنسان شيء يعتقد أنه خير، لكن حكمة الله سبحانه لا تقتضي ذلك.
الدعاء يُعتبر عبادة لله، حيث يتضمن الترجي والتعظيم لله سبحانه وتعالى، واليقين الكامل بأن الله مُجيب الدعاء، ويمكن الدعاء في أي وقت وفي أي حال، وليس فقط في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدعاء.
ومن غير صلة بين حب الله للعبد وتأخر الاستجابة للدعاء، فإن الله يعرف السر ويتدبر الأمور بطريقة إلهية ليفاجئك بالنتيجة، فتأخير الدعاء ليس إلا للخير لك.
- ربما يمنحك الصبر لكي تنتظر، فيصبح ارتباطك بالأمر أقوى، وشوقك له يزداد، مما يدفعك للترحم والتضرع والتمني لله في صلاتك، والله يحب سماع صوت عبده وهو يتواصل معه ويطلب منه
- ربما يتم تأخير تحقيق الدعاء لاختبار صبر وقوة تحمل الشخص على الانتظار .
- اختار الله جل وعلا أن يعوضه عما طلبه في الدنيا بما ينفعه في الجنة والآخرة
- أنه قد منع عنه شر ما دعا به
- جعل الله في هذا التأخير وسيلة لتفريغ الشر الذي كان على وشك الحدوث والتي لم يكن الإنسان يعلم بها، ولكن الله صرفها عنه بسبب دعائه، وهذا الأمر يكون خيرًا له بحكمة الله
ما هي موانع إجابة الدعاء
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “من دعا الله بدعوة لا فيها إثم ولا قطيعة رحم، لم يُعطِ الله بها إلا إحدى ثلاث: إما أن تُعَجِّل له دعوته في الدنيا، أو أن تدخر له في الآخرة، أو أن يصرف عنه بها مكروهًا مثل ذلك
لا ينبغي للإنسان أن يدعو بالشر وينتظر استجابة الله لذلك، ثم يشكو بعد ذلك من عدم استجابة دعائه، أو يقوم بأفعال محرمة مثل الاستيلاء على أموال الناس بالباطل، ثم يدعو الله وينتظر استجابته. وهناك ثلاثة أنواع من الناس في الدعاء
– دعاء المشركيين بغير الله
هم المشركون، الذين يتخذوا مع الله خليلا، فأنهم قد يخلصوا في دعائهم في أوقات الشدة فقط، مثلهم، كمثل المسلمين الذين يتذكرون الله في أوقات الشدة والضيق فقط، وفي أوقات الرخاء لا يدعون قال تعالى: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت: 65]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: `مَنْ سرَّهُ أن يستجيبَ اللهُ له في الشدائد والكُرَبِ، فَلْيُكْثِرِ الدعاء في الرخاء
– المستكبرين على الدعاء
أما المستكبرون فهم قومٌ كان الله قد أعطاهم من فضله الواسع، ولكنهم لم يشكروا، بل طغوا واستكبروا، وقد قال الله عنهم في الآية: `ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ` [غافر: 60].
المؤمنون
ومن بينهم المؤمنون الذين يعرفون قيمة ربهم ويؤمنون بأنه لا يوجد سعادة أو نجاح في الدنيا والآخرة إلا بالتوجه إليه. وقد أشاد الله تعالى بهم قائلا: `إنهم كانوا يسرعون في فعل الخيرات ويدعوننا رغبة ورهبة، وكانوا خاشعين لنا` (سورة الأنبياء: 90).
ما هي الأمور التي يجب مراعتها عند الدعاء
الإخلاص لله في الدعاء
يجب على المؤمن أن يخلص في الدعاء، فالدعاء هو شكل من أشكال العبادة
- قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((الدُّعَاءُ هو العِبَادة)
- وقد قال الله تعالى مبينًا وجوب إخلاص العبادة له: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾
- وقال تعالى: يذكر القرآن الكريم `أَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا` [الجن: 18].
يلزم على العبد عدم الإسراع في الاستجابة للدعاء
يعلم الله سبحانه وتعالى بمصالح العباد، وهو الذي يؤخر من يشاء ويستجيب لمن يشاء، كما صرح الرسول، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول دعوتُ فلم يستجب لي
ألا يدعو بإثم أو قطيعة رحم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا يزال يُستجاب للعبد ما دام يدعو بدعوة ليس فيها إثمٌ ولا قطيعة رحم)
أن يكون القلب حاضرا أثناء الدعاء
التوجه بالدعاء إلى الله مع مناجاته بخشوع وسكينة، والثقة بأن الله سوف يستجيب للدعاء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: `ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه` وذلك بناءً على قصة أبي هريرة رضي الله عنه