مواقف تربوية من حياة الرسول مع الأطفال
أشهر المواقف التربوية في حياة الرسول مع الأطفال
في الإسلام، لآبائنا حقوق علينا، وعندما نصبح آباء، يكون لأطفالنا حقوق علينا، والصفات الرئيسية التي يجب على كل والد السعي لتحقيقها، جسدها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مواقف تربوية رائعة مع الأطفال لنقتدي به فيها، وهي كالتالي؛
- يتضمن اهتمام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالأطفال ومحبتهم
بلا شك، فإن النبي محمد، عليه الصلاة والسلام، كان يعرف الطبيعة الفطرية للمخلوقات ورحمته تشمل جميع مخلوقات الله بدون استثناء، وهذه الرحمة لا مثيل لها، وكانت معاملته للأطفال، وليس فقط لأطفاله، مثالًا يحتذى به، حيث كان يقبل الأطفال ويعانقهم في كثير من الأحيان ليعبر عن محبته ورحمته لهم.
كان النبي يهتم بشكل نشط بحياة المسلمين، على الرغم من انشغاله بأمور الدعوة والنبوة، ومن الأمثلة قصة الرسول مع الطفل الذي مات عصفوره، حيث خرج النبي عن طريقه لمواساته والتخفيف عنه.
في هذه الحالة، نشاهد مثالا للنبي الذي بذل كل جهده لمساعدة الطفل الصغير، بينما يتجاهل الكثيرون مثل هذه الحالات التافهة، ولكن يمكن لهذا النوع من العلاقات بناء الثقة وتحقيق التواصل المفتوح والتأكد من سلامة الطفل .
- صبر النبي محمد على الأبناء
كان أنس بن مالك صبيًا عندما حصل على شرف خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وروي عنه أنه لم ير النبي يفقد أبدًا صبره أو ينتقص من شأنه خلال عشر سنوات خدمته.
فعن أنس بن مالك قال- خدمتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عشرَ سنينَ ، فما قال لي أُفٍّ قطُّ ، وما قال لي لشيٍء لِمَ أفعلْهُ : ألا كنتَ فعلتَه ؟ ولا لشيٍء فعلتُه : لِمَ فعلتَه ؟.
ومن هنا نتعلم، يتوجب على الطفل أن يرتكب أخطاء في بعض الأحيان، ولكن علينا أن نتحملها بصبر مع نصائحنا وتوجيهاتنا، وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن ننصح أطفالنا باستمرار، وأن الدعاء لأولادك هو نصيحة نبوية، فإن دعاء الوالدين لأولادهم ليس مرفوضا من قبل الله سبحانه وتعالى.
- ثقة النبي محمد بالشباب
حينما عهد النبي الأمانة لأسامة بن زيد في سن السابعة عشرة ليتولى القيادة في الدفاع عن حدود شبه الجزيرة العربية، ولو كان صغير السن ومعارضة بعض الصحابة لهذا الأمر، فقد تولى هذه المسؤولية الهائلة وفق الحديث
الرسول قد صعد المنبر، فحمد لله، وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، بعد التحية، إنما وصلني خبر عن بعضكم في تأمري ضد إمارتي أسامة. وأقسم بالله إن طعنتم في إمارتي أسامة، فقد طعنتم في إمارتي أباه من قبل، ولعلكم تعلمون أنه كان للإمارة رجلاً كريمًا، وليست لها إلا ولدًا كريمًا بعده
ومن هذا الموقف التربوي، يجب على الآباء ألا يخافوا من الوثوق بأطفالهم أو الاعتماد عليهم وفقًا لقدراتهم، حيث يتوق الطفل إلى أن يتم الوثوق به، والطريقة الجيدة التي يمكن أن يوضح أحد الوالدين بها ثقته هي جعله جزءًا من قرارات الأسرة، من خلال طلب آرائهم وإدراجها في المناقشات المهمة، سيشعر الطفل أنهم جزء مهم من وحدة الأسرة التي يمكن أن تمهد الطريق لتقوية الروابط الأسرية.
- احترام النبي محمد الكبير لابنته فاطمة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف لاستقبال ابنته فاطمة رضي الله عنها في الغرفة، ويأخذ يدها ويقبلها ويجلسها إلى جانبه، ورغم أن الموقف بسيط، إلا أنه يعكس الحب والاحترام العميق بينهما.
لا يجب نسيان أهمية احترام طفلك، ويشمل ذلك الحفاظ على سرية أسراره وعدم إهانته علنًا.
- ركز النبي محمد على المعاملة المتساوية للأطفال
للأسف هناك مشكلة شائعة بين الآباء وهي تفضيل طفل على الآخر، لذا أكد النبي، وأمر بالعدل في معاملة الأولاد، ففي حديث “أن النبي لما سأله بشير بن سعد أن يعطي النعمان ولده غلامًا قال: أعطيت ولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم وأراد أن النبي يشهد فقال: إني لا أشهد على جور”.
من الأمور السائدة التي نواجهها في الأبوة والأمومة هي الإشادة بطفل واحد دائمًا، والمقارنة المستمرة بين الأطفال وتفضيل الأبناء على البنات، ويجب تجنب هذه القضايا بأي ثمن لأنها تمثل خطرًا على نفسية الطفل وتؤدي إلى تدني احترام الذات وظهور عقدة النقص.
قدم النبي محمد صلى الله عليه وسلم نموذجاً مثالياً في رعاية الأطفال، حيث علمنا كيفية التعامل معهم بشكل جيد وكيفية التعبير عن حبنا وسعادتنا لوجودهم في حياتنا. من واجبنا الآن تعلم أفضل الطرق لرعاية أطفالنا ودمج هذه التعاليم في حياتنا اليومية.
منهج الرسول في تربية الأطفال
الأطفال المخلصين لله، والأبناء، والمتضرعين بانتظام لوالديهم هم الأحجار الكريمة التي لا تقدر بثمن، والتي نتركها وراءنا في هذا العالم. إنها الاستثمارات الحقيقية التي يجب علينا القيام بها في الدنيا والآخرة.
لتنمية سلوك صحيح لدى الأطفال، يجب تعليمهم الواجبات التي يجب عليهم القيام بها، ويمكن ذلك من خلال كونك قدوة جيدة وعنصر توجيه لهم، فلا يمكن للطفل أن يتعلم الصدق إلا من مربي صادق، ولا يمكن له أن يتعلم النزاهة إلا من مربي نزيه، وهكذا.
إذا رفع الأب سماعة الهاتف ولم يرد الحديث مع المتصل، ثم أعطى طفله الهاتف وقال له “قل للمتصل إنني لست هنا”، فإنه يعلم طفله الكذب وهو مثال سيء. .
التنشئة الأخلاقية هي الجانب الأساسي في التربية الإسلامية، ولا يعني ذلك إهمال الجوانب الأخرى، ومن المهم الاهتمام بجميع جوانب الطفل، فهو يحتاج إلى القوة الجسدية والعقلية والروحية، ولذلك فإن الجوانب الروحانية المتعلقة بالعبادة لا يمكن فصلها عن الجوانب الأخلاقية.
لم تترك الأخلاق في السنة النبوية جانبا من جوانب الحياة البشرية، بل وضعت المنهجية المثالية للموقف السامي في التوافق والتكامل والبنية. كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في الأخلاق، وأفضل سبيل للاقتداء بالأخلاق الحميدة. ومن خلال المواقف العظيمة في حياة الرسول، نتعلم كيف نربي وننشئ أطفالنا.
وصايا الرسول للأطفال
يبدأ تطور الإنسان الأخلاقي من مراحل الحياة الأولى ويستمر حتى سن الرشد، وهو أساس التعيين الديني وتحمل المسؤولية. يولد الإنسان بميل طبيعي نحو الخير، والبيئة تؤثر بشكل فعال في تشكيل هذا الميل وفقا لاستعداده وقدراته الموروثة. التربية الصالحة تساهم في النمو السليم والشخص المثالي، والتنشئة الفاسدة تمحو سمات الخير وتجعله يميل نحو الفساد والشر.
يمكن تقسيم وصايا الرسول في النمو الأخلاقي إلى ثلاث مراحل : من مرحلة الطفولة المبكرة والطفولة المتوسطة والمتأخرة وصولا إلى مرحلة البلوغ والمراهقة.
- المرحلة الأولى من التطور الأخلاقي:
تبدأ عملية التطور الأخلاقي في المرحلة الأولى من حياة الإنسان خلال طفولته المبكرة، وفي هذه المرحلة يتحكم فيها غرائز الطفل واحتياجاته وميوله. يحتاج الطفل إلى تلبية هذه الاحتياجات ليعيش حياة مستقرة وسعيدة، وأي نقص أو معاملة قاسية يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في صحة الطفل النفسية والعقلية والعاطفية والجسدية. يجب على الوالدين في هذه المرحلة عدم إلقاء أي مسؤولية أخلاقية على الطفل بسبب أفعاله ومواقفه ونمط سلوكه وانفعالاته وردود أفعاله، حيث أنه غير قادر على التمييز والفهم وإصدار الأحكام السليمة. ينبغي أن يتم التعامل معه بالرحمة واللطف والتسامح.
- المرحلة الثانية من التطور الأخلاقي:
في مرحلة الطفولة الوسطى والمتأخرة، تتوسع علاقات الطفل الاجتماعية واتصاله بالآخرين في الحي والمدرسة والعلاقات الاجتماعية. يحتاج الطفل إلى التكيف المناسب مع المواقف والتحديات الجديدة في حياته، ويبدأ في التمييز بين الأفعال والسلوك التي يقبلها الآخرون والتي يرفضونها، وهذا يشكل البداية المناسبة لتشكيل سلوك جيد.
يحفز هذا التطور الأخلاقي الإيجابي الطفل على إيجاد توازن دائم بين رغباته ورغبات الآخرين، وبين توجهاته وقيمه الدينية والأخلاقية، وبهذه الطريقة يتم إظهار ملامح المسؤولية الأخلاقية للطفل حتى يبلغ نضجه العقلي والعاطفي الكامل في المرحلة الثالثة من التطور الأخلاقي، ويجب في هذه المرحلة توجيه الطفل نحو الميل الطبيعي للتقليد والمحاكاة ومتابعة الآخرين كونها أساسا هاما لنمو الطفل الأخلاقي والحصول على القيم والفضائل والميل إلى الخير.
وقد أبرزت السنة النبوية المطهرة هذا الجانب وشددت على ضرورة أن ينظر إليه بحكمة من قبل الوالدين والأشخاص الذين يتولون التنشئة وجميع المسؤولين عن تربية الصغار وتنشئتهم، وحثهم على أن يكونوا قدوة مثالية في السلوك السليم، وضبط النفس، واحترام الذات، واعتماد الصفات والفضائل الحميدة.
- المرحلة الثالثة من التطور الأخلاقي:
في مرحلة البلوغ والمراهقة يبدأ التطور الأخلاقي في الاستقرار والترسيخ، بعدها يكون الإنسان قادرًا على السيطرة على ميوله ودوافعه والالتزام بالمثل السامية التي يزرعها في نفسه وتصبح معيارًا لأفعاله الأخلاقية والسلوكية.