ملخص استرداد الرياض
الملك عبدالعزيز آل سعود هو مؤسس دولة السعودية الحديثة وأحد أهم ملوكها، وهو ابن الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن عبدالرحمن آل سعود، الذي كان يلقب بجلالة ملك الحجاز ونجد وملحقاتها. كانت للملك عبدالعزيز العديد من الألقاب، ومن بينها لقب أبو تركي الذي كان يحبه ويفضله على الألقاب الرسمية مثل جلالة الملك. وقد تبع هذا النهج أيضا لأبنائه، وحتى الملك فيصل الراحل استمر في ذلك، حيث قال للحضور الذين حضروا لمبايعته بجلالة الملك: “العظمة والجلالة لله تعالى.
تاريخ استرداد الرياض
متى تم فتح الرياض؟” يعد اليوم الخامس عشر من يناير يوما هاما وحاسما في تاريخ الوطن العربي، حيث استطاع سمو الملك عبدالعزيز آل سعود استعادة مدينة الرياض في مثل هذا اليوم من عام 1902 م، وكان هذا الحدث من الأحداث المفصلية في تاريخ منطقة شبه الجزيرة العربية والوطن العربي بأسره، إذ كان بمثابة البداية لتأسيس المملكة السعودية.
قصة استرداد الرياض مختصرة
كانت صفات الملك عبدالعزيز منذ صغره تتمتع بكل الصفات التي تجعله مؤهلا ليصبح زعيما عظيما وهاما، ولقد ساعدته إيمانه العميق بالله ورغبته النبيلة في توحيد البلاد وجعلها قوية ومحترمة. ومع ذلك، لم يمنع ذلك والده، الإمام عبدالرحمن، من القلق والخوف عليه كونه والدا حنونا، وظهر ذلك جليا في اجتماعهما في الكويت من قبل، الذي وصفه الملك نفسه بأنه كان مشحونا بالتوتر. بعد أن فشلت محاولة الملك الأولى التي قام بها في عام 1318 هـ، رفض الإمام أن يسمح لابنه بالقتال مرة أخرى، خاصة وأنه لم يبلغ بعد الرابعة والعشرين من عمره.
وبعد أن وجد الابن أن والده مصمم على الرفض لم يجد أمامه إلا والدته والتي هرع عليها وأقنعها بأن تتوسط له لدى والده الحنون ليحصل منه على الموافقة والمباركة، وبالرغم من قلب الأم الحنون إلا أنها لم تستطيع أن تقف أمام طموحات ابنها ورغبته في العودة للرياض أرض أجداده بعد أن غادروها في عام 1908هـ.
وافق الإمام وطلب من الشيخ مبارك الصباح مساعدة ابنه في غزو بعض القبائل، وكانت هذه القبائل من الموالية لابن رشيد الموالي للدولة العثمانية، الذي هاجم حفر الباطن واستعد لمهاجمة الجهراء. وقبل الشيخ مبارك، لم يرسل أي رجال مع الملك عبد العزيز، بل قدم له بعض العتاد والأموال القليلة جدا. وكان على الملك أن يستعين بنفسه وببعض رجال الأسرة ورجال البادية، وبلغ عددهم أربعين رجلا تقريبا.
في ربيع الأخر 1319هـ، خرج الملك عبدالعزيز رحمه الله من الكويت، ويقول الملك عبدالعزيز إنه سافر مع رجاله وجيشه على طول شهر شعبان وحتى اليوم العشرين من رمضان، حيث شنوا ثلاث غارات على بعض القبائل الموالية لابن رشيد في أطراف الإحساء، ولم يكن أحد يعرف مكان تواجدهم. انضم حوالي 1400 هجان وخيالا للملك خلال تلك الفترة، وكان معظمهم من قبائل العجمان وآل مرة وسبيع والسهول. رفض معظم رجال القبائل الأخرى الانضمام إليه خوفا من انتقام العثمانيين. كان الملك يوزع نصيبه من الغنائم على الرجال الذين خرجوا معه، لأنه لم يكن يسعى للحصول على مكسب شخصي، كما كان يحاول جذب مزيد من الرجال للانضمام.
اشتملت المناطق التي غزاها الملك الراحل عالية على نجد وبادية عتيبة وبادية الصاع. لم تكن تلك الفترة سهلة على الملك ورجاله بسبب ظروف الطقس ومحاولتهم التخفي قدر الإمكان عن الأنظار. ذلك دفعهم في بعض الأوقات إلى السفر من مناطق بعيدة حيث لا تتوفر العديد من الآبار أو حيث تكون المياه نادرة والمراعي قليلة. ولذلك، اضطروا في بعض الأوقات إلى شرب حليب الإبل فقط أو مزج الماء بالتمور لتخفيف مرارة الطعم.
وقد نجح الملك كثيرًا في إخفاء خط سيره حتى أن المؤرخين اختلفوا كثيرًا في خط سيره الدقيق، لكن كما ذكر سمو الملك بنفسه فقد سار باتجاه الرياض في العشر الأواخر من شهر رمضان، لأن العرب في تلك الفترة كانوا يتفرغون للصلاة والعبادة فكانت القوافل تقل، مما أتاح له ورجاله التحرك دون أن يتم رصدهم.
أثناء رحلتهم إلى الرياض، توقف الملك عبدالعزيز – رحمه الله – ورجاله في عدة مواقع، وانتهت الرحلة في حفر العتك، ومن هناك، أرسل الملك الطلائع إلى الرياض للتجسس، وقبل الهجوم، قسم الملك رجاله إلى جزئين، حيث تكون الجزء الأول من ثلاثة وعشرين رجلاً وتركهم في الركايب.
وكان الجزء الثاني من الرجال يتألف من أربعين شخصًا، وعند اقترابهم من أسوار الرياض، تقسموا إلى قسمين، حيث قاد القسم الأول سمو الملك نفسه وستة من الرجال، في حين كان القسم الثاني مكونًا من ثلاثة وثلاثين رجلًا وكان محمد، أخ الملك، هو قائدهم.
قصة ابن عجلان
تبدأ قصة الملك عبدالعزيز مع ابن عجلان عندما يتسلل الملك ورجاله من أسوار المدينة المهدمة في اليوم الثالث من شهر شوال، وفي ذلك الوقت يظهر قصر المصمك وأهميته التاريخية والحضارية. فقد قام ابن رشيد بتدمير أسوار المدينة وهدم بيوت أهل الملك التي كانت موجودة حول الحصن، وظلت قلعة المصمك هي الوحيدة المتبقية. وبجانب القصر، كان هناك بيت لرجل يبيع الأبقار يدعى جويسر، وكانت إحدى بناته تعرف الملك. فلجأ إلى منزلهم.
كان منصوب بن رشيد يعيش في منطقة المصمك، وفي يوم ما طرق الملك عبدالعزيز باب جويسر، ففتحت له إحدى بناته وأخبرها أنه مرسل من الملك لشراء بقرتين في الصباح، ودخل الملك بيت جويسر وأمر بحبس الحريم في غرفهن، ثم اتجه من هذا البيت إلى بيت ابن عجلان.
وتسلل الملك ومعه رجاله وحبسوا خدم بن عجلان في حجرة، واتجه الملك لحجرة نوم ابن عجلان، وظن أنه نائم في فراشه، لكنه وجد زوجته وأختها ولم يكن ابن عجلان موجود، لكن زوجة ابن عجلان اخبرته أنه يبيت بالقلعة ولا ينام بهذا البيت، ولا يخرج من القلعة إلا بعد أن ترتفع الشمس في السماء بمقدار 4 رماح.
استقر الملك وأخوه والرجال الذين معهم في المنزل وتناولوا التمور الموجودة معهم، ثم سألوا عن الشخص الذي سيفتح الباب لابن عجلان عند عودته. أخبروهم أن خادمة تفتح الباب له كل يوم، لذلك قرر أحد الرجال ارتداء زي تلك الخادمة والانتظار لعودة ابن عجلان، في حين انتظر باقي الرجال في غرفة تطل على باب القصر.
عندما فتح الرجال باب القصر، نزلوا مسرعين، وخرج ابن عجلان مع مجموعة من الرجال من الباب، فاتجه الملك ورجاله نحوهم، وكان الملك يحمل بندقيته، بينما كان بن عجلان يحمل سيفًا. وعندما رأى الرجال الملك يتجه نحوهم، فروا جميعًا إلى داخل القصر، وتركوا ابن عجلان بمفرده.
صوب الملك بندقيته باتجاه ابن عجلان وأطلق عليه الرصاص، لكنه حاول الدخول لبيته، فجذبه من قدمه لكن ابن عجلان ركل الملك ركلة أوقعته، فهرب داخل القصر، وكاد الملك أن يلحق به إلا أن أخيه منعه من الدخول، وكان بعض الرجال يطلقون عليهم الرصاص، فدخل دخل عبدالله بن جلوي للقصر وتبعه عشرة أخرون، وفتحوا باب القصر، ودارت معركة انتهت بأن قتل بن جلوي بن عجلان، ودخل الملك ورجاله للقصر واستقروا فيه، وأرسلوا البشرى لأبيهم عبدالرحمن وطلبوا منه أن يرسل لهم الإمدادات، وبعد شهر وصل سعيد أخو الملك ومعه مائة من الرجال ومعهم الذخيرة، وفي خلال تلك الفترة كان الملك ورجاله قد أعادوا بناء سور القصر، كما انضم للملك أيضًا ألف رجل من أهل نجد بعد أن عرفوا بانتصارهم.
قصر المصمك
هناك القليل من الناس الذين يعرفون متى تم بناء قصر المصمك. وفقا للدكتور عبد الرحمن الزهراني، بني القصر في عام 1282 م خلال فترة حكم الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود.
استخدم الملك عبد العزيز القصر كحصن لمدة عامين بعد فتح الرياض، وصور قصر المصمك من الداخل على النحو الموضح في الصورة
ما يميز قصر المصمك هو المعركة التاريخية التي استعاد بها الملك عبدالعزيز السيطرة على الرياض ووحد المملكة. يتميز القصر بوجود بوابات تاريخية بارتفاع 3.6 أمتار وعرض 2.6 متر والمصنوعة من جذوع النخل. عند كتابة وصف لقصر المصمك، يجب أن لا يغفل الحديث عن قصة استرداد الرياض وتأسيس الدولة الحديثة في المملكة.