كيف سقطت الاندلس
تعد حضارة الأندلس واحدة من أعظم الحضارات الإسلامية، واستمرت لمدة ثمانية قرون متواصلة. خلال هذه الفترة، أظهرت الأندلس مستوىا ثقافيا وفكريا رفيعا تمكن المسلمون من تحقيقه على مر التاريخ الإسلامي. وتتميز بمجالات عديدة، بما في ذلك الطب، والدين، والعمارة، والفنون، والهندسة، والشعر، والموسيقى، والكيمياء، والفيزياء، والأحياء، والعلوم الإنسانية، والفلك، وغيرها من الجوانب المتعددة .
تعد قصة العرب في الأندلس عظة وعبرة مناسبة لكل مكان وزمان، حيث مرت بعدة مراحل متتالية منذ التأسيس والنهضة والخفوت وحتى التلاشي والانتهاء، ويمكن من خلال هذه القصة التعرف على العوامل التي تؤثر في إزدهار الأمم والأخرى التي تضعفها وتدمرها .
سقوط الأندلس كانت لحظة مريرة للعرب والمسلمين، ولكنها لم تحدث بسهولة. عاشت الأندلس فترات من الرقي والعظمة والإنتاج والعطاء، ثم بدأت تتراجع تدريجيا بعد ضعف الدولة الأموية وبدء حكم الملوك الطوائف. تصاعدت الخلافات وتجزأت الأندلس إلى نحو 20 دولة صغيرة .
زادت أطماع الأوربيين في الهجوم على الدول الصغيرة والتيامن بها، ولكن ظهرت دولة المرابطين ومعها الأمير يوسف بن تاشفين، الذي نجح في وقف هذه الأطماع وضم هذه الدول إلى دولة المرابطين، وبالتالي أصبحت جزءا منها. وحارب الأمير المرابطي في العديد من المعارك، بما في ذلك (معركة الزلاقة)، وبعد فترة زمنية، قامت دولة الموحدين بالتمرد على المرابطين وهزمتهم، وبالتالي انتقلت ولاية الأندلس إلى دولة الموحدين، ولكنها سقطت في معركة تسمى (العقاب) .
ثم ظهرت دولة بني الأحمر في غرناطة، وهذا يمثل المرحلة الأخيرة قبل سقوط الدولة الإسلامية في الأندلس نهائيا، حيث حكمها عدة ملوك من هذه الدولة، وسقطت تحت حكم `فرناندو الثاني` في عام 1492 م، وتذكرنا هذه القصة بالفراق بين الأخوة بسبب النزاع بينهم .
الأسباب الرئيسية لسقوط الأندلس :
– البعد عن الله عز وجل : حيث ابتعد أهل الأندلس عن القيام بالعبادات التي كلفنا بها الله عز وجل ، وانحرفوا عن السير على المنهج الإسلامي السوي ، حيث انتشرت الأعمال الغير مقبولة والمحرمة مثل انتشار الغناء والرقص ، شرب الخمر ، والجواري وغيرها من الأعمال السيئة ، فنجد إختفاء القيم الأخلاقية والإسلامية في هذا المجتمع ، مما تسبب في انتشار الفساد ، وجرائم القتل ، السب وتدنيس الأعراض .
– انتشار الرفاهية والترف : بينما كان الحكام والأهالي مشغولين بحياة الرفاهية والترف والإسراف في إنفاق الأموال على متع الحياة مثل الطعام والشراب والملابس، لم ينتبهوا للدفاع عن دولتهم وحمايتها من المخاطر التي تهددها .
– موالاة الصليبين الأعداء : فيما يتعلق بالعلاقات الودية بين الأندلس وأعدائهم الصليبيون، فإنهم يتقربون منهم ويسعون للتحالف معهم ويطلبون منهم المشورة في العديد من الأمور الخاصة بالدولة. ويعتبر ذلك من أكبر الأخطاء التي ارتكبوها وكانت سببا رئيسيا في سقوط الأندلس .
– النزاع على الدنيا بين المسلمين : نشبت الكثير من الخلافات والنزاعات بين أفراد الدولة للسيطرة على السلطة والمناصب، مما أدى إلى ضعف القوة الواحدة لهم وتفكك صفوفهم .
– غياب دور العلماء : بسبب عدم قيام العلماء بدورهم الطبيعي في الدعوة للجهاد في سبيل الله والنهي عن المنكر والأمر بالمعروف، سقطت الأندلس وانهارت وانفككت حكمتها، فقد أصبح العلماء ينتمون للحكام وتأثروا بهم في الحق والباطل .