يمتلئ العالم بعدد كبير جدا من الدول التي وصل عددها في الوقت الحالي إلى حوالي 206 دولة. وتنقسم هذه الدول بين كبيرة وصغيرة ومتقدمة ونامية ومعترف بها في الأمم المتحدة وغير معترف بها. وعلى الرغم من أن الأنظار تتجه دائما إلى الدول الأكثر تقدما، إلا أن الدول النامية تحظى بدرجة كبيرة من الاهتمام من قبل المنظمات العالمية لمساعدتها في التحول من حالة التنمية إلى حالة التقدم .
تعريف الدول النامية
الدول النامية أو ما يشار إليها أحيانا بدول العالم الثالث أو الدول المستنمية، هي الدول التي تعاني من انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي وانخفاض في مستوى المعيشة. بالإضافة إلى ذلك، تفتقر هذه الدول إلى الموارد اللازمة للنجاح في القطاع الصناعي، وتحتل دائما المرتبة الأخيرة في معدلات التنمية البشرية بالنسبة للتنمية المجتمعية والتعليم .
على الرغم من أن الصفات السابقة تنطبق على الدول الفقيرة وليس على الدول النامية، إلا أن استخدام مصطلح الدول النامية لوصفها يعود إلى رغبة تلك الدول في تحقيق معدلات نمو أعلى، وبعضها قد بدأ بالتقدم للانضمام إلى صفوف الدول المتقدمة .
وعلى الرغم من عدم وجود معايير دولية قياسية يمكن الاستناد إليها من أجل تصنيف الدول بين نامية وفقيرة ومتقدمة ، إلى أن كافة الإحصائيات تعتمد على معدل الناتج المحلي والإجمالي ومتوسط مستوى معيشة الفرد بالدولة لتحديد المستوى الاقتصادي للدول وغيرها من المعايير الاجتماعية والثقافية الأخرى أيضًا ، وبالتالي يوجد فرق كبير بين مصطلح الدول النامية والدول الأقل تقدمًا ؛ لأن الدولة التي تبدأ طريق التنمية لن تظل طيلة حياتها في هذا الحيز ، بل سوف تحتل مكانة أخرى وهي الدول الأقل تقدمًا .
تستطيع بعض الدول الانتقال من حالة الدول الأقل تقدمًا إلى حالة الدول المتقدمة إذا كانت حريصة على تحقيق التنمية ورفع مستويات الصناعة وغيرها من المجالات الأخرى بشكل دائم ومستمر .
أهم خصائص الدول النامية
هناك مجموعة من الصفات والخصائص التي اتفق عليها الخبراء والاقتصاديين عند وصف الدول النامية، مثل:
-تتميز الدول النامية بوجود اقتصاد متشظي وضعيف، مما يتسبب في ضعف معدلات الإنتاج بها، وكنتيجة لذلك، تظهر بعض القطاعات المتباينة في هذه الدول، حيث قد تكون لديها قطاعات متقدمة واحدة فقط، في حين تعاني القطاعات الأخرى من التأخر والتخلف، ومن الممكن أن تكون بعض الدول قوية في القطاع الزراعي ولكنها ضعيفة في الصناعة والخدمات العامة وما إلى ذلك .
تعاني الدول النامية عادةً من معدلات ضعيفة في التصنيع والإنتاج الصناعي، وتتخلف كذلك في استخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة في القطاعات الخدمية .
نتيجة لتدهور الاقتصاد وانخفاض الإنتاجية، تأثرت الدول النامية بشكل كبير وفقا لاتفاقية الجات التي تهدف إلى تعميم منتجات الدول في جميع الأسواق دون قيود، وهذا بالطبع أعطى الأفضلية للمنتجات القوية التي تنتجها الدول ذات الصناعات المتقدمة، وانخفضت منتجات الدول النامية بشكل كبير .
تعاني الدول النامية من عدم القدرة على تلبية المتطلبات الخاصة والأساسية للسكان، ومن بينها عدم القدرة على توفير المواد الغذائية بشكل مستمر، وعدم القدرة على تقديم خدمات رعاية صحية جيدة، وعدم توفر الوحدات السكنية، إلى جانب عدم القدرة على توفير التعليم لجميع أبناء الوطن؛ ومن ثم ينتشر الفقر والجهل والأمية والبطالة .
في ظل الاقتصادات الضعيفة في الدول النامية، يعاني السكان دائمًا من تدني ملحوظ في مستوى المعيشة وتفشي الأمراض والأوبئة .
من بين الخصائص البارزة والهامة للدول النامية أيضا، أن هذه الدول تعاني طوال الوقت من ارتفاع نسبة الدين الخارجي، ويتسبب ذلك في اضطراب الاقتصاد ونظام المدفوعات في الدولة .
– وتعاني هذه الدول أيضا من زيادة سكانية مفرطة ومعروفة بـ “انفجار السكان”، بالإضافة إلى أن القطاع الزراعي يسيطر على السيطرة في هذه البلدان بالمقارنة مع القطاعات التكنولوجية والصناعية .
ونظراً لتراجع الأداء الاقتصادي والمظاهر المرتبطة به في هذه الدول، فإنها تعاني بالتأكيد من قلة الاستثمار وعدم اهتمام المستثمرين الأجانب بإقامة مشاريع استثمارية في أراضيها.
– تعاني الدول النامية أيضا من نقص الأمان والاستقرار وارتفاع معدلات الجريمة. وعلى الرغم من أن هذا الخلل الأمني يؤثر على العديد من الدول المتقدمة أيضا، إلا أنه يعد من الخصائص الأساسية والمميزة لجميع الدول النامية والفقيرة، بسبب عدم قدرة حكوماتها على ضمان الأمن والاستقرار العام. وبعض الدول النامية تكون عرضة للاحتلال .
تصنيف الدول النامية
وباستخدام بعض المعايير الأخرى، استطاع الخبراء والباحثون تصنيف الدول النامية إلى أكثر من نوع لتوضيح الفروق بينها وبين الدول الأقل تقدمًا. وأشار الخبراء إلى أن الدول النامية يمكن أن تنتمي إلى أحد الفئات أو التصنيفات التالية:
– الدول الصناعية الحديثة : يشير إلى الدول الواقعة في جنوب شرق آسيا وبعض الدول في أمريكا التي تعرف باسمها بالتحديد .
– الدول البترولية (النفطية) : تشمل هذه المنطقة بعض دول الشرق الأوسط والخليج العربي وشمال أفريقيا وبعض الدول في قارة أمريكا الجنوبية .
-البلدان متوسطة النمو : تتطلب طبيعة الجغرافية تقدمًا في بعض المجالات على حساب الآخرين، ومنأهم الدول التي تتوافر فيها هذه الظروف هي الدول الواقعة على طول السواحل القارية .
-الأقطار المتخلفة : تشير هذه الدول إلى تلك التي تشهد انخفاضًا ملحوظًا في معدلات النمو الاقتصادي، ويمكن أن تصنف كدول فقيرة، وتتواجد بشكل شائع في مناطق مختلفة من قارة أفريقيا .
أصل مصطلح الدول النامية
كانت الدول والأقطار التي تعاني من تأخر في مختلف المجالات، وخاصةً المجال الصناعي وغيره من جوانب التقدم والنمو، تُصنف جميعها تحت مصطلح الدول الفقيرة، وكانت تُطلق عليها أيضًا مصطلحًا آخر وهو “الدول المتخلفة .
ومع ذلك، في عام 1949م، ظهر مصطلح جديد نسبيا في أذن المواطنين وهو `الدول النامية`. تم ذكره في أحد الخطابات التي ألقاها رئيس الولايات المتحدة آنذاك، هاري ترومان، حيث أشار إلى ضرورة أن تقدم الدول المتقدمة المساعدة والدعم للدول النامية للتخلص من الفقر والجهل والمرض. ومن هنا جاء تعزيز مبدأ ومفهوم اقتصاد التنمية .
أسباب تأخر الدول النامية
وأخيرا، يجب الإشارة إلى أن تدني المستويات الاقتصادية في العديد من الدول وتصنيفها كدول فقيرة أو نامية، يرجع بشكل رئيسي إلى التعرض للاستعمار والتدمير من قبل المستعمرين الغاشمين، وخاصة الدول التي تمتلك الكثير من الثروات مثل الأراضي الخصبة والبيئة المناسبة والإنتاج النفطي وغيرها من المرادات التي تمنع تلك الدول من البناء والتقدم .