بحيرة الدماء الحمراء في تنزانيا
تعد تنزانيا الشمالية موطنا لبحيرة ناترون، وهي كيان مائي جميل لونه قرمزي، وبالإضافة إلى ألوانها المدهشة المتعددة، تحتوي المياه أيضا على تركيز عال من الأملاح الطبيعية، مما يجعلها قلوية للغاية حيث يصل مستوى القاعدية الهيدروجينية إلى ١٠.٥ .
سبب لون المياه الدموي
ما الذي يسبب تحول لون البحيرة إلى اللون الأحمر الداكن وجعل المياه حارقة كالأمونيا؟ إنه يعود إلى جيولوجية المنطقة وخاصة بركانيتها .
– تقع البحيرة على بعد نحو 20 كيلومترا شمال جبل أولدوينيو لنغاي، وهو بركان نشط يتربع فوق السهل المحيط به، ويعد أولدوينيو لنغاي هو البركان الوحيد الذي أطلق لاڤا الكربوناتيت – الذي يحتوي على القليل من السيليكا وغني بالمعادن الكربوناتية – في التاريخ البشري، ويتميز بأنه يشبه أكثر الصخور الرسوبية كيميائيا مقارنة بغيره من اللاڤا، التي تتألف في الأساس من السيليكا .
ثم يندفع مخروط البركان وتتدفق الحمم وتسقط وتتدحرج وتمر عبر الشقوق حتى تصل إلى البحيرة، لتزويدها بالعديد من المواد القلوية والمعادن الأخرى .
تمد بحيرة ناترون بالمياه بشكل رئيسي من نهر إيواسو نغيرو الجنوبي والينابيع الساخنة الغنية بالمعادن التي يمدها بركان أولدوينيو لنغاي، وتؤدي المعادن والأملاح الناتجة عن تلك العملية، ولا سيما كربونات الصوديوم، إلى رفع الأس الهيدروجيني لمياه بحيرة ناترون بكثير عن مستوى الأس المتعادل للماء الذي هو 7 .
الحياة البيئية على البحيرة
الكائنات الحية المجهرية الموجودة في البحيرة
تتوفر جميع الظروف المذكورة أعلاه لنمو الكائنات الحية المجهرية الملحية holoarchaea، وهي فئة من الكائنات الحية المجهرية التي تنمو في البيئات المالحة، وخلال تكاثرها تتحول هذه الكائنات إلى لون أحمر .
: تدوم المواسم الممطرة في تلك المنطقة من مارس إلى مايو، ولقد التقط القمر الصناعي لناسا صورا رائعة للبحيرة في مارس ٢٠١٧، عندما كانت مستويات المياه منخفضة وكانت المستنقعات الملحية ملونة بشكل جميل .
الطيور المتواجدة
لا تستطيع معظم الحيوانات تحمل درجة ملوحة وقلوية مياه بحيرة ناترون ، وعلى الرغم من ذلك تعد البحيرة موطنا لبعض السلالات التي تمكنت من التكيف وتحمل الظروف الكيميائية القاسية ، حيث تخيم أسراب الطيور عادة على سواحل البحيرة ويتحدى السمك البلطي مياهها المالحة .
تفضل طيور الفلامنغو الخاصة بنوع البشروس هذه المنطقة بشكل خاص لتعشيشها خلال فصل الجفاف، حيث توفر القنوات المائية الشبيهة بالخنادق والمياه القاسية ملجأ آمنا لها من الحيوانات المفترسة .
المناخ
يتميز المناخ هناك بالجفاف، حيث تتلقى البحيرة أقل من 500 ملم من الأمطار في عام “النينيو”، وعادة ما يتجاوز التبخر تلك الكمية، لذا تعتمد البحيرة على مصادر أخرى، مثل نهر إيواسو نجيرو في الطرف الشمالي، للحصول على إمداد مائي خلال فترة الجفاف .
ترجع كيمياء البحيرة الغريبة إلى النشاط البركاني في المنطقة، حيث تنتج البراكين مزيجا مذابا من أملاح كربونات الصوديوم وكربونات الكالسيوم. يتحرك هذا المزيج تحت الأرض ويصب في أكثر من 20 ينبوعا ساخنا، وفي النهاية يصب في البحيرة. ومع ذلك، تعتبر هذه البحيرة سلاحا ذو حدين، وهو ما يؤكده وجود طيور الفلامنجو .