أسباب وعلاج مرض تضيق الشريان الأبهر
ضيق التنفس أو عسر التنفس، يعني الشعور بالتعب أثناء القيام بعمليتي الشهيق والزفير، وهو يعتبر سببا للوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يدخل نسبة 51% من الأشخاص الإسعاف لمحاولة إنقاذهم وعلاجهم، ويموت 13% بشكل فجائي نتيجة لاختناقهم وعدم قدرتهم على التنفس. وضيق التنفس له أسباب كثيرة، وغالبا ما تتعلق بأمراض الرئة أو القلب، مثل ربو تنفسي أو انسداد في القصبات الهوائية. وبخصوص السؤال المطروح عما إذا كان الشريان الأبهري يسبب ضيقا في التنفس، فالإجابة هي نعم، ففي معظم الحالات يكمن المشكلة الرئيسية لدى المريض في انسداد الصمام الأبهري لديه، لذلك سنقوم من خلال هذا المقال بتوضيح أسباب تضيق الصمام الأبهري، والأعراض التي تظهر جراء هذا التضيق.
تضيّق الصمام الأبهري
من الأهمية بمعرفة أن الصمام الأبهري يوجد على الحد الفاصل بين جذر البطين الأيسر وجذر الشريان الأبهر، وهو الشريان الأكبر في جسم الإنسان. يتألف هذا الصمام من ثلاث وريقات متساوية الحجم. عند حدوث تضيق في الصمام، يحدث انقباض شديد في البطين الأيسر (الغرفة السفلى اليسرى في القلب) ويزيد ضغط الدم داخله بنسبة تفوق مستواه في الشريان الأبهر. كما يزداد مقاومة تدفق الدم من خلال الصمام، ويزيد الضغط الانقباضي في البطين الأيسر، مما يتطلب من البطين الأيسر بذل مزيد من الجهد لضخ الدم.
وبناء على ذلك، يؤدي التضيق الحاصل إلى زيادة عبء عضلة القلب التي تحاول تحريك الدم من خلال الصمام المتضيق، ويؤدي هذا إلى ارتفاع ضغط الدم في البطين الأيسر، مما يمكن أن يؤدي إلى حدوث وفاة مفاجئة. غالبا ما يتم علاج هذه المشكلة بعملية استبدال صمام القلب، وهو الإجراء الجراحي الأكثر خطورة في جراحة القلب المفتوح، والذي يمكن أن يؤدي إلى وفاة المريض.
أسباب تضيّق الصمام الأبهري
أولاً: تضيّقات خلقية
تعود سبب ضيق الشريان الأبهري للأطفال حديثي الولادة إلى تشوهات خلقية، وإذا لم يتم علاجه يؤدي ذلك إلى ضعف عضلة القلب خلال الأسابيع الأولى بعد الولادة. يمكن أن يكون الصمام الأبهري ذو ورقة واحدة أو ورقتين، وهذا ناتج عن خلل خلقي نادر جدا وشائع بين الشباب. بشكل طبيعي، يجب أن يكون الصمام ثلاثي الوريقات، ولكن هذا التشوه لا يمكن ملاحظته في سن الطفولة، بل يظهر بعد سن الثلاثة.
ولا تظهر أعراضه بشكل واضح، إلا بعد سن الأربعين أو الخمسين، ونتيجة لهذا التشكل، يزيد الجهد الواقع على أطراف الوريقات، مما يؤدي إلى تصلبها مع مرور السنين، ومن ثمّ تضيّق الصمام الأبهري، ومن الممكن ألا تظهر الأعراض فوراً، وبالتالي يُفضل إجراء فحص للقلب بعد سن الثلاثين، والأشخاص الحاملين لصمام أبهري ثنائي أو أحادي الطرف، عليهم أن يقوموا بمراجعة دورية للطبيب كل فترة، وعدم إجراء أي عملية إلا حين التأكد من حصول حالة التضيّق.
ثانياً: تضيّقات مكتسبة
قد يرجع تضيّق الشريان الأبهري، إلى التهاب الشغاف، وهو الطبقة المبطنة لعضلة القلب، وينشأ هذا الالتهاب بسبب حدوث الحمى الروماتيزمية، والتي ينجم عنها تشوهات في الصمام الأبهري، والتي تسبب تضيّق الصمام. ويجب أن نعلم أنّ حالة الحمى الروماتيزمية، أصبحت نادرة الحدوث، وذلك بعد اكتشاف المضادات الحيوية، وأصبحت حالة تضيّق الصمام الأبهري بسبب الحمى، شبه معدومة خصوصاً في المجتمعات المتحضرة.
تواجهنا مشكلة شائعة جدا، وخاصة في العالم الغربي، وهي مشكلة تصلب التدريجي للصمامات، وتشبه إلى حد ما ما يحدث في تطور مرض التصلب العصبي المتعدد. تزداد هذه الظاهرة بشكل كبير مع التقدم في العمر، خاصة لدى كبار السن، نظرا لارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستوى الكولسترول في الدم. يمكن تأخير تطور التضيق من خلال العلاج المبكر.
أعراض تضيق الصمام الأبهري
هناك العديد من الأعراض التي يمكن أن تظهر وتدل على وجود مشكلة في الصمام الأبهري. ومن الممكن أن تظهر هذه الأعراض تدريجيا، والعلامة الثابتة الوحيدة هي النفخة الأبهرية التي يمكن سماعها عبر السماعة الطبية. تحدث هذه النفخة بين الضلعين الثالث والرابع في الجهة اليسرى من عظمة القص، وتحدث نتيجة لتسارع تدفق الدم خلال التضيق، مما ينتج صوتا عاليا يمكن سماعه أثناء تدفق الدم، ويمتد في اتجاه مجرى الدم. وأقرب الشرايين التي يمكن سماع النفخة فيها هي الشرايين السباتية، وذلك بسبب قربها من الصمام الأبهري.
مع تطور المرض وزيادة التضيق، تظهر الأعراض الأخرى بعد سن الخمسين، وتبدأ أعراض ضيق التنفس بسبب عدم قدرة البطين الأيسر من العضلة القلبية على ضخ الدم خلال الصمام المتضيق، وخاصة عند بذل الجهد، مما يؤدي إلى احتباس الدم في الدورة الدموية الصغيرة ثم في الأوعية الدموية في الرئة. ليس من الضروري أن يتلف البطين الأيسر بالكامل عند ظهور أعراض ضيق التنفس، ولكن يجب تلقي العلاج بعناية وعدم تأجيله لتفادي أي أضرار على البطين الأيسر ومن ثم العضلة القلبية.
يعاني ما بين 30 و40% من تضيق الصمام الأبهري، ويظهر ذلك بالذبحة الصدرية عند بذل الجهد، ويعاني بعض الأشخاص من حالة الإغماء المصاحبة للذبحة الصدرية، ونسبتهم تتراوح بين 13 و25%. ويعد الإغماء من الأعراض الخطيرة، لأنه يشير إلى عدم قدرة القلب على تلبية الحاجة المتزايدة للدم بسبب تضيق الصمام، مما يؤدي إلى نقص التروية الدماغية ويمكن أن يسبب تباطؤا في ضربات القلب نتيجة الضرر الذي يصيب العقدة الأذينية البطينية. لذا، يتعين متابعة العلاج بشكل صحيح بمجرد حدوث الإغماء خوفا من وفاة فجائية.