لماذا نذبح في عيد الأضحى ؟.. والحكمة من ذلك
تعريف الأضحية
الأضحية هي اسم يطلق على ما يتم ذبحه في أول أيام عيد الأضحى، ويتم ذبحها من الأنعام تقربا لله سبحانه وتعالى، ويتم جمع الأضاحي كلمة تشير إلى جميع الأنعام التي تم ذبحها في هذا اليوم وحتى آخر أيام التشريق.
لماذا نذبح في عيد الأضحى
الأضحية مشروعة وقد نُقل عن مشروعيتها بالإجماع من قِبل ابن قدامة وابن دقيق العيد وابن حجر والشوكاني، وسنوضح حكم مشروعية الأضحية في الأسطر القادمة، حيث إن الأضحية شُرعت لأسباب دينية عديدة ومهمة، وأوضحها مركز الأزهر للفتوى، وتتجلى في:
- يتم ذبح الأضحية في عيد الأضحى للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى وأداء العبادة له، واستجابة لله ولرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام. يقول الله جل وعلا في سورة الحج: `ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات علىٰ ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير`. ولذلك نجد أن ذبح الأضحية هو أفضل من التصدق بثمنها، وهذا هو الاجماع لجميع العلماء. وكلما كانت الأضحية أغلى وأسمن، كانت أفضل. ولهذا كان الصحابة يسمنون الأضاحي. فقد ذكر البخاري في صحيحه: قال يحيى بن سعيد: سمعت أبا أمامة بن سهل يقول: `كنا نسمن الأضاحية بالمدينة، وكان المسلمون يسمنون`.
- الأضحية هي تعبير عن الشكر لله تعالى على نعمة الحياة ونعمة المال.
- هذا العيد هو إحياء لسنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، عندما أمر بذبح الفداء عن ابنه إسماعيل عليه السلام في يوم النحر، والهدف هو تذكير المؤمن بأن سبب الفداء ورفع البلاء كان بسبب صبر سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، بالإضافة إلى أنهما عملا على طاعة الله عز وجل وتقديم محبتهما على محبة النفس والولد، والهدف من هذا التذكير هو تشجيع المؤمن على الصبر والطاعة لله سبحانه وتعالى، والعمل على تقديم محبة الله عز وجل على أهواء النفس وشهواتها.
- إن الأضحية هي وسيلة للتوسعة على الذات وتعميق العلاقة بأهل البيت، بالإضافة إلى أنها تعكس مبادئ احترام الجار والضيف ومساعدة الفقير والتصدق عليه. وكل هذه الأمور تعبر عن الفرح والسرور بالنعم التي أنعمها الله على الإنسان. وفي الأضحية، نشعر بنعمة الله وتجلية فضله، فقد قال الله سبحانه وتعالى: `وأما بنعمة ربك فحدث`.
- في الأضحية والإراقة، تتجلى المبالغة في تصديق ما أخبرنا به الله سبحانه وتعالى، حيث ذكر في كتابه العزيز أنه خلق الأنعام لمصلحة الإنسان، ولذلك يجوز للإنسان ذبحها ونحرها لاستخدامها كطعام. وأشار العلامة ابن قيم الجوزية – رحمه الله – في كتابه النفيس تحفة المودود في أحكام المولود / صفحة (65) إلى أنه لن ينال الله لحومها ولا دماؤها، ولكن يناله التقوى منكم، وهكذا سخرها الله لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين.
- يعلم الأضحية الإنسان عبادة الله عز وجل.
- يُذكر اسم الله عند الذبح ويُعلن التوحيد.
حكم الأضحية في عيد الاضحى
حكم ذبح الأضحية في عيد الأضحى هو سنة مؤكدة من خلال القول والفعل، ويرتبط هذا الحكم بقدرة الشخص على القيام به. وهذا هو الرأي المشهور في المذهب المالكي، وبالإضافة إلى ذلك يؤيده المذهب الشافعي والحنبلي والظاهري. وهناك حكمة وراء صلاة العيدين، وهناك أدلة تؤكد أن حكم ذبح الأضحية هو سنة مؤكدة كما جاء في السنة النبوية الشريفة
- عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي؛ فلا يلمس من شعره وبشرته شيئا`، والمعنى المقصود من هذا الحديث الشريف هو أنه ينبغي أن يكون الذبح تابعا للإرادة، وأن الواجب لا يتأثر بالإرادة
- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم لي عائشة: هاتي كبشا ذو قرون يمشي في الظلام ويبارك في الظلام وينظر في الظلام لأضحي به. فأتتني به لأضحي به. ثم قال لها: احجري السكين. فقامت وشحذتها بالحجر. ثم أخذت السكين وأخذت الكبش ووضعته على الأرض. ثم ذبحته وقال: بسم الله، اللهم قبله من محمد وعائلة محمد وأمة محمد. ثم أضحى به.” والدلالة الرئيسية لهذا الحديث الشريف هي أن رسولنا الكريم قد قام بالتضحية من أجل أمته وأهله، وهذا الأضحية تعوض عن الذين لم يضحوا بأنفسهم، سواء كانوا قادرين على ذلك أم لا.
أما الأدلة من الآثار فتتجلى في :
- عن حُذيفةَ بنِ أُسَيدٍ، قال: “لقد رأيتُ أبا بكرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما وما يُضَحِّيانِ عن أهلِهما؛ خَشْيَةَ أن يُسْتَنَّ بهما، فلمَّا جِئْتُ بلَدَكم هذا حَمَلَني أهلي على الجَفَاءِ بعدَ ما علِمْتُ السُّنَّةَ”.
- قال عِكْرَمةُ: كان ابن عباس يرسلني في يوم الأضحى بدرهمين لشراء لحم، ويقول: إذا لقيت أحدًا فقل: هذه أضحية ابن عباس.
- عن أبى مسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أعتذر عن إحياء عيد الأضحى وأنا مُوسِر، خشية أن يراه جيراني ويعتقدوا أنه واجب عليَّ.
دليل الأضحية من القرآن
روي عن قتادة وعطاء أن قوله تعالى: هذه الآية الكريمة “إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر” تشير إلى أن الصلاة هي صلاة العيد، وأن النحر هو ذبح الأضحية. وفي هذه الآية، أمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمد عليه الصلاة والسلام بأن يجعل صلاته والنحر خالصين لوجه الله وحده لا شريك له. كما قال الله سبحانه وتعالى: “قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين”. وثبتت سنة الأضحية عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام من حيث القول والعمل. ولا يلزم أن توضح كل حكم موجود في القرآن الكريم بشكل تفصيلي، ويكفي أنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام وفقا لقوله تعالى: “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا”. وتتضمن الآيات التي وردت فيها الأضحية في القرآن الكريم:
- قوله تعالى: “فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ”.
- قوله تعالى: يقول الله سبحانه وتعالى: `ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير`.
- قوله تعالى: “وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”.
- قوله تعالى: قال الله تعالى: `ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، فإلهكم إله واحد، فله أسلموا وبشروا المخبتين`.