دلائل قدرة الله في سورة النازعات
دلائل قدرة الله في سورة النازعات
يتحدث الله في سورة النازعات عن البعث ويؤكد حدوثه بالدلائل والقرائن الكثيرة، ويشرح كيفية الحساب ويؤكد وجوده، وتحتوي السورة على آيات تدل على قدرة الله عز وجل وعظمته، وتتحدث عن مصير المؤمنين الموحدين بالله تعالى، ومصير المكذبين والمنافقين، ولقد أقسم الله عز وجل على كل ما سبق في سورة النازعات.
بدأت سورة النازعات بقسم من الله عز وجل يتحدث عن (والنازعات غرقا)، ثم تناولت السورة كيفية قبض الملائكة لأرواح الناس، سواء كانوا مؤمنين أو كفارا، ويختلف كيفية قبض أرواح المؤمنين عن كيفية قبض أرواح الكفار، ولكل فئة منهم حساب مختلف، كما يلي
كيفية قبض الملائكة لأرواح الكفار
تبدأ السورة بقول الله تعالى `والنازعات غرقاً`، والمقصود هنا الملائكة المختصة بسحب أرواح الكافرين والمنافقين، وتتم عملية سحب الروح بشكل عنيف وقوي تجاهلًا لكفرهم ونفاقهم في الدنيا وعدم إيمانهم بالله ورسله والكتب التي أنزلها واليوم الآخر.
في بداية السورة، تتضمن مشهدًا عظيمًا وقويًا ومخيفًا للكافرين والمنافقين، حيث يحذرهم ويدعوهم للإيمان بالله عز وجل والخضوع والامتثال لأوامره وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم.
كيفية قبض الملائكة لأرواح المؤمنين
ثم أقسم الله سبحانه وتعالى وقال (والناشطات نشطا) والمراد بالناشطات هنا الملائكة التي تقبض أرواح المؤمنين والموحدين بالله عز وجل، حيث تقوم الملائكة بقبض أرواح المؤمنين برفق شديد وبسرعة لكي لا يشعر أحد منهم بأي شيء يؤلمهم، فهذا كله دليل على رحمة الله عز وجل بعبادة المؤمنين وقدرته على فعل كل شيء.
عدم رؤية الملائكة وهي تنزع الروح رحمة من الله عز وجل
أنعم الله تبارك وتعالى علينا بشيء نغفل أحيانًا عنه ولا نتداركه ولا نتدارك رحمة الله بنا من خلاله، هذا الشيء هو عدم استطاعتنا على رؤية كيفية نزع الملائكة للروح، فهذا المشهد مشهد مهيب وعظيم ومليء بالرعب فلو شاهدنا أي مشهد من هذه المشاهد لتملك الرعب من قلوبنا ولن نتمكن بعد ذلك من العيش طبيعيًا بدون خوف ورهبة.
ما تناولته سورة النازعات من مشاهد يوم القيامة
قال الله عز وجل في القرآن الكريم: `يوم ترتجف الأرض والجبال وتتبعها الرادفة`، ويشير ذلك إلى حدوث النفخة الأولى في يوم القيامة. بعد حدوث الرجفة الأولى، تحدث النفخة الثانية التي تؤدي إلى ارتجاف القلوب وحدوث رجفة أخرى. في هذه اللحظات، تصبح أعين الناس خاشعة ومذعورة، حيث تمتلئ القلوب بالخوف والرعب. مشاهد يوم القيامة هي واحدة من أهم المواضيع التي ذكرت في سورة النازعات.
طغيان فرعون وعقاب الله عز وجل له
كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في أمس الحاجة إلى معرفة بعض حكايات وقصص الأمم السابقة، وذلك لتقوية قلبه بنصر الله عز وجل له على طغيانهم، وعقاب الله سبحانه وتعالى لهم.
حيث قال الله تعالى : (ٱذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ * فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّى * وَأَهۡدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ * فَأَرَىٰهُ ٱلۡأٓيَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰ * فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدۡبَرَ يَسۡعَىٰ * فَحَشَرَ فَنَادَىٰ * فَقَالَ أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ * فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأٓخِرَةِ وَٱلۡأُولَي * إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّمَن يَخۡشَىٰٓ)
تشير الآيات السابقة في سورة النازعات إلى أن الكفار والطغاة لن يؤمنوا ولن يتراجعوا عن طغيانهم وكفرهم بالله، مهما حاول الرسول عليه السلام تقديم الآيات والأدلة والمعجزات.
لقد قاوم النبي موسى عليه السلام فرعون ودعاه للإيمان والتوحيد بالله تعالى، ولكنهم رفضوا وظلوا على طغيانهم وعدم اتباع أوامر الله عز وجل ونبيه. وفي النهاية، كانت نهاية فرعون والظالمين مأساوية كعقاب لطغيانهم.
الدروس المستفادة من قصة سيدنا موسى عليه السلام مع فرعون
في سورة النازعات ، ذكرت معلومات لم يتم ذكرها في سور القرآن الكريم الأخرى. فقد أخبرنا الله عز وجل فيها بكلام فرعون (فقال أنا ربكم الأعلى ﴿٢٤﴾ فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ﴿٢٥﴾ إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ﴿٢٦﴾)، فقد تجاوز فرعون إلى حد أنه قال للناس: “أنا ربكم الأعلى،” ولم يؤمن برب موسى.
ذكر الله ما قاله فرعون لأنه عندما يتحدث الله عن يوم القيامة، يتحدث عن الأهوال والرعب التي تملأ قلوب الطوغيين في هذا اليوم، وعن النعيم والفضل الذي ينتظر المؤمنين بالله تعالى فيه، وعندما يتحدث الله عن عذاب المنافقين والطوغيين، يذكر قصة فرعون وما حدث مع سيدنا موسى عليه السلام.
قال الله تعالى لجميع عباده إن ارتفع طغيانكم في الأرض وتجاوز الحدود، فهل يشبه طغيانكم طغيان فرعون؟ يحذر الله الناس من كفرهم وطغيانهم، لأن مصيرهم في النهاية سيكون مثل مصير فرعون الذي ادّعى أنه إله الناس الأعلى.
فضل سورة النازعات
سورة النازعات هي سورة عظيمة توضح عدل ورحمة الله تعالى والنعيم الذي سيتمتع به المؤمنون الموحدون بالله يوم القيامة، وتشرح كيف سيعاقب الله الكافرين والمنافقين. تحكي السورة قصة نبينا موسى مع فرعون لتقوية قلوب المؤمنين وزيادة عزيمتهم قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حيث شملت السورة أيضًا آيات من ضمن آيات نعيم المؤمنين وعذاب الكفار في الأخرة حيث قال الله تعالى : (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36) فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)
يذكر في السنة النوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل سورة النازعات، ولكن هذا الأثر يعود إلى صحابي جليل وهو الصحابي مسعود رضي الله عنه. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي كثيرا بسورة النازعات.
وقد ذكر أحد علماء التفسير فضل سورة النازعات بأنها تحبس صاحبها في القبور وفي القيامة حتى يدخل الجنة بقدر صلاة مكتوبة، وأنها تستغفر له الملائكة أيام حياته إذا قرأها، وأن لصاحبها بكل آية يقرؤها مثل أجر الذين آمنوا بموسى.
فضل قراءة القرآن الكريم
ولقد بين لنا العلماء أن تعلم القرآن الكريم، وتلاوته من أشرف الأعمال، حيث لا يوجد أعظم من كتاب الله عز وجل ولقد ورد أيضاً عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ).
فيجب أن يجمع المسلم بين قراءة القرآن الكريم، والصوم، والذكر، والتكبير، والصدقة حيث أن كل منها اجر كبير وفضل وثواب كثير عند الله عز وجل، وسورة النازعات من ضمن الكثير من السور التي تبين لنا قدرة الله عز وجل، وتثبت لنا وجود البعث ويوم الحساب، فلقد تضمنت سورة النازعات بعض مشاهد يوم القيامة والبعث، وكيفية قبض الملائكة لروح المؤمنين والكفار، وبيان الفرق بين كيفية قبض روح كلًا منهم.