أبو الدرداء صاحب مقولة « تفكر ساعة خير من قيام ليلة »
عويمر بن زيد الأنصاري، الصحابي الجليل الذي روى الأحاديث عن رسول الله، واشتهر برجاحة عقله وحكمته بين الصحابة. وقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: `هو حكيم أمتي`. وكان صائما، قائما، وحافظا لكتاب الله، وشهد جميع المشاهد مع رسول الله، عدا معركة بدر لأنه لم يكن مسلما حينها. وبعد وفاة الرسول، أرسله عمر بن الخطاب إلى دمشق لتعليم أهلها القرآن وتعاليم الإسلام، وظل بها حتى توفي رحمه الله.
قصة إسلامه:
كان أبو الدرداء مشركًا يعبد صنمًا، وقد أسلم جميع أهل أبي الدرداء إلا هو وفي يوم من الأيام دخل بيته أخوه لأمه وهو عبدالله بن رواحة وصديقه محمد بن مسلمة، فكسرا صنمه وانطلقا وعندما عاد أبو الدرداء إلى بيته وجد معبوده ملقى على الأرض قد تهشمت رأسه، فظل يجمع فيه ويخاطبه: ويحك! هلا امتنعت! ألا دافعت عن نفسك؟، فأجابته زوجته وكانت قد سبقته إلى الإسلام: لو كان ينفع أو يدفع عن أحد، دفع عن نفسه ونفعها، وهنا علم أبو الدرداء أن صنمه لا يضر ولا ينفع فتركه وانطلق إلى رسول الله ليعلن إسلامه بين يديه فكان أبو الدرداء آخر الأنصار إسلامًا، وآخر أهله إسلامًا.
سيرة الصحابي أبو الدرداء:
هو عويمر بن زيد من بني كعب بن الخزرج، أمه محبة بنت واقد بن عمرو الخزرجية، وأخوه لأمه هو عبدالله بن رواحة، آخى رسول الله صل الله عليه وسلم بينه وبين سلمان الفارسي، لم يشهد بدر لأنه لم يكن مسلمًا حينها، وقد شهد أحد وما بعدها من جميع المشاهد، دعا له رسول الله صل الله عليه وسلم يوم أحد لما رأى من شجاعته واستبساله وقال: «نعم الفارس عويمر».
كان أبو الدرداء صائما، متدينا كثير العبادة، حافظا لكتاب الله وقد قرأ القرآن على رسول الله، وقد قال عنه أنس بن مالك: `توفي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن إلا أربعة: أبو الدرداء ومعاذ وزيد بن ثابت وأبو زيد`
قال عنه رسول الله صل الله عليه وسلم: «هو حكيم أمتى»، وكانت له منزلة رفيعة بين الصحابة حتى أن معاذ بن جبل حين حضرته الوفاة قالوا له: أوصنا، فقال: «العلم والإيمان مكانهما، من ابتغاهما وجدهما. – قالها ثلاثا- فالتمسوا العلم عند أربعة: عند عويمر أبي الدرداء وسلمان وابن مسعود وعبد الله بن سلام الذي كان يهوديًا فأسلم»
أبو الدرداء في الشام:
عندما توفى رسول الله صل الله عليه وسلم كان أبو الدرداء في المدينة، وفي خلافة عمر بن الخطاب أرسل إليه يزيد بن أبي سفيان يطلب المدد من عمر بن الخطاب بمجموعة من الصحابة لتعليم أهل الشام القرآن والدين وقال: «إن أهل الشام قد كثروا، وملئوا المدائن، واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم. فأعني برجال يعلمونهم« فبعث إليه عمر بثلاثة هم معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت وأبو الدرداء، وقد استقر أبو الدرداء في دمشق وكون حلقة للعلم كان بها أزيد من ألف رجل، كل عشرة لهم ملقن وأبو الدرداء يطوف عليهم ويباشرهم ومن يحفظ يعرض حفظه عليه، وظل أبو الدرداء بدمشق حتى توفى بها.