تفسير ” أليس الله بكاف عبده “
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [سورة الزمر: 36-40]
تفسير الآيات:
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}: يعني أن الله سبحانه وتعالى يكفي من عَبَدَهُ وتوكل عليه، وعن فضالة بن عبيد الأنصاري أنه سمع رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: «أفلح من هدى إلى الإسلام وكان عيشه كفافًا وقنع به» {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}: يعني المشركين يخوفون رسول الله ويتوعدونه بأصنامهم وآلهتهم التي يدعونها من دونه جهلًا منهم وضلالًا ولهذا قال الله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ}: أي منيع الجناب لا يضام من استند إلى جنابه ولجأ إلى بابه فإنه العزيز الذي لا أعز منه ولا أشد انتقامًا منه، ممن كفر به وأشرك وعاند رسول الله صل الله عليه وسلم.
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}: يعني أن المشاركين كانوا يعترفون بأن الله هو الخالق لكل الأشياء، وبالرغم من ذلك يعبدون غيره، وهذا لا يضر ولا ينفع. ولهذا تقول الآية: “أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هؤلاء الذين تعبدونهم قادرون على دفع ضره أم أرادني برحمة هل هؤلاء الذين تعبدونهم قادرون على منع رحمته”. أي أن تلك الأشياء التي تعبدونها بجانب الله لا تستطيع فعل شيء. وتقول الآية الأخرى: “حسبي الله”. أي الله يكفيني وحده. “عليه يتوكل المتوكلون”. أي من يتوكل على الله يعينه ويساعده. وكما قال النبي هود عليه السلام عندما قال لقومه: “إنما نعترضني ببعض آلهتنا بسوء. قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون بي. فكيدوني جميعا ثم لا تنتظروا. إني توكلت على الله ربي وربكم. ما من دابة إلا هو أخذ بناصيتوكلها. إن ربي على صراط مستقيم” [سورة هود: 54-56]. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله.
{قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ}: أعني بذلك العمل على طريقتي ووفق منهجي، وهذا تهديد وتحذير لهم، فسوف يتعلمون نتيجة أفعالهم وسيواجهون العواقب السيئة في الدنيا وسيكون العذاب المستمر هو يوم القيامة.