تفسير قول الله ” ولا تطع كل حلاف مهين “
سورة القلم: هذه سورة مكية نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، وتعد السورة الثانية التي نزلت على الرسول بعد سورة العلق، وبدأ الله تعالى بتمجيد الرسول وقوله تعالى: `وإنك لعلىٰ خلق عظيم`، ثم أمر الله الرسول بالابتعاد عن بعض أنواع البشر وذكر تسعة أنواع منهم، حيث قال تعالى: `ولا تطع كل حلاف مهين`، وسنتعرف في السطور القادمة على تفسير هذه الآية.
سبب نزول قوله تعالى (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ):
يقال أن سبب نزول هذه الآية هو بسبب ادعاء الوليد بن المغيرة بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يدعي النبوة وهو من قام بكتابة آيات الله، ووصف القرآن الكريم أنه من أساطير الأولين فنزلت هذه الآيات على سيدنا محمد بها تسع صفات تصف الوليد ابن المغيرة، حتى يقال أنه لم يعرف أنه ابن زنا ولا نسب له حتى نزلت هذه الآيات.
تفسير قول الله (ولا تطع كل حلاف مهين):
– تفسير النابلسي:
فسر الدكتور محمد راتب النابلسي قوله تعالى (ولا تطع كل حلاف مهين)، حيث يعني كلمة حلاف الشخص الذي يحلف كثيرا لأنه غير واثق من كلامه، ويعتمد على كثرة الحلفان بالله لجذب ثقة الآخرين، ولكن هذا الشخص الكذاب لا يحترم نفسه ويستخدم كثرة الحلفان رغم أنه يعرف أنه يكذب.
يفسر قوله تعالى (هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) أن الشخص النمام يمنع من دخول الجنة، إذ إن النميمة من الكبائر، وتشمل ذكر شخص ما بالشر للآخرين. فالنمام يفشي الشر بين المسلمين، وينشر العداء ويفرق الأصدقاء
يعني قول الله (مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) أن هذا الشخص لا يفعل الخير ويحاول منع الآخرين من فعله، وينتهك حقوق الآخرين ويستغل أموالهم بغير حق.
وفسر قوله تعالى: الشخص الذي يُعرَف بـ `عتل بعد ذلك زنيم` هو شخص غليظ الجسم، ليس له نسب ولا ينتمي لأي مجتمع، ولديه فكر مخالف للشريعة الإسلامية، ويميل لارتكاب الذنوب والفواحش بكثرة.
تفسير الطبري:
فسر الطبري قوله تعالي: (ولا تطع كل حلاف مهين)، يأمر الله تعالى نبيه بعدم الانصياع وعدم الإيمان بالشخص الذي يقسم بالله كثيرا، لأنه على الأرجح يكذب، وهو شخص ضعيف يستخدم الحلفان لتعزيز موقفه، ولكن الآخرين يصدقونه.
يفسر بعض المفسرين قوله تعالى (هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) بأنه يشير إلى الغيبة والنميمة وتناقل الأخبار السيئة بين الناس، وهذا يؤدي إلى إشاعة الشر في المجتمع.
يُفسر قول الله (مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) بأنه يشير إلى شخص بخيل ولا يقوم بإعطاء الحقوق لأصحابها، ويقوم بالكثير من المحرمات.
وفسر قوله تعالى: وصف (عتل بعد ذلك زنيم) بأنه متمسك بالكفر، وهو شخص يرتكب الكثير من الذنوب ويفعل الفواحش باستمرار.
تفسير ابن كثير:
وقد فسر ابن كثير قوله تعالى: يشير المثل (ولا تطع كل حلاف مهين) إلى أن من يقوم بالكذب يفعل ذلك بسبب ضعفه وعجزه وهوانه، وبسبب إيمانه الزائف، ولا يستطيع الشخص الذي يؤمن بأسماء الله المقدسة أن يحلف بها بالكذب واستخدامها في كل الأوقات دون الشعور بقدسيتها، إلا إذا كان ضعيف القلب ومنافقًا.
وفسر قوله تعالى(هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) حيث أكمل الله وصف ذلك الشخص بعرض باقي صفاته وهي الاغتياب، وينقل الحديث الفاسد بين الناس وهذا من الأعمال السيئة التي يعذب الله من يفعلها ولا يدخله الجنة حيث قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنة قتات)، والقتات تعني النمام.
يفسر قول الله (مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) بأنه يمنع الخير عن نفسه بتناول ما حرمه الله، ويقول (عتل بعد ذلك زنيم)، وهذا يعني الذي يظلم الناس .