سبب نزول الآية ” والشجرة الملعونة في القرآن “
وعندما قلنا لك أن ربك يحيط بالناس، وأننا لم نجعل الرؤيا التي أريناك إلا اختبارًا للناس، وذكرنا الشجرة الملعونة في القرآن، ونخوِّف الناس بها، فإن ذلك لا يزيدهذا إلا في زيادة طغيانهم الكبير
سبب نزول الآية:
يقل الإمام ابن كثير: أخبر أبو يعلى عن أم هانئ: عندما أسري به، صلى الله عليه وسلم، أصبح يحدث مجموعة من قريش يتنمرون عليه، فطلبوا منه آية، فصف لهم بيت المقدس وأخبرهم بقصة العير، فقال الوليد بن المغيرة: هذا ساحر، فأنزل الله: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا.
وذكر ابن المنذر وغيره عن الحسن ونحوه، وذكر ابن مردويه عن الحسين بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح يوما مهموما، فسألوه: “ما بالك يا رسول الله؟” فقال: “لا تهتموا، إن رؤياي فتنة للناس،” ثم نزل الله بهذه الآية: “{وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا}.
عن ابن عباس قال: : عندما ذكر الله الشجرة الملعونة التي تسمى الزقوم، خاف بسببها الناس في مكة من قريش. فقال أبو جهل: “هل تعرفون ما هذا الزقوم الذي خوفكم به محمد؟” فأجابوا: “لا”. فقال: “إنه الثريد بالزبد، ولو استطعنا الحصول عليه لنزقمنه ونجعله طعاما ملعونا”. فأنزل الله تعالى آيات في سورتي الإسراء والدخان تتحدث عن الشجرة الملعونة والزقوم. وعندما أخبر النبي محمد الناس بأنه رأى الجنة والنار وشجرة الزقوم، كذبوه، حتى قال أبو جهل: “أعطوني تمرا وزبدا” وأكل منهما وقال: “تزقموا، فإننا لا نعرف الزقوم غير هذا”. وهذا الحديث نقله عن ابن عباس ومسروق والحسن البصري وغيرهم
تفسير الآية:
{وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ}: يقول الله تعالى لرسوله صل اللّه عليه وسلم محرضاً له على إبلاغ رسالته، ومخبراً له بأنه قد عصمه من الناس فإنه القادر عليهم وهم في قبضته وتحت قهره وغلبته، قال مجاهد والحسن وقتادة في قوله: {إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ}: أي عصمك منهم. قال البخاري، عن ابن عباس {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} قال: هي رؤيا عين أريها رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم ليلة أسري به، {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ}: شجرة الزقوم [أخرجه البخاري والإمام أحمد]
{إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}: الشجرة الملعونة المذكورة هي شجرة الزقوم، وقد أشار ابن أبي حاتم والبيهقي في كتبهما إلى ذلك. وقد اختار ابن جرير أن يفسر هذا بأنها تشير إلى ليلة الإسراء. وبناء على اتفاق أهل التأويل، يتم فهم الشجرة الملعونة كشجرة الزقوم في الرؤية. وقد ذكر {ونخوفهم} للدلالة على الكفار، بالوعيد والعذاب والنكال. وقال أيضا {ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا} للإشارة إلى تماديهم في الكفر والضلال، وهذا هو خذلان الله لهم.