ترجمان القرآن ” عبدالله بن عباس ” رضي الله عنه
كانت هناك مجموعة كبيرة من الصحابة الذين خرجوا من بيت النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وكانوا مشهودين بالعلم الوفير والعدل. فقد كانوا تربية حقيقية للنبي محمد عليه الصلاة والسلام. بعضهم عاش في بيت النبي، وبعضهم جاوره، وبعضهم خرج معه في الفتوحات والغزوات ليتعلموا منه وينقلوا عنه. وكان من بينهم عبد الله بن العباس، ابن عم النبي محمد عليه الصلاة والسلام، الذي يعتبر حبر الأمة وترجمان القرآن .
من هو مترجم القرآن؟ مترجم القرآن أو حبر الأمة هو عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، وهو ابن عم الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام. ولد قبل الهجرة بثلاث سنوات. لقد كان له العديد من التجارب مع الرسول عليه الصلاة والسلام. يكفي أن الرسول كان يضع يده الشريفة على ظهره ويقول له (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل). استجاب الله عز وجل لهذا الدعاء المبارك. على الرغم من صغر سنه، إذ كان في الثالثة عشرة من عمره عند وفاة الرسول، إلا أنه نقل العديد من الأحاديث الصحيحة، وبلغت 166 حديثا .
بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، لم يكتفي عبد الله بن العباس بذلك، بل أصبح قريبًا من سيدنا أبو بكر خليفة المسلمين، وكان أيضًا قريبًا من عمر بن الخطاب، واقترب من علي بن أبي طالب في عهده، حيث عينه واليًا على البصرة بسبب تقواه وعفته وعلمه الواسع .
تزوج ابن العباس من شميلة بنت أبي حنائة ، وكان ييسم بذاكرة قويه وكان حجة قوية جدا في الدين ، فعرف عنه أنه مقنع في إجاباته فلن يترك أي خصم إلا وأقنعه بالأدلة والبراهين ، وفي عهد علي بن أبي طالب أرسله إلى الخوارج ليستطيع أن يقنعهم بالعدول عن الخروج عن ولي الأمر وهو علي بن أبي طالب وبالفعل نجح في إعادة حوالي ألفين منهم تحت لواء أمير المؤمنين .
عبد الله بن العباس كان معجزة حقيقية، حيث أطلق عليه لقب البحر بسبب غزارة علمه وتنوعه ومعرفته الواسعة. لم يكن يعرف أحد أن يسأله سؤالا دون أن يجيب عليه بإجابة صحيحة مدعومة بالأدلة والبراهين. يجدر بالذكر أن معرفته وقربه من الرسول والصحابة، عليهم أفضل الصلاة والسلام، جعله يستطيع الإجابة على أي سؤال يتعلق بهم وبحياتهم ومعرفتهم. والمدهش في الأمر هو أنه يرد بسرعة وبدون تردد أو تفكير، حيث يتجاوز علمه الواسع تفكيره. حاول عبد الله بن العباس أن يوقف الحرب التي كانت تدور بين علي ومعاوية بن أبي سفيان، وكان دائما يسعى لتوحيد المسلمين ووقف هذه الحرب .
ترك الصحابي الجليل عبد الله بن العباس وراءه إرثاً كبيراً في تفسير القرآن الكريم والأحاديث النبوية، حيث توفي عن عمر يناهز 81 عاماً في مدينة الطائف عام 68 هـ .