تفسير قول الله ” فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين “
ذكر الله تعالى في سورة ص الآية 83: (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين)، ويأتي بعد ذلك تفسير هذه الآية الكريمة .
تفسير قول الله ” فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين “ :
– تفسير الطبري : فسر الطبري قوله تعالى ” فبعزتك لأغوينهم أجمعين “، حيث قيل عن قتادة في قوله تعالى ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) : علم عدوّ الله أنه ليست له عزّة.
يفسر قوله تعالى `إلا عبادك منهم المخلصين`، حيث يقول إبليس أنه سيضل كل البشر إلا عباد الله المخلصين في عبادته، ولا يمكن له أن يغويهم أو يضلهم.
– تفسير القرطبي : القرطبي يفسر قوله تعالى `قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين`، حيث أقسم إبليس بعزة الله أنه سيضلل البشر وكل بني آدم ويجمل لهم الشهوات والمعاصي، وبواسطة الوسوسة سيفسدهم باستثناء الصالحين منهم.
يتفسر قوله تعالى `إلا عبادك منهم المخلصين` أن عباد الله المخلصين في عبادتهم هم الذين عصمهم الله من شروره وضلاله.
– تفسير ابن كثير : فسر ابن كثير قول الله تعالى: “قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين”. وذكر الله تعالى هذه القصة مرارا في سورة البقرة وسورة الأعراف وسورة الحجر وسورة الكهف، حيث خلق الله سيدنا آدم من الطين بعد خلق الملائكة وأمرهم بالسجود له تكريما واحتراما وامتثالا لأمر الله.
ولقد خضع الملائكة لأمر الله تعالى وسجدوا لسيدنا آدم إلا إبليس رفض ذلك وكان من الجن وادعى أنه خير من آدم فلقد خلوق من نار وآدم خلق من طين والنار هو خير من الطين، وعندا خالف أمر الله فطرده الله من رحمته وطرده من السماء فطلب من الله أن يتركه حتى يوم البعث وقال أنه سوف يغوي البشر أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين فإنه ليس له سلطان عليه.
– تفسير السعدي : قام السعدي بتفسير قوله تعالى “قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين”، وذلك عندما نظر الله إلى إبليس وتركه إلى يوم البعث وهو يكره آدم وذريته بشدة، وقال “فبعزتك لأغوينهم أجمعين” حيث أقسم بعزة الله أنه سيفعل كل ما في وسعه حتى يغوي كل بني آدم للضلال والكفر والمعاصي.
وفسر قوله تعالى ” إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ “، علم ابليس أن عباد الله المخلصين سوف يحفظهم الله من كيده وضلاله، ويحتمل أن الباء في القسم في قوله بعزتك للاستعانة، وذلك لأنه يعلم أنه عاجز عن فعل شيء وأنه لا يستطيع أن يضلل أحدا إلا بمشيئة اللّه تعالى، فاستعان بعزة اللّه لإغواء بنى آدم .
– تفسير ابن عاشور : قد فسر ابن عاشور قول الله تعالى: `قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين`، حيث جاءت حديث إبليس بعد أن أمره الله تعالى بالخروج من الجنة وعاقبته باللعنة الدائمة. وهذا التفريع يعتمد على تكوين كلمة متكلم على كلمة متكلم أخرى، وهذا ما يسمى بعطف التلقين، مثل قوله تعالى: `قال ومن ذريتي` في سورة البقرة.
أقسم الشيطان بعزة الله أنه سيقوم بإغواء بني آدم، وقد أقسم على ذلك وهو يعلم عظمة هذا القسم لأنه يعرف أن الأمر بيد الله وأنه يمكنه القيام بالإغواء والوسوسة، وقد قال تعالى في سورة الحجر “رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ.
وقد تفسر قوله تعالى `إلا عبادك منهم المخلصين` أن العزة هي القوة والسيطرة، وعزة الله هي العزة التامة التي لا ينقصها قوة. ولذلك قسم إبليس بها بسبب علمه بأنه لا يمكنه إغواء أحد إلا بقدرة الله عليه، ولولا قدرة الله، فلن يكن له القدرة على فعل أي شيء. وقد قال تعالى في سورة الحجر `ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين`