اسلامياتالقران الكريم

تفسير الآية ” أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي “

قال فرعون لقومه: يا قوم، أليس لي ملك مصر، وتجري الأنهار من تحتي، فلا ترون أنا خير من هذا الرجل الذي هو مهين ولا يظهر شيئا، ولو ألقيت عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين، فقومه خففوا من شأنه وأطاعوه، وكانوا قوما فاسقين، فلما آسفوا الله نتقم منهم وأغرقناهم جميعا، وذلك ما ورد في سورة الزخرف الآيات 51-55

تفسير الآيات ابن كثير

{ ونادى فرعون في قومه } يقول الله تعالى ومخبرا عن فرعون وتمرده وعتوه، إنه جمع قومه ثم نادى فيهم متبجحا ومفتخرا بملك مصر وتصرفه فيها: { أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي } ؟ يقول قتادة: لقد كان لهم جنات وأنهار ماء { تحتي أفلا تبصرون }؟ يعني أيها الموسى وأتباعه الفقراء الضعفاء، هل لا ترون ما أنا فيه من العظمة والملك؟ ويقول: { أم أنا خير من هذا الذي هو مهين } يقول السدي: بل أنا خير من هذا الذي هو مهين.

وهكذا قال بعض نحاة البصرة: يعني “أم” هنا “بل”، ويعني “مهين” حقيرا أو ضعيفا أو لا ملك له ولا سلطان ولا مال، ولا يكاد يبين أي لا يكاد يفصح عن كلامه عيي الحصر، ويعني بذلك أن فرعون لعنه الله يدعي أنه أفضل من موسى عليه السلام، وهذا كذب بين واضح.

وقال سفيان: يعني في لسانه شيء من الغضب حين وضعها في فمه وهو صغير، وما قاله فرعون لعنه الله كان كذبا وافتراء. وقد حملته هذه الأكاذيب على الكفر والعناد، حيث نظر إلى موسى بنظرة كافرة وشقية، وكان موسى عليه السلام منزها بجلاله وعظمته وجماله، بحيث أبهرت أعين الفطنين. وقوله: `مهين` هو الكذب، بل هو الذي يهين ويحتقر، وموسى هو الشريف الصادق البار الرشيد. وقوله: `ولا يكاد يبين` هي أيضا افتراء.

إذا كان قد أصاب لسانه بشيء من جهة تلك الجمرة عندما كان صغيرا، فسأل الله أن يحل عقدة من لسانه ليفهموا قوله، وقد استجاب الله له ذلك في قوله: { قد أوتيت سؤلك يا موسى } [طه:36]. وقد تقدم الحسن البصري بأنه ربما كان هناك شيء آخر يحتاج إلى إزالة، ولكنه فقط طلب إزالة الشيء الذي يؤثر على إبلاغه وإفهامه. وفرعون، وعلى الرغم من فهمه ووعيه، أراد الترويج على رعيته الجهلة.

وهكذا قوله: وإذا قدمت عليه أسورة من ذهب، وهي الحلي التي توضع في الأيدي، أو جاءت معه الملائكة مصاحبين له ويخدمونه ويشهدون بصدقه، نظر إلى الشكل الظاهر ولم يفهم السر المعنوي الذي هو أكثر وضوحا مما رآه، لو كان يفهم. ولذلك قال تعالى: “فاستخف قومه فأطاعوه”، أي استخدم عقولهم الضعيفة ودعاهم إلى الضلالة فأجابوه، “إنهم كانوا قوما فاسقين”. وقال الله تعالى: “فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين”. وقال ابن عباس: “آسفونا” يعني أسخطونا، وقال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة والسدي وغيرهم من المفسرين: أغضبونا. وروى ابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا رأيت الله تبارك وتعالى يعطي العبد ما يشاء وهو مستمر في معصيته، فإن ذلك استدراج له من الله، ثم تلا صلى الله عليه وسلم: “فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين”، وهذا الحديث خرجه ابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر مرفوعا.

وقال طارق بن شهاب: – كنت عند عبد الله رضي الله عنه وذكرت له حول الموت المفاجئ، فقال: يكون تخفيفا للمؤمن وحسرة للكافر. ثم قرأ رضي الله عنه الآية: “فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين”. وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: لقد وجدت النقمة تأتي مع الغفلة، أي ما قاله تبارك وتعالى: “فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى