تفسير وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا
ذكر الله تعالى في سورة الحجرات الآية الثالثة عشر: `وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا`. وفيما يلي تفسير هذه الآية.
تفسير قول الله تعالى (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)
تفسير ابن كثير
فسر ابن كثير قوله تعالى : يقول الله: `يا أيها الناس! إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا`. وبذلك يعلن الله أنه خلق الإنسان من ذكر وأنثى، وقد قال مجاهد: خلق الله الولد من ماء الرجل وماء المرأة، وقد قال تبارك وتعالى: `يا أيها الناس! إنا خلقناكم من ذكر وأنثى`. وقال عثمان بن الأسود عن مجاهد في قوله تعالى: `إنا خلقناكم من ذكر وأنثى`: إن الله لم يخلق الولد إلا من نطفة الرجل والمرأة معا، لأن الله يقول: `خلقناكم من ذكر وأنثى`.
تفسير قوله تعالى (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) يعني أنا جعلناكم متناسبين حتى يتعارف بعضكم على بعض، بحيث يكون بعضكم متناسبا بنسبة بعيدة وبعضكم متناسبا بنسبة قريبة. فالشخص الذي لا ينسبه أهل الشعوب إلى نسبة بعيدة، يعتبر من غير المتناسبين. وقد قيل عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى (وجعلناكم شعوبا وقبائل)، قال: الشعوب تعني الجماعة، والقبائل تعني الأنساب. وقيل عن سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى (وجعلناكم شعوبا وقبائل)، قال: الشعوب تعني الجماعة. وقد قال أبو بكر: القبائل العظيمة مثل بني تميم، والقبائل تعني الأفخا.
وقيل عن مجاهد في قوله تعالى (شُعُوبًا) : قال: النسب البعيدة والقبائل الأخرى، ويقال عن قتادة في قوله تعالى `وجعلناكم شعوبا وقبائل`، قال: الشعوب هي النسب البعيدة والقبائل هي مثل قوله `فلان من بني فلان`، ويقال عن قتادة: إنه النسب البعيد، والقبائل كما تسمعه يقال: فلان من بني فلان.
قيل عن عبيد : سمعت الضحاك يقول في تفسير قوله تعالى (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا) أن الشعوب تعني النسب البعيد، وهناك من يقول أن الشعوب تعني الأفخاذ، وقال سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ) إن الشعوب تعني الأفخاذ، والقبائل تعني القبائل.
وقال آخرون أن الشعوب : يشير البطون والقبائل إلى الأفخاذ، وذكر ابن عباس أن الشعوب تشير إلى البطون، والقبائل تشير إلى الأفخاذ الكبار.
وهناك من قال أن الشعوب: يشير الشعوب في قوله تعالى (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ) إلى الأنساب، وفقًا لما قاله ابن عباس.
وقوله تعالى (لِتَعَارَفُوا) يقول : ليعرف بعضكم بعضا في النسب، ويقول تعالى ذكره : إنما جعلنا هذه الشعوب والقبائل لكم أيها الناس، ليعرف بعضكم بعضا في قرب القرابة منه وبعده، لا لفضيلة لكم في ذلك، وقُربة تقرّبكم إلى الله، بل أكرمكم عند الله أتقاكم، وقيل عن مجاهد في قوله تعالى (وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) قال : جعلنا هذا لتعارفوا، فلان بن فلان من كذا وكذا.
تفسير الطبري
فسر الإمام الطبري قول الله تعالى (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)، وذكر قول ابن عباس في ذلك: الشعوب هي الجماعات والقبائل هي الأبطان، ويقال أيضا عن ابن عباس: الشعوب هي الجماعات، وقال أبو بكر: القبائل العظام مثل بني تميم، والقبائل هي الأفخاذ، ويقال عن سعيد بن جبير: الشعوب هي الجماعات والقبائل هي الأفخاذ.
وقيل عن مجاهد في قوله ( شُعُوبًا ) : يعني الشعوب في قولة (وجعلناكم شعوبا وقبائل): النسب البعيد، والقبائل تعني الأفخاذ الكبيرة مثل قول: فلان من بني فلان، وفلان من بني فلان، ويعني الشعوب في قول سعيد بن جبير: الأفخاذ، ويعني الشعوب في قول ابن عباس: البطن.
وقيل عن ابن عباس : يرمز المصطلح “الشعوب” في القرآن إلى الأنساب، ويعني تحديد الأصل والنسب، ويقال أن مجاهد قد قال أن الله جعل هذا التحديد لتعارف الناس على بعضهم البعض، وذلك من خلال ذكر الأسماء والنسب.
قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم: `الناس كلهم أبناء آدم وحواء، كالحبوب في الصاع، لا يفضل أحدهم على الآخر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم`، وقيل عن النبي صلى الله عليه وسلم: `أنسابكم لا تزيد في شيء، أنتم ولد آدم وآدم من تراب، ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى والأعمال الصالحة، ويجوز للرجل أن يكون فاحشا أو بخيلا أو جبانا فلا يجوز الاعتماد على الأنساب في الفضل والتفضيل`.