سبب نزول الآية ” يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا “
قال الله تعالى {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يكون خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير} [ سورة التوبة: 74]
سبب نزول يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا
{ يحلفون بالله ما قالوا وقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم } قال قتادة: نزلت في عبد الله بن أبي وذلك أنه اقتتل رجلان، جهني وأنصاري، فعلا الجهني على الأنصاري، فقال عبد الله للأنصار ألا تنصرون أخاكم؟ والله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك، وقال: { لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل } [المنافقون:8]، فسعى بها رجل من المسلمين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه فسأله، فبدأ يحلف بالله ما قاله، فأنزل الله فيه هذه الآية.
وقال الإمام أبو جعفر بن جرير حول ابن عباس: قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا في ظل شجرة، وقال إنه سيأتيكم شخص بعيني الشيطان ينظر إليكم، فعندما جاء الشخص، لا تتحدثوا معه. ثم ظهر رجل أزرق على النبي صلى الله عليه وسلم وسأله لماذا تسبه هو وأصدقاؤه. ثم ذهب الرجل وجاء بأصدقائه وأقسموا بالله ما قالوه ، ولكن الله أنزل هذه الآية: “يحلفون بالله ما قالوا” [أخرجه ابن جرير الطبري عن ابن عباس].
سبب نزول وهموا بما لم ينالوا
وقوله: يقال إن هذه الآية “وهموا بما لم ينالوا” نزلت في جلاس بن سويد، وهو أنهم كانوا يخططون لقتل ابن زوجته عندما قال لهم يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال أيضا إنها نزلت في عبد الله بن أبي، وهو أنهم كانوا يخططون لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وورد أن مجموعة من المنافقين كانوا يخططون لقتل النبي صلى الله عليه وسلم أثناء غزوة تبوك في إحدى الليالي أثناء المسير، وكان عددهم قليلا، وقال الضحاك إن هذه الآية نزلت فيهم.
روى الحافظ البيهقي في كتاب دلائل النبوة عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كنت أمسك بحبل الإبل التي كان يركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقودها، وكان عمار يقود الإبل، حتى وصلنا إلى العقبة. وفي تلك اللحظة، اعترضنا اثنا عشر راكبا. فانتهرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرخ عليهم أن يعودوا بعيدا. ثم قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «« هل تعرفون هؤلاء الأشخاص؟ »» فأجبنا: لا يا رسول الله، كانوا يرتدون الأقنعة. ولكننا تعرفنا على ركاب الإبل. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «« هؤلاء هم المنافقون الذين سيظلون كذلك حتى يوم القيامة. وهل تعرفون ما هو نيتهم؟ »» فأجبنا: لا. فقال: «« إنهم يريدون أن يعترضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة ويطرحوه منها »»، فقلنا: يا رسول الله، أفلا نرسل إلى قبائلهم حتى يرسلوا إليك كل راكب مع رأسه؟ فأجاب: «« لا، أنا أكره أن تتداول العرب بينهم أن محمد قاتل، حتى يظهر الله لهم ويقبض عليهم »»
تفسير الآية ابن كثير
وقوله تعالى: : يعني أنهم لم يغضبوا من الرسول إلا لأن الله ورسوله أغناهم ببركته ورحمته. ولو كانوا سعداء لأرشد الله إليهم، كما قال الرسول للأنصار: “ألم أجدكم ضالين فهداني الله لكم؟ وكنتم متفرقين فجمعني الله لكم؟ وكنتم فقراء فأغناكم الله بي؟” وكلما قال شيئا، قالوا: “الله ورسوله أمينان”. وهذا يتم استخدامه في الأحاديث الدينية في الأمور التي لا تتعلق بالذنوب، مثل قوله في سورة البروج: “وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله”. ثم دعاهم الله إلى التوبة، وقال: “فإن تابوا فهو خير لهم، وإن تولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة”. يعني إذا استمروا على طريقهم الخاطئ، فسيعذبهم الله في الدنيا بالموت والألم والحزن، وفي الآخرة بالعذاب والهوان، وليس لهم حماية أو مساعدة في الأرض.