ما هي القصص التي سالت قريش عنها النبي محمد حتى يتاكدوا انه نبي
دعوة النبي عليه الصلاة والسلام لقومه
أرسل الله كل رسول ومعه معجزات تتناسب مع العصر الذي بعث فيه، فكانت العصا معجزة سيدنا موسى، لأن السحر كان منتشر بكثرة آنذاك، وكان إحياء الموتى معجزة سيدنا عيسى لانتشار الطب. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسله الله في قوم يتبارون بفصاحتهم ونسبهم، فجعل الله رسوله منهم، وأنزل عليه القرآن الكريم الذي تحدى رسولنا الكريم أن يأتي المشركون بسورة من مثله. قال تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا علىٰ عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين} [البقرة: 23]
حاول المشركون بعدها إيذاء النبي لإيقاف دعوته، وعندما لم يستطيعوا ذلك بسبب ثباته، حاولوا الترغيب والإغراء والمساومة، لكن النبي استمر في دعوته لعبادة الله الواحد الأحد، ولم تؤثر جميع هذه المساومات عليه
المفاوضات بين قريش والنبي محمد
بعد رفض النبي عليه الصلاة والسلام المطامع الدنيوية، حاول المشركون أن يجعلوه يتنازل عن مبادئه بتقديم الثروة والزواج من أي امرأة يريدون مقابل عبادتهم وتبعيته للباطل، فقالوا: يا محمد، هيا فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد .
لكن الوحي قد جاء، قال تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ )(الكافرون: 1 : 6)، وأنزل الله – عز وجل – : { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ * وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ }(الزمر: 64 : 66) ).
القصص التي طلبتها قريش من النبي الكريم
طلبت قريش من رسول الله عندما فشلت الوسائل السابقة المعجزات، وذلك استكبارًا وتكبرًا عن الدين، وليس بحثًا حقيقيًا عن الإيمان، قال تعالى: { وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا }الإسراء الآية: 90 : 93) .
هدفهم الحقيقي وراء ذلك هو تعجيز النبي، ولم تكن رسالة النبي بحاجة لدلالات أكبر، فهم كانوا يحاولون الهروب من اتباع الحق ونفي رسالة أشرف المرسلين، وذلك كما قال تعالى: “وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون، ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة، ونذرهم في طغيانهم يعمهون، ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون” (الأنعام الآية: 109-111) .
ومن رحمة الله ونبيه بقريش أنهم طلبوا المعجزات، ولو أنزل الله المعجزات لكان بمقدوره ذلك، ولكن جبريل حذر النبي محمد عليه الصلاة والسلام بأن الله سوف ينزل عذابا أشد على قريش إذا كفروا برسالته، فقرر النبي الدعوة لقومه بالحكمة والسيرة الحسنة. وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنه إن قريشا طلبت من النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يدعو ربه لجعل الصفا ذهبا، وأن يؤمنوا به، فسألهم النبي إذا فعلوا ذلك، فأجابوا بنعم، فدعا النبي الله، فأتى جبريل وأخبر النبي بأن الله سيجعل الصفا ذهبا إذا شاء، ولكنه سيعذب من كفر بعدها، وإذا شاء سيفتح باب التوبة والرحمة لهم. فقال النبي إن باب التوبة والرحمة هو الذي يجب أن يكون مفتوحا لهم. وانزل الله تعالى قوله: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون ۚ وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها ۚ وما نرسل بالآيات إلا تخويفا} [الإسراء: 59] .
الأدلة على صدق نبوة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
من أكبر دلائل صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هو نزول القرآن الكريم، الذي تحدى الله به المشركين الذين عرفوا بالفصاحة والخطابة، وفصل الخطاب، بأن يأتوا بسورة من مثله، أو يتقوا الله ويتقوا عذاب يوم القيامة، فقال تعالى: “أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين” [هود: 13]
دليل آخر هو صدق النبي قبل البعثة وأمانته. عرف النبي بصدقه وأمانته، واعترف الكفار قريش بذلك، حيث اعترفوا أنهم لم يسمعوا النبي محمد عليه الصلاة والسلام يكذب أبدا.
كما كان أهل قريش يعودون للنبي في حل المنازعات، لأنه كان يشتهر بالأمانة والصدق والحكمة، وكما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد بعد أن طلبت الزواج منه بسبب سمعته بالأمانة، وكما عمل معها في التجارة، فمن غير المنطقي أن يظهر الإنسان صدقه وأمانته وحسن أخلاقه لمدة أربعين عاما، ثم يدعي دينا جديدا من خلال خياله، ومن أكبر الدلائل على نبوته التي كانت تعترف بها قريش في صدقه وحسن أخلاقه قبل البعث
تحمل النبي عليه الصلاة والسلام على الأذية: لو لم يكن النبي صاحب مبدأ كيف يمكنه أن يصبر على أذى قريش وتكذيبهم والإيذاء به وإيذاء المؤمنين الذين اتبعوه؟ إذا، حوصر النبي صلى الله عليه وسلم في شعب أبي طالب لمدة ثلاث سنوات مع عدد قليل من المؤمنين، ومر بأشد الأحوال والآلام والمصاعب التي لا يمكن لعقل بشري تحملها إلا بثبات من الله عز وجل. ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يسعى للحصول على المال، فقد عرضت قريش عليه أن يصبح أغنى رجل وأشرفهم، ولكنه رفض ذلك وأبى السير في طريق الدعوة إلى الحق.
زهده في الدنيا: كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أزهد الناس في الأمور الدنيوية، ولم يغره الجاه ولا المال، ولو أراد ملك الدنيا لآتاه الله، ولكنه تحمل شظف العيش، وترك درعه مرهونا عند يهودي بعد وفاته الكريم.