اسلاميات

هل يقبل الله التوبة من جميع الذنوب ؟.. والحالات التي لا تقبل فيها التوبة

هل يقبل الله التوبة من جميع الذنوب

كل إنسان في هذه الدنيا من عهد آدم عليه السلام وحتى يوم القيامة يخطئ ويذنب، إلا من عصمه الله من الأنبياء والرسل. يخطئ في حق الله، أو في حق نفسه، أو في حق غيره من العباد. فالخطأ والذنب هما جزء من الطبيعة البشرية، ولا يعني أن فاعل الخطأ إنسان سئ، لأنه يحدث لجميع الخلق

لكن ليست جميع الذنوب متساوية في الخطورة، ولا يعني أنها شيء طبيعي أن تؤذي الإنسان، فعلى العكس من ذلك فإن الإنسان مطالب بالتوقف عنها والجهاد ضدها، ويجب عليه أن يستغفر من الذنوب ويتوب إلى الله، والسؤال الآن هو: هل يقبل الله التوبة من جميع الذنوب

إن الإجابة على هذا السؤال هي أن عفو الله وتوبته شاملة لجميع الذنوب، حتى لو كانت هذه الذنوب هي أعظم الذنوب وأكبرها، بما في ذلك الكفر والشرك، بشرط أن يتوب الشخص ويستغفر ويعمل الصالحات، ويجب على الإنسان الثقة بذلك لأنه وعد الله، وسنوضح ذلك فيما يلي، ووعد الله صدق

{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 17]، وقال: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 104].

وقال سبحانه وتعالى {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ . وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [الشورى: 25، 26]. 

وقال سبحانه وتعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} [طـه: 82]. رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم، عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

يقول الحديث النبوي: `كل ابن آدم خاطئ، وخير الخطائين هم الذين يتوبون`. وروى ابن ماجه عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `التائب من الذنب كمن لا ذنب له`.

والعبد الذي يأتي بالذنوب ثم مِن يتوب من الذنوب توبة حقيقية صادقة، فإنَّ الله يقبل التوبَة، وهذا بنص قرآني {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].

رغم أن ذنوب الناس قد تكون كبيرة وعظيمة، فإن عفو الله ومغفرته هما الأعظم بلا شك، لأنها لا تضر الله بشيء، وعفو الله ومغفرته هما الأكبر والأعظم. فليكن التائبون والمنيبون والعاملون بالأعمال الصالحة محظوظين.

الأعمال الصالحة ليست مقتصرة على عمل معين، فأبواب الخير والمغفرة كثيرة ومتعددة، فإذا كان الشخص لا يستطيع القيام بأعمال بسبب الفقر أو الضعف، فهناك أفعال لا تحتاج إلى قوة أو مال، منها الذكر وقراءة القرآن وصلوا على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

الحالات التي لا تقبل فيها التوبة

يتيح التوبة فرصة الرجوع إلى الله والاستغفار لكل من يلجأ إليه، وروى الترمذي عن أنس بن مالك قوله: `سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: `قال الله تبارك وتعالى: `يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي.

يا ابن آدم، إذا بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني، غفرت لك ولا يهمني، ويا ابن آدم، إذا أتيتني بذنوب تغطي مساحة الأرض، ثم لم تشرك بي شيئًا، فإني سأأتيك بمثلها من المغفرة 

وعن أنس رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: `والذي نفسي بيده – أو قال: والذي نفس محمد بيده – لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتم الله عز وجل، لغفر لكم.

والذي أقسم به، إما بنفسي أوإما بنفس محمد، لو لم تخطئوا لجاء الله بقوم يخطئون ثم يستغفرونه فيغفر لهم 

هل توجد توبة غير مقبولة؟ بالفعل، هناك توبة لا يقبلها الله، وهي التوبة التي لا تستوفي الشروط، ومن بين هذه الشروط العزم على عدم العودة للذنب والابتعاد عنه والندم، وكذلك التوبة التي تقع في غيرالأوقات التي تقبل فيها التوبة.

من الأمور التي يمكن الانتفاع بها في وقت خروج الروح هي التوبة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: `إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر`، وروي ذلك في الترمذي، وقال الله تعالى: `وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن` (النساء: 18).

تشمل التوبة التي لا تُقبل التوبة التي تتم بعد طلوع الشمس من المغرب، وعن أبي هريرة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `من تابَّ قبل أن تطلع الشمس من مغربها تابَّ اللهُ عليه`، وبذلك تكون التوبة الغير مقبولة هي التي تشمل حالةً من الثلاث حالات التالية:

  • التوبة التي لا يكون شخصها عازمًا على عدم العودة للخطيئة.
  • التوبة هي عندما تصل الروح إلى مرحلة الحلقوم والغرغرة.
  • التوبة حين تطلع الشمس من مغربها.

هل تقبل توبة المريض

التوبة الصادقة مقبولة من أي شخص طالما استوفى الشروط المذكورة سابقا، ما دامت روحه مازالت في جسده، حتى لو تمت توبة المريض الصادقة قبل أن تصل الروح إلى الحلقوم، وحتى في حالة المرض في فترة الخوف من الموت المحقق أو حالة الاحتضار، فإنها توبة مقبولة

 والدليل على ذلك هو قبول المريض الدخول في الإسلام، وفقا لحديث البخاري عن أنس، الذي قال: كان هناك غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم مرض، فجاءه النبي ليعوده، وجلس بجانب رأسه، وقال له: اعتنق الإسلام، فنظر الغلام إلى والده الذي كان بجانبه، فقال له: اطع أبا القاسم، فأسلم الغلام، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار

كما أنه في السنة يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عرض على عمه أبو طالب أن يسلم في وقت مرضه الذي مات فيه، وروى أحمد والترمذي وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، وهو ما يعني وصول الروح لمرحلة لا يعني فيها الحياة.

متى لا تقبل التوبة يوم القيامة

إن التوبة القبلية هي التي تحدث قبل غروب الشمس، وهذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الشريفة، ومنها قوله أن الساعة لا تقوم حتى يطلع الشمس من المغرب، وهذا يعني أنها تتحول عن عادتها منذ يوم خلقها الله بالطلوع من المشرق.

روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو أنها حفظت حديثا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينسه بعدها. وقال إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: `أول الآيات التي ستحدث قبل يوم القيامة هو طلوع الشمس من مغربها وظهور الدابة على الناس في الضحى، وأيهما يحدث أولا سيتبعه الآخر قريبا.` ومن خلال ذلك يصبح الاستغفار والتوبة من الذنوب مقبولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى