لغات مهددة بالانقراض وأسباب ضعفها
تتحدث حوالي 80% من سكان العالم فقط بحوالي 20% من اللغات الموجودة والبالغ عددها حوالي 7000 لغة. وهذا يعني أن معظم اللغات في العالم يتم استخدامها من قبل مجتمعات صغيرة، ويمكن أن تصل إلى مرحلة بعد تلاشي جميع المتحدثين بها، حيث ظهرت العديد من اللغات واندثرت عبر تاريخ البشرية، وهذا الأمر مستمر حتى الآن.
ماذا يعني القول أن لغة ما مهددة بالانقراض
اللغة المهددة بالانقراض هي لغة من الممكن أن تنقرض في المستقبل القريب، حيث لا يتم استخدام العديد من اللغات ويتم استبدالها باللغات الواسعة الانتشار في مختلف البلدان والمناطق مثل اللغة العربية واللغة الإنجليزية واللغة الإسبانية، وإذا لم يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة لإحياء هذه اللغات، فسوف يشهد القرن القادم انقراض هذه اللغات المهددة بالانقراض.
تتحدث عدد قليل جدا من الأشخاص بالعديد من اللغات القديمة، حيث لم يعد يتم تدريسها أو تعلمها من قبل الأجيال الجديدة من الأطفال والشباب. ستنقرض هذه اللغات عند وفاة آخر ناطق بها. في الواقع، هناك اليوم العديد من اللغات التي يوجد بها متحدث أصلي واحد فقط، ووفاته يعني اندثار اللغة أيضا. لن يتسنى لأي شخص آخر التحدث بها أو معرفتها بعد ذلك.
ووفقًا لعلماء اللغة، يوجد حوالي 6900 لغة منطوقة في العالم، ومن بينها عدد كبير يصل إلى النصف تقريبًا مهدد بالانقراض والنسيان تمامًا بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، حيث يتحدث بها الناس بالآلاف، بينما لا يوجد سوى متحدث واحد لبعض هذه اللغات في العالم.
أسباب تعرض اللغات لخطر الانقراض
توجد حوالي 7000 لغة منطوقة في العالم، على الرغم من أن القليل منها هو المهيمن. ووفقًا للبيانات، تتحدث إفريقيا 2143 لغة، وتتحدث الأمريكتان 1060 لغة، بينما تتحدث آسيا 2300 لغة، وتتحدث جزر المحيط الهادئ، بما في ذلك أستراليا ونيوزيلندا، 1306 لغات، وتتحدث أوروبا 288 لغة فقط.
من المحتمل أن يتجه بعض هذه اللغات المهددة بالانقراض إلى الانقراض بحلول القرن القادم، حيث سيتناقص عددها. وعلى الرغم من ذلك، لم يتمكن العلماء اللغويون من تحديد عدد اللغات المهددة بالانقراض بشكل محدد. ومن المؤكد أن العديد من لغات الأقليات ستنقرض ببطء، في حين ستظل اللغات الأكثر انتشارا مثل الإنجليزية والماندرين الصينية والإسبانية والبرتغالية والعربية والإندونيسية والروسية والهندية والسواحيلية محافظة على عدد كبير من المتحدثين، وتستخدم على نطاق واسع بسبب الهجرة.
توجد العديد من العوامل التي تؤدي إلى تعرض اللغات لخطر الانقراض، مثل تراجع عدد المتحدثين الأصليين والهرم العمري وعدم استخدام اللغة من قبل الأطفال وتسيطر بعض اللغات الأخرى والسياسات الحكومية وفرص العمل والإبادة الجماعية والانتقال الحضري، وهذه العوامل الإضافية تؤثر على بقاء اللغة وديمومتها.
تواجه اللغة تهديد الانقراض بسبب نقص العوامل الحيوية التي تساعدها على البقاء. قد يكون غياب الأبجدية أحد الأسباب الرئيسية لضعف اللغات، حيث تعتبر العديد من اللغات القديمة لغات شفوية، وذلك بسبب عدم توفر الأعمال الأدبية وندرة الأشخاص القادرين على القراءة والكتابة.
الهجرة هي عامل مهم آخر، حيث يتم التخلي في كثير من الأحيان عن اللغة الأم عند الانتقال إلى مكان آخر، وهذا يتم لاستخدام لغة أخرى بسبب الحصول على مزايا اجتماعية أو اقتصادية، أو لتجنب التمييز، في بعض الأحيان، يعتقد الآباء أن تعليم أبنائهم اللغة المعتمدة يتيح لهم المزيد من الفرص، ولذلك يتوقفون عن استخدام وتعليم لغتهم الأم لهذا السبب.
اللغات المهددة بالانقراض في العالم
اللغة الأيرلندية الغيلية
هناك اعتقاد شائع أن السكان المحليين في أيرلندا يتحدثون الإنجليزية فقط، لكن في الواقع، أكثر من 40000 شخص في أيرلندا يستخدم اللغة الأيرلندية الغيلية، هذه اللغة مستخدمة من قبل مجتمعات تسمى جايلتاخت، وتعتبر واحدة من أكثر اللغات المهددة بالانقراض في العالم، وقد حاولت الحكومة الأيرلندية جاهدة الحفاظ على هذه اللغة واستخدامها في المدارس، لكن جهودها باءت بالفشل عدة مرات، مما أدى إلى اعتبارها لغة مهددة بالانقراض.
لغة كريمتشاك
لغة كريمتشاك هي لغة شعب القرم، شبه الجزيرة في أوكرانيا، وهي معروفة باسم لغة تتار القرم، ويُعتقد أن هذه اللغة مستخدمة من قبل 200 متحدث أصلي (2007)، الذين وُلدوا خلال أو قبل الثلاثينيات من القرن العشرين، وهي مهددة بالانقراض بشكل كبير.
لغة السامي
تعد اللغة السامية واحدة من أهم اللغات النوردية، وهي عائلة من اللغات المهددة بالانقراض. يستخدم هذه اللغة في النرويج والسويد وفنلندا وروسيا، ويتحدث بها حوالي 25000 إلى 35000 شخص في هذه المناطق الشمالية. وتستخدم بشكل أساسي من قبل الأجيال الكبيرة في السن. ويبدو أن هذه اللغة واحدة من اللغات المندثرة التي لن تدوم إلى القرن القادم.
لغة الأينو
يعتبر شعب الأينو من السكان الأصليين لجزيرة هوكايدو اليابانية، وقد تم دمجهم بشكل كبير في الثقافة اليابانية، بعد قوانين أواخر القرن التاسع عشر التي حظرت تقاليد ولغة الأينو، وهي اليوم مستخدمة من قبل عدد قليل جدًا من الأشخاص في اليابان من 2 إلى 15 شخص من السكان الأصليينن وجميعهم أكبر من 64 عامًا.
لغة شاميكورو
لا يزال غير معروف ما إذا كانت لغة قبيلة شاميكورو في البيرو قد اندثرت تمامًا أمام اللغة الإسبانية حتى الآن. وفي عام 2004، تم الإبلاغ عن وجود متحدثين فقط لهذه اللغة، ولكن عثر باحثون آخرون على 8 متحدثين بعد 4 سنوات.
اللغة الفوتية
تدعى هذه اللغة أيضا بـ فوتيان أو فوديان، ويتحدث بها الفوتيون الذين تم ترحيلهم من الاتحاد السوفيتي إلى فنلندا في عام 1943، والذين يعيشون حاليا على الحدود بين روسيا وإستونيا. وكان هناك 68 شخصا يتحدثون بهذه اللغة في عام 2010، ولكن تراجع عددهم ليصل إلى 8 أشخاص فقط في عام 2017.
لغة جيدك
لم يعرف علماء اللغة عن وجود اللغة الماليزية حتى هذا العام، عندما اكتشف بعض الباحثون السويديون أن بعضالسكان المحليين في قرية بشبه الجزيرة الملايو يستخدمون بعض المفردات والقواعد واللكنة الخاصة بهذه اللغة، ويقدر عدد الأشخاص الناطقين بهذه اللغة بحوالي 280 شخص فقط.
لغة بازيه
توفيت بان جي يوه، آخر متحدثة أصلية للغة البازيه، المستخدمة من قبل مجموعة من الأشخاص التايوانيين، عن عمر ناهز 96 عامًا في عام 2010، وعلى الرغم من أنها قدمت دروسًا لـ 200 طالب حول لغة البازيه قبل وفاتها، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لإنقاذ هذه اللغة من خطر الانقراض.
كيفية الحفاظ على اللغات المهددة بالانقراض
إذا كان المجتمع يريد الحفاظ على لغته أو إحيائها، فلديه العديد من الخيارات، مثل اللغة الأيرلندية التي تلقت دعما مؤسسيا وسياسيا كلغة رسمية في أيرلندا على الرغم من انتشار اللغة الإنجليزية فيها، وفي نيوزيلندا، أنشأ المجتمع الماوري حضانة تعمل بها كبار السن وتتم التعليم باللغة الماورية، وتم اعتماد هذا النموذج في ألاسكا وهاواي وغيرها من المناطق، وتم توسيعه ليشمل المدارس الابتدائية وفي بعض الحالات المدارس الثانوية.
بسبب خطر انقراض العديد من اللغات، يحاول العلماء المهتمون باللغة تعلم أكبر قدر ممكن عنها، حتى إذا اختفت هذه اللغة، لن تختفي كل المعرفة الخاصة بها.