منوعات

شاهد الكعبة المشرفة من الداخل

تحتل الكعبة المشرفة مكانة عظيمة في قلوب جميع المسلمين، إذ إنها هي أول بيت بني للناس، وتعرف الكعبة العتيقة التي شيدها الخليل إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل عليه السلام باعتبارها أول مبنى تم بناؤه على وجه الأرض للعبادة. ولقد أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بإجراء الطواف حول الكعبة كعمل تعبدي وأمرهم بتوجيه وجوههم نحوها في كل صلاة، وذلك كما جاء في الآية الكريمة “ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ۚ وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره” البقرة [150]. وذلك لأنها تمثل رمزا للتوحيد والوحدة والتعبد بالله الواحد الأحد.

جدول المحتويات

تاريخ بناء الكعبة المشرفة

تتضمن كتب التاريخ الكثير من المعلومات الخاطئة حول بناء الكعبة بدون دليل أو برهان. اعتقد علماء المسلمين سابقا أن الكعبة تم بناؤها عشر مرات واعتقدوا أن الملائكة كانوا أول من بنوا الكعبة المشرفة، وتم إعادة بنائها بواسطة سيدنا آدم عليه السلام بمساعدة زوجته حواء. ومع ذلك، فالحقيقة المثبتة في كتاب الله تعالى وسنة نبيه هي أن الكعبة المشرفة بنيت فقط أربع مرات

أول من بنى الكعبة المشرفة هو نبي الله إبراهيم عليه السلام، وقد وضع هذا البيت الذي في مكة المشرفة كمكان مبارك وهدى للعالمين، وفيه آيات بينات ومقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنا، ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين.” – سورة آل عمران، الآية 96/97.

بعد ألفي عام من بناء النبي إبراهيم عليه السلام للكعبة، أصبحت الكعبة مهددة بالسقوط، فقامت قريش بإعادة بنائها، وذلك كان في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك قبل البعثة بخمس سنوات، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم من المشاركين في إعادة البناء، وبعد الانتهاء من البناء اختلفت قبائل قريش في وضع الحجر الأسود، فلجأوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ليحكم بينهم.

ظلت الكعبة المشرفة تقف على البناء الذي قام به قريش حتى وقع حريق كبير فيها، وذلك في عهد عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، بعد ستين عاما من الهجرة، فأعاد ابن الزبير بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام، وأضاف حجر إسماعيل عليه السلام إليها، وجعل للكعبة بابين، بابا شرقيا وآخر غربيا، بناء على حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: “لولا أن الناس حديث عهدهم بالكفر، وليس عندي من النفقة ما يكفي لبنائها، لكنت أدخلت فيها من الحجر خمسة أذرع، ولجعلت لها بابا يدخل الناس منه وبابا يخرجون منه”. ولذلك، قام ابن الزبير بتحقيق هذا الحديث.

بعد مقتل ابن الزبير رضي الله عنه، تم بناء الكعبة في البناء الرابع. وأرسل الحجاج إلى عبد الملك لإبلاغه بأن ابن الزبير بنى الكعبة بطريقة غير متفق عليها من قبل قريش، فأمره عبد الملك بإعادة بنائها وزيادة ارتفاعها، وفصل حجر إسماعيل عنها، وإلغاء الباب الثاني و الاكتفاء بباب واحد، وفعل الحجاج ذلك.

أراد هارون الرشيد إعادة بناء الكعبة، كما أراد النبي صلى الله عليه وسلم، واستفتى الإمام مالك في الأمر، فقال له: `يا أمير المؤمنين، لا تجعل الكعبة ملعبا للملوك، فلا يريد أحد أن يهدمها إلا أن يهدمها.` ولذلك، تراجع هارون الرشيد عن تنفيذ هذا الأمر، وبقيت الكعبة على حالها.

الكعبة المشرفة من الداخل

يرغب الكثير من المسلمين في معرفة ما تحويه الكعبة المشرفة من الداخل تلك الحجرة الصغيرة ذات السقف المرتفع، حيث تحتفظ الكعبة من الداخل بالعديد من الهدايا التي قُدمت إليها على مر العصور، ويعود تاريخ بعض تلك الهدايا إلى أكثر من 1200 سنة، بعد القصف الذي تعرضت لها الكعبة بالمنجنيق على يد الحجاج بن يوسف الثقفي.

يوجد على الجانب الأيسر من باب الكعبة من الداخل، بين الملتزم والحجر الأسود، مكان يسمى حطيم السيئات، حيث يتم التضرع إلى الله والدعاء، وعلى الجانب الأيمن من باب الكعبة يوجد صندوق من الرخام النادر لحفظ أدوات الغسل، حيث يتوفر به عطور ولفائف قماش قطني للتنظيف.

في وسط الكعبة، تقف ثلاثة أعمدة محاطة بأفخر أنواع الخشب المزخرف، وتعرف باسم أعمدة الصحابي عبد الله بن الزبير، وعندما قام الزبير بترميم الكعبة اقترح أن يتم تثبيت سقفها بتلك الأعمدة خوفًا من انهياره.

في الجهة الشمالية من الكعبة، يوجد باب صغير يسمى باب التوبة، ويمثل 1/8 من حجم باب الكعبة الخارجي الضخم. ويتكون هذا الباب من أندر أنواع الخشب المغطى بصفائح من الذهب والفضة، وينتهي بدرج حلزوني من الزجاج السميك يصل إلى سطح الكعبة.

في الجدار الغربي المواجه لباب الكعبة يوجد تسعة ألواح آثرية من الرخام، محفور عليها أسماء الولاة والخلفاء، وتعود إلى أعمال تجديد وترميم الكعبة، وجميعها مكتوبة بعد القرن السادس للهجرة، تفتح الكعبة أبوابها أمام ضيوف الدولة البارزين والعلماء والمشايخ المسؤولين عن غسلها مرتين في العام فقط، ونظرا لأن الكعبة هي قبلة، يمكن لأي شخص يدخلها أن يصلي في أي اتجاه في الأركان الأربعة.

جميع أراضي الكعبة مفروشة بالرخام، ويتكون الرخام الأبيض من معظمه، باستثناء بعض الرخام الملون، ويزين جدار الكعبة من الداخل برخام مزين بنقوش لطيفة، وتغطي الكعبة من الداخل بستار من الحرير الأحمر الوردي مكتوب عليها الشهادتان وبعض أسماء الله الحسنى بالنسيج الأبيض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى