مراتب الإيمان بالقضاء والقدر
الإيمان بالقدر من أركان الإيمان، لذلك يجب على كل مسلم أن يؤمن بالقضاء والقدر، سواء كان خيرا أو شرا، فلا يكتمل إيمان الفرد حتى يستوفي الشروط .
معنى الايمان بالقضاء والقدر
ورد في حديث جبريل المشهور الذي نقله عبد الله بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: `أخبرني عن الإيمان`، فقال: `الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره`، فقال الصحابة: `صدقت`
من أدلة وجوب الإيمان بالقضاء والقدر هو قول الله تعالى في آية محكمة: “إن كل شيء خلقناه بقدر” (القمر: 49)، وقوله: “وكان أمر الله قدرا مقدورا” (الأحزاب: 38)، وقوله: “فقدرنا فنعم القادرون” (المرسلات: 23). ومن أدلة السنة على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر هو حديث جبريل عليه السلام السابق، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه”، رواه الترمذي وصححه الألباني .
مراتب الإيمان بالقضاء والقدر
تنقسم مراتب الإيمان بالقضاء والقدر لأربعة مراتب :
الإيمان بأن الله تعالى علم كل شئ ، ولا يغيب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء
وذلك وفقاً لقوله تعالى : يأتي هذا الآية من سورة الطلاق الآية 12، وتشير إلى أن الله قادر على كل شيء، وأنه علم كل شيء.
وَقَالَ تَعَالَى: الله يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، وإليه ترجع الأمور، كما هو مذكور في سورة الحج الآية 76.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ [النمل: 65].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 6].
وَقَالَ تَعَالَى: يعلم الله كل شيء” (من سورة النساء، الآية 32).
كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية : يحيط علم الله تعالى بالأشياء السابقة، ويعلم كل شيء عما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان، ولا يمكن تغييره أو زيادته أو نقصانه، فهو سبحانه يعلم كل شيء بكماله
الإيمان بأن الله تعالى كتب كل شئ في اللوح المحفوظ
يتماشى هذا مع العديد من آيات القرآن الكريم الواضحة في معانيها
قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحديد: 22].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام: 38].
وَقَالَ تَعَالَى: في القرآن الكريم، يذكر أنه لا يوجد قرية إلا وسيتم إهلاكها قبل يوم القيامة أو عذابها عذابًا شديدًا، وهذا مذكور في الكتاب بشكل واضح.” (الإسراء: 58).
وَقَالَ تَعَالَى: يُشار في هذه الآية الكريمة إلى أن الله يعلم كل شيء في السماء والأرض، وهذا مكتوبٌ في الكتاب، وأن ذلك سهلٌ على الله.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59].
كما أكد حديث الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ عن عبد الله بن عمر وعمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي _ صلى الله عليه وسلم قائلا: `كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة`
روىعمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: `كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء`
روى عبادة بن الصامت عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: “أول شيء خلقه الله القلم، وأمره بالكتابة، فقال: “ربي، ماذا أكتب؟” فقال: “اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة”. وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من مات ولم يؤمن بهذا فليس مني
الإيمان بأن جميع الأشياء لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى
وأوضحت لنا الآيات الكريمة ، قول الله تعالى : ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].
وَقَالَ تَعَالَى: يقول الله تعالى: `والله خلق كل دابة من ماء، فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع، يخلق الله ما يشاء، إن الله على كل شيء قدير`.” (سورة النور: 45).
وَقَالَ تَعَالَى: يخلق ربك ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة، سبحان الله وتعالى، وربك يعلم ما يكتمون في صدورهم وما يعلنون. (القصص: 68، 69).
الإيمان بأن الله جل وعلا خالق كل شئ
والدليل على ذلك قوله تعالى : ذكر تعالى في سورة الزمر أن الله خالق كل شيء، وفي سورة الصافات أن الله خلق البشر وأعمالهم، وفي سورة السجدة ذكر أن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على العرش، وليس لديكم أي ولي أو شفيع غيره، فتذكروا ذلك.