الوقاية الصحية

ما معنى تحور الفيروس ؟. . ومتى يصبح خطيراً

ما هي الفيروسات

الفيروسات هي كائنات صغيرة جدا وتتكون من أجزاء طفيلية من الحمض النووي الريبي أو الحمض النووي، وتوجد الفيروسات بكثرة في الطبيعة بأعداد وتنوع جيني مذهلين، ولا نعرف عددها الفعلي حيث يمكن أن يصل عددها إلى التريليونات.

تساهم الأوبئة الفيروسية السابقة في تطور الحياة بأكملها، إذ يتكون الجينوم البشري من حوالي 8% من أجزاء فيروسية قهقرية.

وللفيروسات تأثير مدمر ليس فقط على البشر لكنها تدمر الحيوان والمحاصيل أيضًا، ولذلك يهتم العلماء بشدة بدراسة الفيروسات ومعرفة تركيبها وطريقة تحورها وانتقالها بين الأنواع المختلفة، وعلى الرغم من أن العلماء فهموا إلى حد ما كيف تتم تلك العمليات، لكن مازال هناك الكثير من المعلومات التي لم يتوصل إليها العلماء عن الفيروسات وتحورها.

ما معنى تحور الفيروس

عادةً ما يشار إلى الفيروس المتحور باسم مثل البديل أو المتحور، وهو ببساطة نسخة من الفيروس تراكمت لديها طفرات كافية لتمثيل الفيروس بشكل منفصل عن شجرة عائلة الفيروسات، حيث تؤدي الطفرة الجينية إلى ظهور متحور من سلالة معينة من الفيروس.

على الرغم من أن فكرة تحور الفيروس أو الطفرة الفيروسية قد تبدو مثيرة للقلق، إلا أنه من المهم فهم أن العديد من هذه الطفرات تكون طفيفة ولا تؤثر بشكل عام على سرعة انتشار الفيروس أومدى خطورة العدوى الفيروسية، وفي الواقع، يمكن لبعض الطفرات أن تجعل الفيروس أقل عدوى.

يعتبر فهم كيفية تحول الفيروسات لتجنب الحماية الطبيعية أو الحماية التي يوفرها التطعيم أمرا مهما. وتقع مراقبة فيروس الإنفلونزا وتحديث لقاحاته باستمرار، حيث تتغير فيروسات الإنفلونزا بطريقتين رئيسيتين، وهما “الانجراف المستضدي” و”التحول المستضد .

ما هو المستضد

المستضد هو الجزيء الذي يترابط مع مستقبلات الجهاز المناعي لتحفيزه على إنتاج الأجسام المضادة.

عند اكتشاف مركب غريب، يقوم الجهاز المناعي بالتخلص من الخطر الذي يهدد الجسم، وبمجرد إزالة هذا الخطر، يتم إنتاج مستقبلات محددة بشكل كبير تستطيع اكتشاف المركب المحدد بشكل أسرع وتشن هجوما موجها بشكل كبير عند تعرض الجسم له مرة أخرى.

يشار إلى هذا بالاستجابة المناعية المكتسبة، ومع ذلك لكي تعمل الاستجابة المناعية المكتسبة بشكل صحيح، يجب أن تظل بنية المستضدات كما هي، لأن المستقبلات المنتجة للأجسام المضادة محددة بشكل كبير.

يؤدي التغيّر في المُستضد إلى جعل جهاز المناعة غير قادر على التعرف على الفيروس، ما يجعل الاستجابة المناعية المكتسبة في الجسم غير فعّالة، وهذا يعني أن الأشخاص الذين أصيبوا سابقًا بالعدوى يمكن أن يصابوا مرة أخرى وتظهر عليهم أعراض المرض مرة أخرى.

الانحراف المستضدي antigenic shift

الزيجان المستضدي أو الانجراف المستضدي، هو تغيير كبير يحدث في عامل معد (فيروس أو بكتيريا) يسبب تغييرا جذريا في البروتين السطحي `المستضد`

يحدث هذا التحول عادة عندما ينتقل فيروس الإنفلونزا البشرية مع فيروس الإنفلونزا الذي يصيب عادة الحيوانات مثل الطيور أو الخنازير

عندما تتحول الفيروسات، فإنها تتحول لتكوين نوع فرعي جديد يختلف عن أي نوع فرعي شوهد في البشر من قبل.

واحدة من السبل التي يمكن أن تؤدي إلى هذا التحور هو أن يصاب حيوان مثل الخنزير بفيروس الإنفلونزا البشرية، وفي نفس الوقت يصاب الخنزير بفيروس الإنفلونزا من حيوان آخر مثل البطة، فيتم خلط فيروسي الإنفلونزا معا وينشئان نوعا جديدا ينتقل بين البشر بعد ذلك، ويكون عدد قليل من البشر لديهم مناعة ضد هذا النوع الجديد

تم دراسة التحول المستضدي على نطاق واسع في فيروسات الأنفلونزا من النوع A، وهي تخضع لهذا التغير كل 10 سنوات، أما الأنفلونزا من النوع B فلا تخضع إلا للانجراف المستضدي.

الانجراف المستضدي Antigenic Drift

الانجراف المستضدي هو عملة طبيعية يحدث فيها طفرة أثناء التكاثر ، وهي عبارة عن تغير طفيف في فيروس الإنفلونزا، وهذا هو الاختلاف بين الانجراف المستضدي والتحور المستضدي، فالتغيرات في المستضد في الانجراف المستضدي تتطور ببطء وباستمرار لكنها بمرور الوقت تتراكم وتسبب ظهور سلالات جديدة لا يتعرف عليها الجهاز المناعي.

يعد الانجراف المستضدي هو السبب في تطوير لقاحات جديدة لمرض الإنفلونزا كل عام، كما أنه السبب في تعرضنا دائماً للإصابة بالإنفلونزا على الرغم من إصابتنا بها سابقاً.

خطورة تحور الفيروس

تكمن خطورة التحور المستضدي للفيروسات في أنه قد ينتج سلالات جديدة من الفيروسات ليس لدى أي شخص مناعة ضدها، وهذا يمكن أن يؤدي لانتشار وباء أو جائحة، وهذا الأمر قد حدث مع وباء الأنفلونزا في السابق ومازال هناك احتمالات لظهور تحور جديد في المستضدات مما قد يجعل جميع اللقاحات الموجودة حاليًا للإنفلونزا غير مجدية .

على الرغم من ظهور بعض المتغيرات الفيروسية وازدهارها واستمرارها، فإن الخبر الجيد هو ظهور بعض التغييرات الجديدة في الفيروسات ثم اختفاؤها، وقد يؤدي بعض هذه التغييرات إلى زيادة قابلية الفيروس للانتقال.

الأوبئة التي نتجت عن التحور المستضدي للفيروسات

مثال على الجائحة التي تحدث نتيجة للتحول المستضدي هو وباء الإنفلونزا الإسبانية الذي انتشر في الفترة بين عامي 1918-1919. كانت هذه السلالة في الأصل إنفلونزا الطيور H1N1، ولكن التحول المستضدي سمح للفيروس بالانتقال من الخنازير إلى البشر، مما أدى إلى انتشار جائحة كبرى أودت بحياة أكثر من 40 مليون شخص. وذلك لأن الجسم لم يكن محصنا ضد هذه السلالة الجديدة من الفيروس، ولم يكن هناك مقاومة سابقة لها، مما سمح للفيروس بالانتشار بسرعة في جميع أنحاء العالم .

كما أن مرض COVID-19 الذي سببه فيروس كورونا يعد مثالا آخر على هذا التحور، حيث يراقب العلماء آلاف التعديلات الطفيفة التي تحدث في المادة الوراثية للفيروس أثناء انتشاره في جميع أنحاء العالم.

أثبت العلماء أن سلالة فيروس كورونا البريطانية تحتوي على حوالي 20طفرة مختلفة تؤثر على كيفية انتقال الفيروس وانتشاره في الخلايا البشرية، وذلك بما في ذلك طفرات تؤثر على القدرة الفيروسية على الاصطفاف والتكاثر.

يشترك هذا الفيروس مع السلالة التي ظهرت في جنوب أفريقيا في إحدى الطفرات، ومن المتوقع أن يتحول الفيروس ويكتسب طفرات أخرى، ولذلك يواصل العلماء مراقبته وتطوره في جميع أنحاء العالم لتحديد أفضل شكل للعلاج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى