زهرة الفاوانيا الصينية ” الاسطورة الصينية “
يأتي أوان المناسبات وتأتي حيرة التفكير في الطريقة التي نهدي بها وما هي الهدية التي سنختارها، ولكن بعد كل هذه الحيرة نلجأ إلى عنصر مهم في الهدايا وهي الزهور التي قد نكتفي بشرائها لنهديها لأحبائنا لما تحمله من معاني جميلة كالحب والإخاء والصداقة والاحترام، فهذه النباتات الجميلة تزين بيوتنا وحدائقنا وحياتنا، ووجودها في أحد بيوتنا يعطينا إحساسا بالتفاؤل والجمال والسلام النفسي بسبب ألوانها وروائحها الجميلة.
الفاوانيا ملكة أزهار الصين
اليوم معنا ملكة الزهور وهي زهرة الفاوانيا أو عود الصليب والتي يطلق عليها الصينيون، وهي الزهرة الوطنية في الصين، وتشتهر بها سانمنشيا بمقاطعة خنان حيث يأتي المئات من الزوار في الربيع للتجول بين حقول زهرة الفاوانيا ويستمتعوا بعطرها الأخاذ ومناظرها الخلابة ويجذب عطرها السياح من جميع أنحاء البلاد.
تعد الفاوانيا رمزا للثروة والازدهار والحظ والوفاء في عيون الصينيين، ولها العديد من الألوان والأنواع، مثل الصفراء والخضراء والحمراء والبنفسجية والبرتقالية، وهي زاهية وليست مبتذلة، ولها المئات من الأنواع .
كيف تتعرف على نوع زهرة الفاوانيا؟
توجد عبارة تقول بأنه يمكن التعرف على أي نوع من زهور الفاوانيا بمجرد شم عطرها، حيث يختلف عطر الأزهار اختلافا عند تغيير أنواعها وألوانها، فعطر زهور الفاوانيا البنفسجية قوي، بينما يكون عطر الأبيض كثيفا، ويكون عطر الزهور الزرقاء منعشا .
الفاوانيا هي زهرة رائعة تتميز بتنوع هيئاتها وأوراقها المنتظمة، ويمكن أن تكون فروعها وسيقانها ناعمة أو متفتحة في بعض الأصناف، وتتغير ألوان الفاوانيا مع فصلي الربيع والخريف.
علاقة الإنسان بأزهار الفاوانيا على مر العصور
تحظى زهرة الفاوانيا بحب المخلوقات لأنها تجمع بين جمال السماء والأرض، وتثير الكثير من المشاعر العميقة بين الناس، وتشكلت العديد من العادات التقليدية التي تم توارثها عبر الأجيال للتمتع بجمال زهرة الفاوانيا.
كانت لويانغ في محافظة خنان العاصمة، وهي المكان الذي اختارته عائلة سوي، حيث قام الإمبراطور يانغ دي بتخصيص قطعة أرض بمساحة 200 مو (الهكتار يساوي 15 مو) لبناء حديقة بها زهرة الفاوانيا وأزهار أخرى معروفة. في تلك الفترة، تم بناء سلاسل من الحدائق التي زرعت بها أنواع متعددة من زهرة الفاوانيا، حيث يستطيع الناس الخروج والاستمتاع بجمال حدائق زهرة الفاوانيا، وخاصة في نهاية فصل الربيع حيث يتفتح زهور الفاوانيا، فيخرج الناس من جميع الفئات الاجتماعية لزيارة هذه الحدائق ويتركون منازلهم ليشعروا بالاسترخاء، حيث يعتبرون هذه فرصة سارة ومبهجة.
تعد زهرة يا وهوانغ واحدة من أشهر أنواع الفاوانيا التي يستمتع بها الناس في ذلك الموسم، حيث لا تتفتح إلا ثلاث أو أربع زهرات كل سنة. ويتدفق الكثيرون لمشاهدة هذه الزهور الشهيرة وجمالها، والتي تجذب قلوب عشرات الآلاف من المدنيين الصينيين الكبار والصغار.
قام الإمبراطور لي لونغ جي من أسرة تانغ في الفترة ما بين (618-907) بدعوة سونغ دان فا، الزراعي الماهر لزراعة الفاوانيا بأصنافها المختلفة في حديقة الإمبراطور التي تم بناؤها تحت جبل ليشان، ثم انتشرت هذه الأصناف بسرعة بين الناس، حيث ازدحمت العاصمة بالناس للاستمتاع بمشاهدة زهور الفاوانيا وشم رائحتها المميزة بأنواعها المختلفة، وتستمر فترة ازدهار الفاوانيا لمدة 20 يوما كل عام.
مع مرور الوقت، انتشرت عادة زراعة زهور الفاوانيا في أنحاء البلاد بسبب حب الناس لها وتمتعهم بجمالها وعبقها. بدأ الاهتمام بزراعة الفاوانيا منذ أكثر من 1500 عام، ولا تزال مستمرة حتى الآن. أصبحت هذه الزهرة المميزة جزءا من ثقافة الشعب الصيني، حيث يقومون بزراعتها وكتابتها وتطريزها ونحتها وتصويرها وغنائها. في الوقت الحالي، أصبحت الفاوانيا أكثر جمالا بعد أن تمت زراعتها في العديد من الأماكن المختلفة، بعد أن كانت تنمو في وطنها الأصلي في الصين. وهذا أدى إلى تحسينها وتطويرها من خلال سلالات متنوعة وتبادل البذور.
أكثر الأماكن شهرة بزراعة زهرة الفاوانيا
بعض الأماكن الشهيرة التي تزرع فيها الفاوانيا في الصين هي لويانغ في مقاطعة خنان، وهانغتشو في سيتشوان، وختسه في مقاطعة شاندونغ، ولينشيا في قانسو، ويانتشنغ في جيانغسو، وتونغشان في جيانغسو، بالإضافة إلى بكين .
تزرع الفاوانيا في كل بيت من بيوت ريف لينشيا، وتسمى أكثر أنواعها ارتفاعا البقعة الأرجوانية؛ حيث يتجاوز ارتفاعها سور البيت في بعض الأحيان، وتحتوي كل شجرة على الأقل مائة زهرة. يتم التمتع بجمال هذه الزهور عن طريق تبادل الزيارات بين الجيران والأصدقاء والأقارب، وليس من خلال المهرجانات أو المعارض، حيث ينظر الجميع بالاحترام والتقدير لصاحب الأزهار الكبيرة الكثيرة والغريبة المتميزة عن غيرها في باقي البيوت، وغالبا ما يكون أصحاب البيوت المليئة بالزهور مضيافين ويستقبلون الزوار بالوجبات الفاخرة والشاي وأغلى الشراب، وخاصة الذين يأتون من بعيد.
في بكين، يتمتع الناس بجمال أزهار الفاوانيا من خلال المعارض التي تقام لمدة شهر واحد في الحدائق العامة أو المعارض في حديقة القصر الإمبراطوري. هذا القصر الذي يحتفظ بعظمته حتى الآن من حيث الزراعة والزيارات. يقوم البستانيون في حديقة النبات بعرض أزهارهم، وفي حديقة جينغشان تتفتح أزهار الفاوانيا بألوانها المتفجرة وجمالها الزاهي في جو الحديقة. في فترة ذروة ازدهارها، يتوجه الناس إلى الحدائق كالسيول للاستمتاع بتلك الزهور البديعة وشم رائحتها العطرة، لكي يحصلوا على قسط من الراحة والسلام النفسي الذي يجدونه في هذه الأزهار.