اهمية الايمان بالقضاء والقدر و ثمراته
تصديق الإنسان بالقضاء والقدر يعني الإيمان الصادق بأن قضاء الله وقدره هو الذي يحدث في النفوس والأحداث، سواء كانت إيجابية أو سلبية، حيث أن الله قد كتب الأقدار قبل خلق الخلائق ولا يمكن لأي شيء أن يحدث خارج إرادته في السماء والأرض. فهو الله الواحد الذي لا يتمنى له سؤال عن أفعاله .
كيفية الإيمان بالقضاء والقدر
يتم تحقيق الإيمان بالقضاء والقدر من خلال الإيمان بمراتبه وأركانه، حيث لا يكتمل إيمان العبد إلا بالإيمان بها جميعا، وتتمثل هذه المراتب في ما يلي:
مرتبة العلم
المرتبة الثالثة هي الإيمان بعلم الله الشامل والتفصيلي، حيث يعلم الله بكل شيء بما في ذلك أفعال العبد وأرزاقه وآجاله، وهذا ما يشمله الآية التالية: “وأن الله قد أحاط بكل شيء علما
مرتبة الكتابة
وهي تعني إيمانا بأن الله قد سبق وكتب جميع مصائر عباده في اللوح المحفوظ، بعد أن علم بها سبحانه وتعالى. وقد قال تعالى: `لم نغفل شيئا في الكتاب`
مرحلة المشيئة
وهو يعني أن الإيمان بمشيئة الله تعالى النافذة، فكل ما يريده الله يتحقق، وما لم يرده لا يحدث، وهذه المشيئة تتوافق مع قدرة الله الكاملة في كل الأمور التي حدثت أو يريد أن تحدث، ولكن عدم مشيئة الله لحدوث بعض الأشياء لا يعني عدم قدرته على تحقيقها، كما قال تعالى: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين).
مرحلة الخلق
تعني مرحلة الخلق الإيمان بأن الله قد خلق جميع الخلائق من العدم، وكذلك خلق جميع أفعالهم وأوجدها وقدر حدوثها، وأما العبد فهو فاعل مكتسب لتلك الأفعال، وقد قال تعالى: `اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ`
أهمية وآثار الإيمان بالقضاء والقدر
الإقدام على عظائم الأمور
يعتبر الإيمان بالقدر دافعا أقوى للمؤمن للقيام بالأعمال الصالحة والاقدام على المهام العظيمة بثبات وعزم وثقة، وظهرت الصورة الصحيحة للإيمان بالقدر في حياة الأجيال الأولى للمسلمين، التي شهدت حدوث العجائب التي تسجلها التاريخ، والتي نجحت في تأسيس الدعوة في الأرض وانتشارها بسرعة كبيرة في فترة زمنية قصيرة، وهي التي بنت هذا الإنجاز العظيم في مختلف جوانب الحياة .
القضاء على التواكل والكسل
: يعتقد بعض الناس أنه لا يحدث في الكون إلا ما يريده الله، وبالتالي لا يوجد حاجة للإنسان للعمل، لأن إرادة الله سوف تتحقق سواء عمل الإنسان أو لم يعمل، ولذلك لا داعي للكد في البحث عن الرزق أو النشاط والحركة، بل يجب الاستسلام لقضاء الله وقدره. ومع ذلك، هذا النوع من التواكل والسلبية لا يعد جزءا من الإسلام، وإذا كان كذلك، فلماذا لم يتحدث الرسول صلى الله عليه وسلم أو أصحابه عنه؟.
الثبات في مواجهة الطغيان
ومن فوائد الإيمان بالقدر أيضا، أنه يمنح صاحبه الثبات والاستقامة في مواجهة الحق ومقاومة الباطل والظلم والتمرد على المنكر، دون أن يخشى فرعون المتأله ولا طاغوت المتجبر، وذلك لأن الناس عادة ما يخافون في أمورين نفيسين بالنسبة لهم وهما: العمر والرزق. فالعمر محتوم، والرزق مقسوم، وبسبب ذلك، يقف المؤمنون في وجه الطغاة والجبارين، ولا يهابون جبروتهم ولا يهزمون أمام قوتهم وطغيانهم. في عصرنا، رأينا العلماء والدعاة الشامخين يواجهون المستعمرين وأذنابهم من الملوك والرؤساء، دون الاكتراث لما يمكن أن يصيبهم في سبيل الله.
الصبر عند نزول المصائب
المؤمن بالقدر لا يتحكم فيه الجزع والفزع ولا يسيطر عليه السخط والهلع، بل يستقبل مصائب الزمن بثبات كثبات الجبال لأنه يعلم أن ما يصيبه من مصائب في الأرض وفي نفسه مكتوب في الكتاب قبل أن يبرأ منها، وذلك أمر يسير على الله، لكي لا يحزن على ما فاته ولا يفرح بما أتاه.
يمكن اعتبار الإيمان بالقدر من أقوى العلاجات التي تساعد المؤمن على تحمل الصعاب والمحن، إذ يمثل ثمرة كبيرة لهذا الإيمان. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحث أفراد أمته الإسلامية على تعزيز هذا الإيمان في نفوسهم، ويعلمهم كيفية التعامل مع المحن والصعاب، فمثلا عندما أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه لإعلامه بوفاة ابنها، شجع النبي على تهدئتها وتذكيرها أن كل شيء بيد الله وله وقت محدد للحدوث والانتهاء.
الرضا والقناعة بما قسمه الله
الرضا عن ما قسمه الله والقناعة بما رزقه الله هما ثمرتان جميلتان في حياة المؤمن، فالرضا والقناعة تتجلى في القلب. فمن الناس من لو أعطي واديا من الذهب سيطلب ثانيا، ولو أعطي ثانيا سيطلب ثالثا، ومثل ذلك هو كجهنم التي يسأل عن امتلائها وتقول: “هل يوجد أكثر؟
لذلك، ينبغي على المؤمن عدم الطمع فيما ليس بوسعه والرضا عما أعطاه الله، والذي لا يمكن تغييره، ويجب أن يكون نشاطه وطموحه ضمن حدود ما قدر له، وكما يتمنى الشيخ الشباب، وتتطلع المرأة الدميمة إلى الحسناء بالغيرة والحسد، ويتطلع البدوي الذي يعيش في بيئة فقيرة إلى رفاهية الحياة وأسباب النعيم.
السكينة وهي راحة القلب والنفس
السكينة هي هدف مرغوب للجميع في الأرض، وتجدها بين خواص المسلمين من العلماء العاملين والعباد القانتين المتبعين، حيث يتمتعون بسكون القلب وطمأنينة النفس التي لا تدور حول الخيال، فلهم النصيب الأوفى في هذا الأمر، وقال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز: “أصبحت ومالي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر.