الفرق بين الحُزن والحزَن في القرآن الكريم
القرآن الكريم هو كلام الله، الذي تكلم به جل شأنه على الوجه الذي يليق بجلاله وعظمته، وأنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من خلال جبريل عليه السلام. وذلك ليأخذ بأيدي عباده من الظلمات إلى النور ويصرف عنهم الحزن والهم، وهو لم يخلق. فالتمسك به وتلاوته هداية وتوفيق من الله وحده، والعمل به يجعل المسلم مستحقا للإمامة في الدين
في القرآن الكريم
يظهر الحزن والحزن بدرجات متفاوتة لدى المسلم بعد تعرضه لعدة أسباب، ويتم التعامل معها في القرآن الكريم عن طريق النهي عنها أو نفيها عن المسلم .
وفي هذا يقول ابن القيم أن ذلك لأن المسلم إنما تضعف قوته وتوهن ويتعطل سيره بتمكن الحزن منه فلا ينبغي أن يمكن الشيطان منه ويتملكه الحزن لأي من الأسباب بل عليه التوكل على الله سبحانه وتسليم أموره له مستدلا بقوله تعالى {إنما النجوىٰ من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيء إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون}. المجادلة 10 ،
آيات الحُزن والحزَن
ذكرت كلمة الحزن في أكثر من اثنين وأربعين موضعا وسنذكر بعضا منها هنا
عدم استجابة الأمم التي أرسل إليها الأنبياء لرسالتهم أو الإيمان بها وفي هذا يقول الله تعالى `ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم` آل عمران – 176.
_ الأمر بتسليم الأمور كلها لله عز وجل والاعتماد على الله بكل ثقة، خصوصا في المواقف الصعبة التي يواجهها المسلم وتؤدي إلى استنزاف قوته وتركيزه، وقبول حكم الله عز وجل برضا تام حتى يكون لديه توقع حسن ويتخلص من الحزن. {بلىٰ من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}. البقرة – 112.
_ الترغيب في الإيمان بالله ورسالة أنبياءه وملائكته واليوم الآخر وعمل الصالحات التي حملتها أوامر رسله عليهم الصلاة والسلام لنيل رضا الله عز وجل {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}ـ البقرة.
يوضح الله عز وجل أن طبيعة البشر تجعلهم يشعرون بالحزن عند فقدانهم لشخص عزيز عليهم، وقد لا تقتصر آثار هذا الحزن على الإكتئاب فقط، بل قد تؤدي أيضا إلى الإصابة بأمراض صحية، كما ذكر الله تعالى في قصة يعقوب عليه السلام عند فقدانه ابنه يوسف: `تولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم` يوسف – 8 .
عندما التقط جنود فرعون النبي موسى عليه السلام من النهر، فزع قلب أمه وحزنت، لكن العناية الإلهية تدخلت وردت الابن إلى أمه، لتقر عينها وينتهي حزنها: “فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثر الناس لا يعلمون” (سورة القصص – 13)
يستهدف نص الآية (103) من سورة الأنبياء بث الفرح ومشاعر الأمان والطمأنينة في نفوس المؤمنين الذين أحسنوا الصنع في الحياة الدنيا، ويذكر الطريقة التي يستقبلون بها الملائكة يوم القيامة عندما يفزع الجميع من الحشر والحساب ويتم تنفيذ الوعد الذي تم إعطاؤهم إياه.
_ تثبيت الله تعالى لأصحاب الحق من أنبياءه وعباده الصالحون بأن لا يحزنهم تكذيب الجاحدون للخير والرسالة التي يحملونها {قَدْ نَعْلَمُ أنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِى يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}. الأنعام – 33.
_ إرادة الله تتجلى في انتشار دينه وإقناع البشر به، بغض النظر عن الحذر الذي يتخذه الأعداء والأساليب التي يستخدمونها في محاربته. ومن خلال قوة فرعون وانتهاء حكمه ومصيره الذي فرضه الله، يبين الله سبحانه جبروته وكيف تحققت مشيئته بينه وبين أتباعه {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ۗ إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين} القصص –
_ التحذير من إغضاب الله عند قيام بالخير للناس أو مساعدتهم بالمال وغيره، حيث يتسبب ذلك في فقدان الأجر واستدعاء غضب الله تعالى. {الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى ۙ لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} البقرة – 26
_ الشعور بعدم الأمان والإضطرار للهجرة وترك الوطن أو المنزل أو العمل من أجل نشر كلمة الله ورسالة أنبيائه {إن لم تنصروه فقد نصره الله عندما أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين في الكهف، عندما قال لصاحبه: لا تحزن إن الله معنا، فأنزل الله سكينته عليه ونصره بجنود لم ترها، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمة الله هي العليا، والله هو العزيز الحكيم} التوبة – 40