غالبا ما يتم تعريف الاستثمار بمفهومه التقليدي الاقتصادي، وهو شراء المؤسسات الربحية أو الإنفاق على شراء سلعة معينة، ثم الاستثمار في هذه السلعة وتوقع الحصول على عوائد مالية أكبر من النفقات، أو استثمار المؤسسات الخدمية مقابل الحصول على الربح. ومع ذلك، يختلف مفهوم الاستثمار الاجتماعي تماما عن هذا المفهوم، وهو ما سنتحدث عنه في هذا المقال
مفهوم الاستثمار الاجتماعي
الاستثمار الاجتماعي يهدف إلى تحقيق المنفعة العامة من خلال مساهمات ليست لأغراض استهلاكية، بمعنى أنه يشبه الاستثمار الاقتصادي في توفير النفقات أو العناصر ذات القيمة التي تحقق عائدا ماليا في المستقبل، أو توفير خدمة محددة أو فرص عمل .
يشير الاستثمار الاجتماعي إلى الإجراءات الخاصة التي يقوم بها الأفراد أو الجماعات أو “المستثمر الاجتماعي” والتي تعود بالنفع على المجتمع بشكل عام، وليس بالضرورة على المستثمر نفسه. ويشمل الاستثمار الاجتماعي المساهمات العينية والمالية والعمل التطوعي مثل تعليم الطلاب ونقل المهارات والمشاركة المدنية مثل العمل على إنشاء حديقة مجتمعية، ويشمل أيضا جلب رأس المال الاجتماعي مثل الاستثمار في الوقت والوجود الاجتماعي وبناء العلاقات لإنشاء شبكات دعم أو مجموعات عمل. والفرق الرئيسي بين الاستثمار الاقتصادي التقليدي والاستثمار الاجتماعي هو أن الأول يهدف إلى تحقيق العوائد المادية للمستثمر، بينما يهدف الثاني إلى تحقيق الفائدة الاجتماعية التي تفوق تلك التي تعود على المستثمر أو المانح، ويجب أن تتضمن العوائد المتوقعة للأستثمارات الاجتماعية فائدة للمجتمع بشكل عام
اهم تعريفات الاستثمار الاجتماعي
تم تصميم مفهوم الاستثمار الاجتماعي بطرق عديدة خلال السنوات الأخيرة، ومن بينها:
- هي مؤسسات ترغب في الحصول على تعريف إيجابي لمجموعة من المؤسسات والمنظمات الخاصة التي تقدم إجراءات توفر منافع عامة، على الرغم من استخدامها بالفعل مصطلحات مثل `غير الربحية` أو `غير الحكومية`، إلا أنها تعطي انطباعا غير ممثل للسبب الأساسي لوجودها، وفي نفس السياق، ترغب هذه المصطلحات في إشارة أكبر إلى معناها الموضوعي بدلا من المصطلحات التقنية .
- الاستثمار الاجتماعي يشير إلى الحاجة إلى مصطلح يشمل المستوى الفردي، مثل المشاركة المدنية والعمل التطوعي والتبرعات، وكذلك المستوى المنظماتي، مثل المنظمات غير الربحية والجمعيات التطوعية والحركات الاجتماعية، وأيضًا المستوى المؤسسي، مثل الأعمال الخيرية .
- يشير هذا المصطلح إلى الأنشطة التي تهدف إلى تحقيق القيمة المالية والاجتماعية والعوائد في المواقف التي تتمتع بفائدة مثل الأعمال الخيرية أو الأعمال الخيرية المحدودة للغاية .
يحتاج الاستثمار الاجتماعي إلى مصطلح محايد يمكن استخدامه للمقارنة بين البلدان، على غرار المفاهيم المستخدمة في الولايات المتحدة مثل المؤسسات المعفاة من الضرائب، ومصطلح الجمعيات الخيرية والعمل التطوعي في المملكة المتحدة، ومصطلح القطاع غير الربحي في ألمانيا، ومصطلح الاقتصاد الاجتماعي في فرنسا. وفي اليابان وإيطاليا، ترتبط هذه المفاهيم بشكل وثيق بتجارب وظروف وطنية محددة
يهدف ربط جدول الأعمال البحثية والتعليمية والسياسية الحالية بشأن المنظمات غير الربحية والعمل الخيري والمشاركة المدنية مع اهتمامات الأوساط الأكاديمية الرئيسية في مجالات العلوم الاجتماعية والدراسات القانونية والإدارة
يهدف الاستثمار الاجتماعي إلى تحويل تركيز الرؤية من التركيز على النفقات المالية والإيرادات إلى الاستثمارات الاجتماعية، أي إلى إنشاء الأصول الاجتماعية، وزيادة القدرة المجتمعية على حل المشكلات. ويتأخذ في الاعتبار أهمية استدامة هذه الرؤية .
يتمثل الاستثمار الاجتماعي في السياسة في تصنيف النفقات التعليمية على أنها تكاليف جارية أو مصروفات في الميزانية السنوية وليس كاستثمارات، ويتم التعامل مع المخصصات الموجهة لتلك المناطق المحرومة بيئيًا على أنها ليست استثمارًا .
عندما ننظر إلى تعريفنا لمفهوم الاستثمارات الاجتماعية ، نجد تعريفا آخر أكثر شمولا يرى الاستثمار الاجتماعي على أنه أقل ترابطا بأنواع محددة من الشركات الاقتصادية ولكنه يشمل مجموعة أوسع من المؤسسات بشكل عام ، بما في ذلك السلوك الفردي. هذا التعريف الشامل يشمل مفاهيم اقتصادية مثل نظريات السلع العامة وفشل السوق ، ومفاهيم سياسية مثل نظرية فشل الإدارة ، ومفاهيم تنظيمية مثل سلوك الشركات غير السوقية ، ومفاهيم اجتماعية مثل رأس المال الاجتماعي ، ومفاهيم فلسفية مثل نظرية القيد القاطع ، ومفاهيم أخلاقية وقانونية مثل القانون الضريبي للمساهمات ذات المنفعة العامة والقانون الدستوري. استنادا إلى هذه النقاط ، تم اقتراح تعريف الاستثمار الاجتماعي بناء على خمسة عناصر كالتالي
- الحكم الذاتي .
- الطبيعة التطوعية النابعة من التقدير .
- عدم القيد في التوزيع .
- العوامل الخارجية الإيجابية .
- توافر قاعدة القيمة المعيارية .
تحديات الاستثمار الاجتماعي في اوروبا
تواجه الدول في أوروبا تحديات هائلة بسبب الأزمة الاقتصادية، حيث وصلت معدلات البطالة والفقر والإقصاء الاجتماعي إلى مستويات قياسية، ولذا يشكل الاستثمار الاجتماعي عبءا كبيرا على الموارد البشرية في أوروبا نظرا لضعف الميزانيات العامة
تعد التغيرات الديموغرافية أحد أهم أسباب الإعاقة للاستثمار الاجتماعي، حيث يتقلص عدد الشباب الذين لا يزالون في سن يسمح لهم بالعمل، بينما تزداد نسبة كبار السن في أوروبا، لذا يجب البحث عن حلول لضمان أنظمة الحماية الاجتماعية المستدامة والكافية
محاولات أوروبية نحو الاستثمار الاجتماعي
تقوم حزمة الاستثمار الاجتماعي في أوروبا (SIP) بعمل الآتي :
- يعمل الاتحاد الأوروبي على استخدام الميزانيات الاجتماعية الخاصة بالدول الأعضاء بفعالية لضمان حماية اجتماعية كافية ومستدامة
- تسعى حزمة SIP إلى تعزيز القدرات الحالية والمستقبلية للأفراد، وتحسين فرصهم للمشاركة في المجتمع وسوق العمل
- تركز على مجموعة شاملة من المزايا والخدمات التي تساعد الناس على تحقيق نتائج اجتماعية إيجابية دائمة طوال حياتهم
- يوصى بالتركيز على مفهوم الوقاية الصحية بدلاً من العلاج، من خلال تقليل الحاجات للحد من الحاجة إلى الدعم، وعند الحاجة إلى المساعدة، يمكن للمجتمع تحمل تكلفة المساعدة
- يدعو إلى زيادة الاهتمام والتركيز على الأطفال والشباب بشكل أكبر وفعالية، لأنهم هم المستقبل ويجب زيادة فرصهم في الحياة .