الفرق بين السنين والسنون

تتميز اللغة العربية بتعددها وتضمنها العديد من الكلمات والمصطلحات التي لا توجد في أي لغة أخرى، وهذا ليس بالأمر الغريب، إذ أن الله تبارك وتعالى وهبها نزول القرآن الكريم بها، إنها لغة القرآن ولغة العرب ولغة الضاد التي تحوي العديد من المصطلحات والكلمات التي تتميز بها عن غيرها من اللغات الأخرى. بعض الناس يعتبرونها من اللغات الغنية بالمصطلحات، خاصة أنها تحتوي على الكثير من المصطلحات التي تختلف عنها تماما في اللفظ وتحمل نفس المعنى

يرجع بعض العلماء الاختلاف بين كلمتي “سنين” و “سنون” التي نتحدث عنها في هذا المقال إلى الأعراب، ولكن المعنى هو نفسه لكل منهما وهو الأعوام .

الفرق بين السنين والسنون

هناك اختلاف بين الناس في استخدام “سنين” و”سنون” وأيهما أصح في الاستخدام. فالبعض يرجح استخدام “سنين” والبعض الآخر يرجح استخدام “سنون”، وهناك من يجيز استخدام الاثنين معًا. ومن أجاز استخدام “سنين” عادة ما يستخدمها كجمع المذكر السالم، حيث أنها جمع للفظ “سنة”، ويتم جمع المؤنث السالم منها على “سنوات .

يمكن استخدام كلمة `سنين` مع جمع المذكر السالم، وهذا الاستخدام شائع في اللغة. تعامل `سنين` كما تعامل جمع المذكر السالم في الإعراب، حيث ترفع بالواو وتنصب وتجر بالياء. وهناك دلائل من القرآن الكريم تشير إلى استخدام كلمة `سنين` في مواضع مختلفة وتعامل بالنصب والجر، ولم يذكر استخدام `سنون` بالضم في تلك المواضع 

لقد عاقبنا آل فرعون بالسنين ونقص في الثمار، عسى أن يتذكروا .

هو الذي جعل الشمس مصدرًا للضوء والتألق، والقمر مصدرًا للنور، وقدرها لتعلموا عدد السنين والحساب. فما خلق الله من شيء إلا بالحق، ويفصل الآيات للناس الذين يعلمون .

فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددًا .

قالوا: ألم نربك فينا وليدًا ولبثت فينا من عمرك سنين .

أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ .

وبالنسبة لجمع المذكر السالم، هناك قوانين وأحكام لا تسري بشكل كبير عليه ليكون صحيحا. من بين الأمور التي تخالف جمع المذكر السالم هي معاملة الاسم المفرد الملحق بجمع المذكر السالم كما يعامل جمع المذكر السالم في الإعراب والقوانين المتعلقة بجمع المذكر السالم. في هذه الحالة يتم استخدام الواو عند الرفع والياء في حالتي الجر والنص .

وذلك مما أقره عالم النحو الشهير ابن مالك في ألفيته التي كانت دليلا واضحا لكل من استشكل عليه أمر من أمور اللغة أو الإعراب حيث أنه أورد فيها جميع ما يخص قواعد اللغة العربية جميعها بالتفصيل على هيئة أبيات شعرية للتوضيح والفهم ، حيث أنه قال فيما يتعلق بذلك الأمر في ألفيته الشهيرة :

وشبه الذين به عشرونا وبابه الأحق والأهلونا

العلماء والمواطنون، عليهم أن يرضوا ويتفقوا ويتناغموا

تهدف الأبيات التي كتبها ابن مالك إلى إيضاح جواز معاملة الملحق بجمع المذكر السالم، بالمثل مع معاملة جمع المذكر السالم في الإعراب والقواعد النحوية المتعلقة به .

وافق ابن عقيل، النحوي الكبير، هذا الرأي عندما شرح تلك الأبيات من ألفية ابن مالك. وأوضح أن معاملة المذكر السالم الملحق بجمعه تعامل كجمع المذكر السالم، وهو لغة شائعة بين لغات العرب المعروفة، وتنتهج بعض القبائل العربية ذلك النهج في الإعراب والمعاملة، مثل قبائل الحجاز وعلياء وقيس. ولكن بعض القبائل الأخرى تستخدم علامات الإعراب بدلا من الحروف، باستثناء حرف الياء في جميع الأحوال

وذلك مثلما ورد في شعر جرير في قوله :

أرى مر السنين أخذن مني      كما أخذ السرار من الهلال

وكذلك قول شاعر آخر :

ألم نسق الحجيج ، سلي معدا 

سنينا ما تعد أنا حسابا 

ذلك مما أورده العالم النحوي في كتابه شرح ابن عقيل ، عندما تناول شرح ذلك الباب من الإعراب والتفرقة بين كل من سنين وسنون ، وأجاز بعض العلماء ملازمة الياء للكلمة في جميع حالات الإعراب  وذلك ما أقره علماء اللغة في أمهات الكتب العربية التي تناولت أحوال الإعراب ، وكذلك جمع المذكر السالم والملحق به والتفرقة بينهما في بعض الحالات .

استدل القائلون بهذا الرأي على أقوال الشعراء القدامى التي تثبت هذا الرأي وتؤكده، ومن بين أقوال الشعراء في هذا الشأن، يأتي قول الشاعر:

دعاني من نجد فإن سنينه 

لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا 

لا يتم حذف حرف الياء عند نصب لفظ سنين على حرف النون ووضع الفتحة عليه، على الرغم من أنها مضافة، وهذا يعد إحدى الأدلة الواضحة التي تؤكد جواز استخدام الحركات الأصلية على حرف النون .

ورغم أن استخدام كلمة سنون غير شائع كما في استخدام كلمة سنين ، إلا أن سنين هي الأكثر استخداما والأسهل في النطق، فمثلا يمكن قول مضت سنو الطفولة بحذف النون، وذلك لأنها مضاف إليه هنا، ولكن الأسهل في النطق مضت سنين الطفولة، وهذا هو الأسلوب الذي يستخدمه العرب في الغالب، وهو الأسهل والأكثر انسيابية في النطق، ويمتنعون عن استخدام الكلمات الثقيلة والغير سهلة في النطق. وبالتالي، يمكن استخدام كلمتي سنون وسنين، وكلتاهما صحيحة، وفقا لما أكده علماء اللغة

إعراب السنين والسنون

وبالتالي هناك طريقتان لإعراب كلمة سنون، الأولى هي إعرابها مثل جمع المذكر السالم، حيث يتم إضافة الواو في حالة الرفع والياء في حالتي الجر والنصب. أما الطريقة الثانية، والتي أقرها النحوي ابن مالك، فتشترط استخدام الياء في جميع حالات الإعراب واستخدام الحركات الأصلية في الإعراب بدلا من الحروف التي يعرب بها جمع المذكر السالم. وبهذه الطريقة، تتشابه كلمة سنون مع كلمة حين في المعاملة، وتستخدم كلمة سنون في كثير من الأحيان بسبب خفتها حتى أنها ذكرت كثيرا في القرآن الكريم .