قصة سمرقند الحقيقة .. ” منذ بداية فتحها وحتى خروج المسلمين منها ‟
بداية فتح سمرقند
تعد قصة مدينة سمرقند من أروع قصص انتشار الإسلام، ولكنها تحمل عبرة كبيرة. كانت مدينة سمرقند تحكمها قضية قضائية أثارت دهشة الناس، وتعتبر واحدة من أعجب الأحكام في التاريخ. ومع ذلك، كانت النتيجة دخول سمرقند وأحداث مدهشة في تاريخ البشرية
في زمن حكم الخليفة الأموي عمرو بن عبد العزيز، وأثناء ذلك، كان القائد المسلم المشهور قتيبة بن مسلم يقوم بفتح المدن والقرى ونشر الدين الإسلامي في تلك الأرض. كانت عملية فتح المدن تتم عن طريق دعوة سكانها للاعتناق الإسلام أو دفع الجزية، ثم يتم منح سكان المدينة مدة ثلاثة أيام للتفكير، تماما كما كان يفعل الصحابة، ثم يبدأ القتال. ومع ذلك، اختلف قتيبة بن مسلم عندما دخل مدينة سمرقند، حيث أخذ تعاملا مختلفا مع سكانها بدون منحهم المهلة المعتادة.
يعود السبب في أن سمرقند استسلمت لجيش المسلمين ولم يكن بوسعها المقاومة إلى أن مدينة سمرقند كانت لها جيش قوي يحميها، وتاريخها مع الغزاة حافل بالانتصارات. ففرَّ حكامها وقادتها وجميع الكهنة، وفر الناس إلى منازلهم، وسيطر جيش المسلمين على المدينة بدون مقاومة
بعد فترة قصيرة، بدأ سكان مدينة سمرقند يخرجون من منازلهم ويتعاملون مع الجنود بحذر وترقب. وبعد أيام، أدركوا أن المسلمين ليسوا أعداء، بل هم غزاة جدد يتعاطفون مع الضعفاء ويسعون للعدل ويدعون لعبادة إله واحد. لا يسرقون ولا ينهبون ولا يقتلون، بل يحمون الناس وينشرون دينهم الإسلامي.
وفي أحد الأيام نشبت مشاجرة في السوق بين شاب من أهل سمرقند وأحد الجنود المسلمين وتجمع الناس في خوف وترقب لا شك عندهم أن الجنود المسلمين سوف يتجمعون من كل مكان وذلك حتى يلقنون الشاب درساً لا ينساه وليكون هذا الشاب عبرة لكل من تسول له نفسه أن يعتدي على أحد الجنود المسلمين المسلمين وفي خلال لحظات تجمع الجند وأحاطه بهذه المشاجرة وفي وسط دهش من الجميع اقتداء الجند المتخاصمين والشهود الى القاضي.
لم يتوقع أحد من المتواجدين في المحاكمة ما حدث، وبعد توقيف القاضي المسلم والجندي المسلم الذي كان بجوار الشاب، قام القاضي بالتحقيق في الموضوع بكل عدل، وأصدر حكمه بشأن الجندي المسلم، وبعد إصدار الحكم انتشر الخبر في جميع أنحاء المدينة وكان الناس يتحدثون مع بعضهم البعض عن العدالة التي حصلت مع هؤلاء الغزاة، وفي منطقة الجبال البعيدة وقف شاب من سمرقند أمام كبير الكهنة وروى لهم القصة التي أثارت استغراب الجميع، وبعد تأكيد الكهنة على ما حدث، قرروا جميعا أن يرسلوا شكواهم ضد القائد “قتيبة بن مسلم” إلى الخليفة في ذلك الوقت “عمر بن عبد العزي.
قصة سمرقند الحقيقة
انطلق الجواد يطير وعليه أحد شباب الكهنة إلى عاصمة الخلافة الإسلامية. كان النجاح في هذه المهمة شبه مستحيل بسبب المصاعب التي كان يواجهها، فكيف يمكن لأحد أن يدخل إلى دولة تحكمها المؤمنون والتي تمتد من حدود الصين شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا، وكيف يتحدث إلى هذا الملك العظيم الذي فاق في ملكه كسره وقيصر، وماذا سيقول له وهو يشتكي له أحد أعظم القادة، وماذا يمكنه فعله به وهو واحد من أعدائه وخصومه ودولته.
ولكن ما لم يكن يعرفه هذا الشاب هو أنه سيتحدث إلى ملك مشهور بزهده وعدله ومواقفه الرجولية التي تميزت عن غيره، وتزدهر البلاد في عهده ويقل الفقر وتصدر الكثير من القوانين والأحكام العادلة التي جعلت من عدله وحكمته قصصًا يحكيها أهل البلاد في كل أنحاء العالم.
وصل الشاب إلى بيت قديم مبني من الطين في حي متواضع بالعاصمة، وقيل له إنه سيجد الخليفة هناك. في البداية، لم يصدق الشاب ذلك، فكيف يكون بيت ملك يملك الدنيا في هذا المكان؟ اقترب الشاب الكاهن من البيت، وإذا به يرى رجلا يصلح جدارا بالطين، وكان يغطي الطين ثوبه ويديه. وكلما مر عليه أحد قال: `السلام على أمير المؤمنين`. صدم الشاب حين رأى ذلك. هل هذا هو ملك الدنيا الذي يخضع له كل هذه البلاد.
عندما وقف الشاب بعيدا، ظهرت امرأة مع ابنها لتطلب من الخليفة زيادة المساعدة من بيت مال المسلمين. وأثناء الحديث، لعب ابن الخليفة بلعبة في يد ابن المرأة، ثم سلبها منه. عندما حاول ابن الخليفة أخذ اللعبة منه، صفع الولد ابن المرأة على وجهه واندلع الدم. هرعت زوجة الخليفة إلى ابنها واحتضنته، وصرخت المرأة وطفلها في حالة من الرعب الشديد. نظر الخليفة عمر إلى وجه المرأة وابنها ورأى الرعب الذي ألم بهما.
تهدأ من روعها ويأخذ اللعبة من ابنه ويعطيها للصغير الفقير، ويأمر بزيادة العطاء ويأخذ ابنه ويقبّله ويهدئه، ثم يلتفت لزوجته ويقول “حنانيكَ لقد أرعبتِها وابنها المرأة”، ثم يستكمل إصلاح الجدار وكأن شيئًا لم يكن.
كان الشاب الكاهن كان يشاهد الخليفة كما لو كان في حلم، وتجرأ على الاقتراب منه دون أن يسأله عن أي شأن
_ قال الشاب الكاهن: قدم أحد المواطنين شكواه إلى الحاكم يقول فيها: يا سيدي، أنا من أهل سمرقند وأعاني من الظلم، جئت لأشكو إليكم من القائد قتيبة بن مسلم، وطمعت في أن تنصفونا وتعاملوا معنا بالعدل، وعلمت أن عادتكم أن تنذروا القوم ثلاثة أيام، وتخيروهم بين الإسلام والجزية والقتال.
قال الخليفة عمر: `إنها ليست عاداتنا، إنها أمر الله وسنة رسوله الكريم`.
قال الشاب: `إن قتيبة لم يفعل ذلك`.
فأخر الخليفة عمر قليلا، وأمر الكاتب بكتابة رسالة وختمها بخاتمه وتسليمها إلى الشاب
وقال: `أسلم هذه الرسالة إلى والي سمرقند لكي يرفع الظلم عنكم بإذن الله`، ثم عاد ليكمل إصلاح الجدار وكأن شيئا لم يحدث.
قصة إسلام سمرقند
فض والي سمرقند رسالة الخليفة وقرأها ثم:
قال الشاب للكاهن: “سمعت وأطعت أمير المؤمنين، فإنه يأمرني بتعيين القاضي ليحكم في مظلمتكم، وسأفعل ذلك، وسنلتقي بعد يومين، فاذهب وأتي بالكهنة والقادة من قومك، ولهم منا الأما.
وبعد ذلك، أرسل القائد “قتيبة بن مسلم” طلبًا واجتمع الناس في مكان عقدت فيه المحاكمة، وحضر القاضي المسلم ونادى الحجاب على كبير الكهنة وتقدم، ثم نادى على قتيبة وتقدم وأوقفه بجوار خصمه، وأمر القاضي الكاهن بعرض مظلمته
فقد قال الكاهن: `هذا هو قائدكم، قتيبة بن مسلم، الذي دخل بلادنا دون سابق إنذار. وقد أعطيت جميع البلاد ثلاث خيارات: الإسلام أو الجزية أو الحرب. ونحن اخترنا الخداع`.
القاضي التفت إلى القائد قتيبة وسأله: “ماذا تقول في هذه الشكوى؟.
قال قتيبة: “الله أصلح القاضي، لكن الحرب خدعة، وهذه البلاد شديدة البأس وكانت عقبة أمام الفتح. وأدركت أن إذا قاتلنا، فسوف تجري دماء الجانبين كالأنهار، وهذه الخطة التي هداني الله إليها حمت المسلمين من الأذى الكبير وحققت لنا النصر على أعدائنا، نعم، فقد فاجأناهم ولكننا أنقذناهم وعرفناهم جمال الإسلا.
_ قال القاضي: أيها قتيبة، هل دعوتهم للاعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو الحرب
_ قال قتيبة: “لا لم أفعل”.
_ قال القاضي: يا قتيبة، لقد قررت وإذا اعترف المدعي علينا، فإن المحاكمة ستنتهي. ولم ينصر الله هذه الأمة إلا بالدين، ومن أهم مظاهر الدين الابتعاد عن الغدر وتحقيق العدل. ولم نخرج من بيوتنا إلا للجهاد في سبيل الله، ولم نخرج لنستولي على الأرض ونحتل البلدان ونتفوق فيها بغير حق.
_ ثم أصدر القاضي أعجب حكم في تاريخ البشرية وقال القاضي: صدر حكم بخروج جيوش المسلمين جميعًا من سمرقند خلال ثلاثة أيام بنفس الطريقة التي دخلوها بها، ويتم إعادة البلد إلى أهله ويتم إعطاؤهم الفرصة للاستعداد للقتال، ثم يتم تحذيرهم ويتم إعطاؤهم خيارين بين الإسلام أو دفع الجزية أو الحرب، وإذا اختاروا الحرب، فسيحاربون وفقًالشرع الله وسنة نبيه محمد.
كان هناك دهشة لكل من سمع القصة ثم أمرهم القاضي بتنفيذ الحكم فوراً، وكان أهل سمرقند مندهشين من خروج الجنود والجيش والقائد كما أمرهم القاضي دون أي نقاش، وبالفعل بعد ثلاثة أيام كانت المدينة خالية من أي مسلم، اجتمع أهل سمرقند وقادتهم وجميع الكهنة وهم في وسط المدينة وهم لا يصدقون ما حدث ثم تداولوه بينهم وقالوا إن قضاء هذا فعله لهو العدل الطلق، وإن هذا الدين الذي يأمر أتباعه بمثل هذا إنه الدين الحق ثم أسلم جميع أهل سمرقند وتم تحقيق حكم واحد في القضاء الإسلامي العادل ما عجز أكبر الفتوحات عن تحقيقه.