القيم الأخلاقية لرياض الأطفال
مفهوم القيم التربوية والأخلاقية
تعرف القيم بأنها معيار اجتماعي يتم تطويره من قبل المجتمع ويظهر على أفعال الفرد، وسواء كانت هذه الأفعال مقبولة أو مرفوضة، فهي تعكس المعتقدات التي يحملها الفرد تجاه الأشياء والمفاهيم والأنشطة المختلفة، وتوجه رغباته واتجاهاته نحوها، وتحدد السلوك المقبول والمرفوض والصحيح والخاطئ، وتتميز بالثبات النسبي. وتعرف القيم بشكل إجرائي على أنها مجموعة من الأفكار والتعليمات والإرشادات التي توجه إلى الأطفال من المعلمين بخصوص موضوع ما لتعليمهم سلوكا متفقا عليه بين الأطفال.
التربية الأخلاقية تعني تأهيل الأفراد لتبني القيم التي تحترمها المجتمعات، سواء كانت اجتماعية أو دينية أو فكرية أو مهنية، وممارسة السلوكيات الصحيحة وتجنب السلوكيات الخاطئة، حيث لا يمكن للأشخاص القيام بالسلوكيات الغير سليمة وفقا للمبادئ والقواعد المجتمعية، وإذا قاموا بذلك فسيتعرضون للعقوبات الاجتماعية أو القانونية، ويتم تعليم الأطفال السلوكيات الصحيحة ضمن العادات والتقاليد الاجتماعية المتعارف عليها في المجتمع، ويعد هذا جزءا من تعاليم الدين.
أهم القيم التي يجب غرسها في الطفل
يجب غرس مجموعة من القيم الأخلاقية في الأطفال من سن مبكرة، حتى ينشأ جيل قادر على القيادة والإبداع، ونشر الخير والعلم، والتقيد بالمبادئ الإنسانية السليمة، ورفض العنف والكراهية والعنصرية والتنمر والتحقير للآخرين، ويجب أن تبدأ رياض الأطفال في سن الثلاث سنوات حتى سن الالتحاق بالمدرسة الابتدائية. ويجب فهم الفرق بين القيم والمبادئ والمعتقدات، وأهم القيم التي يجب غرسها في الأطفال تتضمن:
- الصدق
يجب غرس قيمة الصدق في نفوس الأطفال منذ الصغر، حيث إن من شاب على شيء شاب عليه، والصدق هو أعظم القيم والسلوكيات على الإطلاق، ويتم تعليم الصدق من خلال ممارسته بشكل دائم، ولا يجوز للآباء والمعلمين الكذب في هذه المرحلة، حيث يتعلم الطفل من الأفعال أكثر من الأقوال، ويجب التأكيد على أهمية الصدق من خلال الاستشهاد بالقرآن والسنة.
- المسؤولية
المسؤولية هي قيمة يجب ألا نهملها أبدا. عندما تترسخ المسؤولية في نفوس الأطفال منذ صغرهم، يكونون قادرين فيما بعد على مواجهة جميع التحديات وتحمل العواقب بمفردهم. على العكس، الأطفال الذين لا يعتادون على تحمل المسؤولية، يعتمدون بشكل مستمر على المساعدة من والديهم ومحيطهم. يجب أيضا معرفة فروع المسؤولية، وهي المسؤولية تجاه الذات والآخرين والمجتمع. فقط الشخص المسؤول هو الذي يمكن الاعتماد عليه والثقة به.
- الأمانة
يجب غرس قيمة الأمانة في نفوس الأطفال منذ الصغر؛ حيث تتجسد الأمانة في التعفف عن استغلال مال الآخرين وغيرها من الأشياء التي يتم تكليف الإنسان بحفظها لأصحابها. وفي سورة الأنفال آية 27، يقول الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا، لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون”. وتتفرع قيمة الأمانة إلى العديد من الجوانب، كالمسؤولية التي يتحملها الإنسان تجاه رعيته وأولاده، إذ يقول الرسول الكريم: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”. وتشمل الأمانة الموضوعات المختلفة مثل البيع والعمل وحفظ الجوارح والأسرار والعبادة والودائع، ويجب أن يتعلم الأطفال كل هذه القيم بطرق بسيطة في سن صغيرة حتى يصبحوا قادرين على تحمل الأمانة فيما بعد.
- المبادئ
يخرج كل طفل من بيته محمل بمجموعة من القيم والعادات، ثم يكتسب من المرحلة التعليمية قيم أخرى ويظل هكذا، ويقصد بالمبادئ هي الأمور التي يعتاد عليها الأشخاص ولا يمكنهم تغيرها ولا العزف عنها، فكل شخص لديه عادات ومبادئ اكتسبها في الأسرة تظل معه عمر كامل ولا تتغير إلا بصعوبة بالغة.
- الاحترام
يجب على كل شخص أن يتعامل مع الآخرين بالاحترام، وأن يحترم عقائدهم وعاداتهم وتقاليدهم وعقولهم وأفكارهم وطموحاتهم، ولا يجوز لأي شخص تجاوز فكر الآخر أو أي شيء يخصه، فالدين يدعو إلى الاحترام والإنسانية تؤكد عليه، والله حرم السخرية من الآخرين أو التقليل من قدرهم، ويجب تكريم الإنسان واحترامه.
- الصبر
يجب التركيز على تعليم الأطفال الصبر والتحمل، فإذا تم تلبية جميع رغبات الأطفال، فإنهم سيصبحون متعجلين وغير صبورين في المستقبل. لذلك، يجب على الأسرة والمعلمين زرع الصبر في الأطفال من خلال عدم تلبية رغباتهم مباشرة، ومن خلال القصص وتطبيق الأفكار التي تدعم الصبر ومتابعة التقدم في تعلم الصبر.
- البر
بر الوالدين هو من القيم الأساسية التي يجب تعلمها، ويشمل الإظهار الدائم للحب والود والبر والاحترام للوالدين، ومساعدتهم والإحسان إليهم وتقديم الخير الدائم لهم، وذلك لأن الله تعالى أمرنا بالبر والإحسان للوالدين وتقديم المساعدة لهم دائما.
- التسامح
يعني التسامح الصفح والعفو الجميل عن الآخرين، وبالتالي، فإن المجتمعات التي تتسامح ترتقي والأمم تنهض، لأن الله يحب القلوب المتسامحة التي لا تحمل الضغينة والكراهية، وتتسامح وتحافظ على المحبة من أجل الاعتصام بحبل الوحدة، لذلك يتعين تعليم الأطفال التسامح مع الإخوة والأصدقاء ومع الآخرين.
- الحب
يعد الحب أعظم القيم الإنسانية التي ينبغي أن يمارسها الإنسان في كل يوم وكل دقيقة من عمره، حيث يساعد الحب على نمو الأمم والتعاون والتسامح، ويمثل عطاء لا ينتهي خاصة إذا كان صادقا بلا مقابل، لذلك يجب تعليم الأطفال دائما ليحبوا الآخرين ويتبادلوا الود وينبذوا الكراهية والعنف.
- الشجاعة
يجب أن يواجه الطفل التحديات البسيطة ليتعلم الشجاعة، ويجب أن يتيح له تجربة أشياء جديدة بتوفير الحماية والأمان له، ليتعلم كيفية مواجهة التحديات بقوة، ولا يمكن للطفل الجبان أن يصبح رجلا يوما ما.
- العدل
العدل هو أساس الحياة المجتمعية الصحيحة، فلا قيمة للحياة بدون عدل، لذا يجب غرس العدل في نفوس الأطفال، وإذا رأى الطفل أبا أو معلما يتعامل بالمساواة والعدل مع الآخرين من حوله، فبالتأكيد سيتعلم العدل كما ينبغي، ويجب دائما التحدث عن القيم الصحيحة لتعليم الطفل هذه الأمور.
كيفية غرس القيم عند الأطفال
لا ينبغي أن نلقن الأطفال دائما ولا نفرض عليهم ما يجب فعله بشكل دائم، لأنهم لا يستجيبون لجميع التعليمات بهذه الطريقة. هناك طرق أخرى لتعزيز القيم براحة وإيجاد تأثير طويل الأمد، لا يقتصر على موقف أو ساعات قليلة. تعتبر التلقين والإملاء أحد الطرق التي يمل الأطفال منها ويشعرون بالملل تجاهها ويتصرفون بعناد شديد تجاهها. هناك أساليب سليمة لتعزيز القيم
- تعطي الأمثلة الحسنة للأبوين والمعلمين والأشخاص المحيطين، حيث يقلد الطفل كل سلوك يحدث حوله في هذه المرحلة.
- يتم التشجيع الدائم على القيام بالأفعال الصحيحة التي تحمل القيم الإيجابية.
- يعد الاعتذار للطفل عند ارتكاب خطأ شيء جيد لتعليم الصلاح والتواضع والتسامح في نفس الوقت، ولا ينبغي للشخص أن يتكبر عند الاعتذار للطفل أبدًا.
- يمكن استغلال المواقف اليومية للحديث عن مشكلة أو قيمة معينة، لتعليم الطفل من خلالها، وهي طريقة مثالية ومناسبةللبدء في الحديث مباشرة.
- تخصيص وقت للحديث عن القيم الدينية والمبادئ التي ينص عليها القرآن والسنة.
- مشاركة التجارب مع الأطفال.
- مساءلة الطفل على خطأه لكي لا يكرره مجددا.
- يمكن مشاركة الأنشطة مع الأطفال وتشجيعهم على التعاون مع أصدقائهم ورفاقهم لتحقيق أمور جيدة.
- دع الطفل يتعرض للتجارب والتحديات مع توفير الأمان الكامل لهم.
- يجب مراقبة كل ما يمكن للطفل رؤيته في التلفزيون وعلى الإنترنت.
- تعبير الامتنان لما يقوم به الأطفال.
- ينبغي التواصل المستمر مع الطفل وجعله يشعر بالراحة والثقة في الحديث عن أي موقف أو تجربة يمر بها.
- يمكن استخدام الأساليب المشوقة لغرس القيم بطريقة سهلة.
- خلق روح المنافسة بين الطفل ورفاقه.
- يمكن للطفل التعلم من خلال الرحلات عن قوانين الحياة والنظام والاعتماد على النفس.
- يتضمن تربية الطفل إعطائه القيمة والتقدير الدائم وشكره وأخذ رأيه في جميع الأمور التي تناسب مرحلته العمرية.
- تشجيع مشاركة الطفل في إيجاد حلول للمشكلات.