فضل التبرع بالاعضاء .. وهل هو صدقة جارية ؟ “
فضل التبرع بالاعضاء
مما لا شك فيه أن التبرع بالأعضاء من أهم وأنبل القرارات التي يمكن أن يتخذها الإنسان، لما له من دور كبير في إنقاذ حياة الكثيرين ممن يحتاجون إلى عملية زرع، ويعتبر زرع الأعضاء أيضًا أحد أهم التطورات الطبية الحديثة، ومع ذلك، هناك فجوة كبيرة بين عدد المرات التي تتطلب زراعة الأعضاء وعدد المتبرعين بالأعضاء.
تتم معظم عمليات زراعة الأعضاء عن طريق توفير الأعضاء من المتوفى، بالإضافة إلى إمكانية التبرع بعضو أو جزء منه في حياتهم، ولعل أكبر فائدة للتبرع بالأعضاء هو معرفة أنه سينقذ حياة شخص ما، وأن هذه الحياة قد تخص شخصًا مقربًا مثل الزوج أو الزوجة أو الأب أو الأم أو الصديق المقرب.
ويشير العلماء إلى أن فضل التبرع بالأعضاء هو أنه يعتبر أحد أهم أبواب تفريج الكرب والهم، والإحسان، وكذلك التعاون على الخير والبر، وأن الله يكون في عون العبد الذي يكون في عون إخوانه المسلمين، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم أن من يفرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فإن الله سيفرج عنه كربة من كرب يوم القيامة.
كما أجمع العلماء على أن التبرع بالأعضاء يعتبر صدقة جارية للمتبرع سواء كان على قيد الحياة أو متوفيًا، وينال ثوابها بإذن الله تعالى، واستند العلماء إلى معنى الآية الكريمة أن من ساعد على نجاة إنسان من الموت كمن أحيا الناس جميعاً، وهذا ينطبق على التبرع بالأعضاء لما له من فضل كبير ومعاني سامية وأمل في إعادة الحياة لمن يعانون من تلف العضو النهائي.
تعريف التبرع بالأعضاء
يعرف التبرع بالأعضاء على أنه التبرع بأنسجة بيولوجية أو عضو بشري لشخص مصاب بعضو تالف ويحتاج إلى استبداله، ويمكن لأي شخص التبرع بالأعضاء وهو على قيد الحياة بشرط ألا يكون مصابًا بأي أمراض معدية أو خطيرة وأن يبلغ من العمر 21 عامًا، وأن تكون حالته متوافقة مع نفس الحالة التي يفحصها الطبيب المختص، ويمكن للشخص الحي أن يتبرع بجزء من الكبد أو الرئتين أو الأنسجة أو إحدى الكليتين باعتبارها من الأعضاء التي يمكن أن يتبرع بها الأحياء.
وبالنسبة للأشخاص الذين تم الإعلان عن موت أدمغتهم، يمكن التبرع بالأعضاء لإنقاذ حياة الشخص أو أشخاص عن طريق التبرع بأي من أعضائهم مثل الكلى والبنكرياس والكبد والرئتين والقلب والأمعاء، ويمكن للمتبرعين المتوفين بالطبع التبرع بالعظام والجلد وصمامات القلب والأوردة والقرنيات بعد التأكد خلال حياتهم من أنهم متبرعون عن طريق تسجيلهم في سجل المتبرعين. كما يمكن لعائلتهم أيضًا ممارسة حقها في اختيار التبرع بأعضاء المتوفى.
لا يوجد عمر معين للتبرع بالأعضاء، ويجب ملاحظة أن الأطفال يحتاجون أيضًا إلى زراعة الأعضاء، وغالبًاما يحتاجون إلى أعضاء أصغر حجمًا لتناسب أجسامهم الصغيرة.
حكم التبرع بالأعضاء
قد يعارض العديد من الأشخاص فكرة التبرع بالأعضاء بسبب اعتبارها مخالفة للدين، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك تماما، فجميع المراجع الدينية وافقت على إمكانية التبرع وتعتبره حرية شخصية. كما يدعون إلى توفير المعلومات الصحيحة ونشر الوعي بالاحترام للمتبرع والمتلقي، فهذا أمر إنساني أساسي قبل كل شيء. إنها واجب إنساني لإنقاذ حياة الإنسان وإعطائه الأمل في الحياة، خاصة أن جميع الأديان السماوية تدعو إلى الرحمة ومساعدة الآخر عند الحاجة.
إذا كان العضو من الأمور التي تعتمد عليها حياة المتبرع، مثل القلب والرأس ونحوهما، فلا يحق للشخص التبرع به، لأن ذلك يعتبر انتحارا وإلقاء النفس في الهلاك، وهو ما حظرته الأديان السماوية شرعا. وبالمثل، إذا كان التبرع قد يؤدي إلى فقدان وظيفة هامة في الجسم، مثل التبرع باليدين أو الساقين، فإن ذلك يؤدي إلى عدم قدرة الشخص على كسب الرزق وأداء الواجب.
في حالة تبرع الأعضاء قد يؤدي إلى تشويه تكوين المتبرع أو إزالة عضو للتخلص من ضرر مماثل لشخص آخر، مثل تبرع باليد أو القرنية من شخص سليم إلى شخص آخر يحتاجها، فلا يجوز هنا التبرع بسبب عدم توفر حالة الاضطرار عند المتبرع.
فيما يتعلق بالعضو الذي لم يضر نقله بين المالكين أو الأشخاص، وتم الحصول على الفائدة والمصلحة منه للمشتري والضرورة لذلك، فلا مانع من التبرع في هذه الحالة. ويتعلق الأمر بالإحسان والصدقة وفعل الخير.
وفي حالة التبرع بأحد أعضاء الجسم بعد الموت، فمن الراجح في الشريعة الإسلام ية جوازه، لما به من مصالح ونفع للأحياء، حيث أن الإسلام يراعي مصالح الأحياء أكثر من حرمة الموت، ومن هنا كان اهتمام الأحياء بنقل الأعضاء من الموتى إلى المرضى المحتاجين، الذين تعتمد حياتهم عليها، أو شفاءهم من الأمراض المستعصية.
أنواع التبرع بالأعضاء
تختلف عمليات التبرع بالأعضاء باختلاف حالة المتبرع، حيث يوجد نوعان من التبرع بالأعضاء يتضمنان إزالة أعضاء من الجثة، أي أعضاء من شخص متوفي في الأصل أو أشخاص لديهم بطاقة التبرع، ومن النوع الثاني التبرع من شخص حي يرغب في التبرع بأحد أعضائه، ويتم وصف أنواع التبرع بالأعضاء على النحو التالي:
التبرع من شخص متوفي
في حالة وفاة المتبرع، يقوم الأطباء بتقييم مدى ملاءمة الأعضاء بناءً على سبب الوفاة والتاريخ الطبي والسرعة التي يمكن بها إزالة الأعضاء، وعادة ما يكون نجاح زراعة الأعضاء في غضون ساعات فقط بعد الوفاة لضمان وجود العضو قدر الإمكان، ويجب أيضًا الحصول على موافقة عائلة المتوفي.
التبرع بالأعضاء الحية
يتم التبرع بالأعضاء الحية من قبل فرد حي حيث يتخذ المتبرع الحي قرارًا واعيًا بالتبرع بأحد أعضائه، مثل الكلية، على أساس استمرار عمل العضو المتبقي، والتبرع بالكلى الحية على وجه الخصوص بات أسهل وأكثر شيوعًا في السنوات الأخيرة، ويتم التبرع بكلية حية في أربع خطوات رئيسية، وهي:
- أولاً: يقوم الطبيب المتخصص بمقارنة حالة المتبرعين الأحياء مع حالة المتلقي، مما يساعد على العثور على تطابق تام.
- ثانيًا: يتم إجراء العملية من خلال جراحة التنظير، التي تقلل من تدخل المتبرع إلى أدنى حد، بالإضافة إلى شق صغير وعدد من الثقوب البسيطة، حيث يكون التعافي سريع وعادة ما يستغرق ليلتين فقط في المستشفى، ولا يوجد هناك حاجة بعد التعافي إلى نظام غذائي أو دواء ويعود المتبرع بسرعة إلى الحياة الطبيعية.
- ثالثًا: تتضمن خدمات المشورة والنصائح حول الأدوية التي تسهل زراعة الأعضاء وتطمئن المتبرعين بأن التبرع بالأعضاء هو هدية تستحق العناء.
- رابعًا: تتحمل شركة التأمين كامل تكاليف عملية التبرع بالأعضاء الحية من البداية وحتى الشفاء التام.
إيجابيات وسلبيات التبرع بالأعضاء
قبل التبرع بالأعضاء، يجب على الشخص أن يكون على دراية كاملة بالمزايا والعيوب لهذه العملية، ويجب على المتلقي أن يفكر في أنه سيكون قادرًا على استعادة حياته الطبيعية بفضل هذه العملية، وتشمل هذه المزايا والعيوب ما يلي:
- الإيجابيات: ربما يكون أكبر فائدة للتبرع بالأعضاء هو معرفة أنه سيتم إنقاذ حياة شخص آخر، وأن هذا الشخص قد يكون قريبًا مثل الزوج أو الزوجة أو الأب أو الأم أو الصديق المقرب.
- السلبيات: يعد التبرع بالأعضاء عملية كبيرة وتنطوي جميع العمليات على العديد من المخاطر مثل النزيف أو العدوى أو جلطات الدم أو الحساسية أو تلف الأعضاء والأنسجة المجاورة، وعلى الرغم من أن المتبرع سيتم تخديره كمتبرع حي أثناء الجراحة، إلا أنه قد يشعر بالألم أثناء الشفاء، وسيختلف الألم وعدم الراحة اعتمادا على نوع الجراحة، وقد يكون لديهم ندوب واضحة ومستمرة من الجراحة.