موانع محبة الله للعبد
من موانع محبة الله تعالى عبداً
هناك مجموعة من الأخلاق التي يكرهها الله سبحانه وتعالى في العبد، وتتجلى هذه الأخلاق المكروهة في
-اللدد في الخصام
الاندساس في الخصام هو من سمات المنافقين، ووفقا للحافظ في كتاب “الفتح”، فإن الألد هو الخصم المستمر، وقد تم اشتقاق هذا الاسم من لديدي الوادي. وقد ذكر النووي في شرحه لكتاب مسلم: `أكثر الرجال الذين يكرههم الله هو الألد الخصم`، ويتم نطق “الألد” بفتح الخاء وكسر الصاد، وهو شخص متشاجر بشدة، واستمد هذا الاسم من لديدي الوادي، وهما جانباه؛ لأنه كلما استدل به على شيء في جانب، يأخذ في جانب آخر. أما “الخصم” فهو الشخص الماهر في الخصومة، والمذموم هو الخصومة بالباطل في رفع حق أو إثبات باطل. وقال العظيم آبادي: `وإذا خاصم فجر`، أي يميل عن الحق، وقال: `الباطل والكذب`. ووفقا لأهل اللغة، فإن أصل الفجور هو الانحراف عن القصد، ومن الأحاديث النبوية التي وردت عن هذه الصفة هي:
- عن عائشة – رضي الله عنها – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: `إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم`.
- عند عبد الله بن عمرو، قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : `هناك أربعة أمور، إذا وجدت في شخص فهو منافق صاف، وإذا وجدت فيه بعض الصفات فهو محتمل أن يكون منافقا حتى يتركها تماما، وهي: إذا أوكلت أتمنى خيانته، وإذا تكلم كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجرا`.
-مناقضة القول الفعل
يقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا، لماذا تقولون ما لا تفعلون؟ إن الله يكره أن تقولوا ما لا تفعلون. وقد قال الله تعالى: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص. وهنا ينكر الآية الأولى على الأشخاص الذين يتحدثون بلا تنفيذ، وتوضح الآية الثانية غضب الله واستنكاره لمن يتصف بهذه الصفة. أما الآية الثالثة، فتشير إلى موضوع القول والفعل وتظهر في سياق الجهاد في سبيل الله، وقد أوضح القرآن الكريم في عدة مواضع أن الآيتين المذكورتين تتعلقان بالجهاد وتشجيعه.
-كره لقاء الله عند الموت
المقصود بلقاء الله هو الوصول إلى الدار الآخرة، بالإضافة إلى طلب الخير من الله، وليس الغرض المتمثل في الموت نفسه. فالمسلم الذي يتخلى عن حب الدنيا وما فيها يحب لقاء الله، ومن يحب الدنيا ويعتبرها مأوى لا يرغب في لقاء الله سبحانه وتعالى لأنه يعلم بأنه سيصل إليه بالموت. وسبق أن قام ابن الأثير بتفسير لقاء الله بشكل غير الموت، وذلك بناء على قول الإمام أبو عبيدة القاسم بن سلام، حيث قال: “ليس لدي كراهية للموت ولا يزعجني، لأنه شيء لا يخلو منه أحد، ولكن المذموم هو إيثار الدنيا والتمسك بها، وعدم الرغبة في اللقاء بالله والدار الآخرة.” ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى عن أولئك الذين لا يرجون لقاءه: “إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها” (سورة يونس، الآية ٧). وقد أوضح بعض العلماء أن محبة العبد للقاء الله تتجلى في إيثار الآخرة على الدنيا، ولذلك يجب على المسلم أن لا يفضل البقاء في الحياة الدنيا، بل يجب أن يستعد لمغادرتها في أي لحظة.
في الصحيحين، أحدهما عن عبادة بن الصامت والآخر عن عائشة – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: `من أحب مقابلة الله، أحب الله مقابلته، ومن كره مقابلة الله، كره الله مقابلته`، قالت عائشة – أو بعض أزواجه – صلى الله عليه وسلم -: إنا لا نحب الموت، قال: `ليس هذا صحيحا، بل عندما يقترب المؤمن من الموت، يبشر برضا الله وكرامته، فلا يكون هناك شيء أحب إليه مما هو أمامه، فيحب مقابلة الله ويحبه الله مقابلته، وأما الكافر فإذا اقترب من الموت، يبشر بعذاب الله وعقوبته، فلا يكون هناك شيء أكره إليه مما هو أمامه، فيكره مقابلة الله ويكرهه الله مقابلته`.
-الاشتغال والتخلق بسفساف الأمور والأخلاق
المقصود هنا بكلمة سفساف هو بمعنى رديئها، فقد أوضح ابن عبد السلام أن هناك ضربان من الصفات الإلهية
- الضربة الأولى تتعلق بالأبدية والاستغناء عن الكون.
- التخلق الثاني يمكن أن يكون من نوعين، الأول منهما هو محرم مثل الكبرياء، والثاني هو جائز شرعا مثل الحلم والحياء والوفاء والكرم.
قال – صلى الله عليه وسلم -: الله جميل ويحب الجمال، ويحب الأخلاق الحميدة ويكره السوء فيها. وقال: الله يحب الأمور الحميدة والشرفاء، ويكره الأمور الرديئة.
-الفحش والتفحش
الفحش والفحشاء هما من الأمور القبيحة في القول والعلم، ويُعتبر المتفحش الذي يتلكأ في سب الناس ويتعمد ذلك فاحشاً، ويشمل مصطلح الفاحشة كل خصلة قبيحة، سواء كانت في الأقوال أو الأفعال، وتوجد العديد من الأحاديث النبوية التي تنبه إلى الفحش والتفحش
- عَنْ عُبَيْدِ الله قَالَ: رأيت أسامة يصلي عند قبر النبي محمد – صلى الله عليه وسلم -، فخرج مروان بن الحكم، فقال: هل تصلي عند قبره؟ فأجاب أسامة: إني أحبه، فقال له مروان كلاما بشعا ثم انصرف، وعندما ذهب أسامة قال لمروان: إنك آذيتني، وإني سمعت النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – يقول: “إن الله يبغض المتفحش الفاحش”، وأنت فاحش ومتفحش.
- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: `احذر الفحش، فإن الله يبغض المفتوح الذي يتكلم بشكل فاحش`.
- روت أم الدرداء عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “ما شيء أثقل من ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض المسفح البذيء“.
أسباب محبة الله للعبد مع الدليل
إن من الأسباب التي تجلب محبة الله للعبد هي:
- إخلاص القصد لله في العبادة.
- مواصلة الصلوات الخمس.
- الإنفاق في مرضاة الله.
- ملازمة مجالس العلم والإيمان.
- الإحسان.
- يتضمن الصبر والإيمان بالقضاء والقدر، بالإضافة إلى الاحتساب على الأقدار المؤلمة، الوصول إلى درجة الرضا بما كتبه الله سبحانه وتعالى.
- ذكر الله باستمرار طوال الليل وأطراف النهار.
- تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه.
- العمل الصالح.
ورد في صحيح البخاري دليل من السنة النبوية الشريفة على أسباب محبة الله للعبد، حيث قال أبو هريرة، رضي الله عنه: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإذا طلب مني شيء لأعطينه، وإذا استعاذني لأعيذنه.
مراتب محبة الله
يتمتع المؤمنون بثلاثة مراتب في حب الله سبحانه وتعالى وتظهر هذه المراتب في:
- المرتبة الأولى التي يكون فيها الحب متكاملا لله تعالى ويتجلى في امتثال السنن والواجبات والابتعاد عن المحرمات، وهذه المرتبة محجوزة للأنبياء.
- هو المقتصد في محبة الله والذي ينتهج الواجبات ويبتعد عن المحرمات، وفي هذه المرتبة يكون الكثير من الصالحين.
- المرتبة الثالثة هي تلك التي يكون فيها نقص في محبة الله، مما يؤدي إلى القصور في القيام بالواجبات والتسرع في ارتكاب المعاصي، وهذه حالة أهل الغفلة والهوى.
علامات محبة الله للعبد
هناك علامات تدل على محبة الله للعبد وتتجلى في بعض الأمور
- توفيقه إياه لطاعة الله سبحانه وتعالى.
- يساعده الله سبحانه وتعالى على الابتعاد عن المعصية.
- إجابة الدعاء.
- تثبيته عند الابتلاءات.
- يحمي الله سبحانه وتعالى من فتن الدنيا، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: `إذا أحب الله عبداً حماه الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه الماء`.
- من العلامات أن يتبع المسلم سنة رسولنا الكريم، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: `إن كنتم تحبون الله فاتبعوني، يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، والله غفور رحيم`.